هل رغبةُ الأُمّ برؤيةِ اولادِها قَبلَ الموتِ طلبٌ غالي الثمن ..؟
بصر آيرس كان مشوشاً للغاية ... كلُّ ما تشعر به هو اهتزازُ العربة من تحتِها و اصواتُ صهيل الأحصنة غير الواضحة تماماً ..
كانت محبوسة في زنزانة متنقلة مغطاة بقماش سميك يحجبُ الضوء من الدخول ... و هي لا تعلم ما اذا كان الظلام حولها نتيجة انعدام الإضاءة ام انّها فقط تُغلق عيونها دون وعي ..
جفاف فمها و جسدها لم يكن يُساعد .. اخر مرّة شربت الماء كانت بعد خروجهم من تلك الكهوف و لا تعلم كم مضى بالضبط .. هم يرتحلون دون توقف ..جسدُها لم يعد يحتمل قلّة التغذية و الجفاف .. هل هي رهينة بخسة ام انّ موتها البطيء ما يبغيه هؤلاء الهمج ؟
لماذا هي فجأةً بدأت تشعر بالحنين ..؟ لِمَ قلبُها يخفق بشدة كأنّها تمر بنوبة هلع من شيء غير موجود .؟من اين انسابت دموعها لتهطل على ارض العربة الخشبية القاسية على جلدِها ؟ هي شعرت بالحرارة تُحرق وجنتيها و عيونها اثناء انهمار عبراتها ...
النوم على ارضية باردة ، التجويع و الضمأ .. السلاسل التي تُحيط معصميها و اقدامها الحافية ... كانت تعيش رُعب المذلّة بعد العز ..هذه الحالة اعادت اياماً بشعة .. ذكّرتها برعبِ الإحتلال حينما أخذوها اسيرةً و قتلوا أهلها ... حينَ اخرجوها من القصر مع الخادمات مقيدةً بالسلاسل و كل ما لاحَ بصرها كان النيران التي تُحرق كلَّ ما امامها و الجُثث المكدسة التي تعود لبني شعبِها ..
لقد كانوا مُحقّين .. هي باعت نفسها للرجل الذي نهبَ ديارها و قتل أهلها ، هي حملت بأولاده و انجبت منهم ستة ... هي سحقت على كرامة عائلتها و موطنِها من اجل ان تعيش ... فهل كانت محقة في اختيارها ؟
الألم الذي يحتل جسدها بسبب الجوع و القهر كان كبيراً .. تشعُر بعظامها تُدقُّ على جلدها و عضلاتُها تنبض كأنّ الدم في جسدها لا يكفي لتغذية كامل اوردتِها .. و هُناك شعور قاهر بالخدر في حنجرتها نتيجةً للجفاف ..
قدماها الحافيتان غطتهُما الأتربة و الاوساخ مع الدم الجاف الذي انزلق من تشقق كعبها .. و لسببٍ ما شريطُ ذكرياتها لا يتوقف عن مداهمة عقلها رغم التعب ..
أين زوجُها الذي كان يخاف على جلدِها من مُلاءات الحرير ...؟ اليس هذا مثيراً للسخرية ؟ كأنّ الحياة تقول لها انّها لا تستحق الرحمة او الكرامة ....
الآن تنساب ذكريات جميلة لعقلِها ... رُبما هي حقاً استمرت بالتمسك بتلك الأفكار البشعة بإرادتها الخاصة ، كانت دائماً تنهشُ نفسها لشعورها بالذنب لزواجها من الرجل الذي قتلَ اهلها .. دونَ ان تفكر انّ ما حصل كان امراً لا حيلة لها او لهُ فيه ..
أنت تقرأ
عروس الشيطان ~
Lãng mạnهِيَ مشاعرٌ توّقدتْ .. كدَمٍ من الخِضابِ يسيلْ قسوةُ حياة ، بَردٌ و زمهرير .. ثم نسيمُ جَوٍّ عليلْ .. أكتافٌ حُمِّلت من الأوزارِ ما هو عنيدٌ ثقيلْ .. صاحبهُا شكيمٌ .. قويٌ كَقِرضابٍ أصيلْ .. ••••••••••••••••• خلفَ الأقنعةِ توارى حَدُّ الحُسامْ .. و...