part 16

26 3 0
                                    

‹آدم›

أشعر أني وحيد.. وحيد للغاية.. أنا أخاف أن أبقى معي وحدي.. أنا تأثيري سيء علي، أنا أؤذيني .. أنا خائف، لست بخير.. أعلم أني أحبها، هي وحدها تجعلني أشعر بالأمان بالسلام.. وكأني جسم معتم يستمد نوره من طهارتها .. أنا منطفئ دونها. ولكن أنا خائف أن تكون معي أيضاً، عندما أرى ذلك البريق بعينيها أخاف أن أكون سبب انطفائه، لن أستطيع تحمل ذلك الذنب أبداً. كانت كل يوم تنظر لي بأمل وبريق في بداية اليوم وينطفئ بعينيها البريق كل ماء من الخذلان ولكن الغريب أن ذلك البريق كان يتجدد كل يوم وكأن بداخلها بحر أمل لا يجف، كان بداخلي شيء يخبرني أني أحتاج أن أجعل ذلك البريق دائما، ولكني كنت أعلم أني سأخذلها، فهذا ما أفعله دائماً.

______________

‹إيلين›

جلست في المقهى المعتاد... كنت أشرب فنجان قهوتي البارد، أتأمل الكرسي الفارغ الذي بجانبي تخيلت خيبتي تجلس بجابني وتسخر مني وهي تضع رجلا على رجل تشرب فنجان قهوة وتدردش معي عن كل خطأ ارتكبته منذ أن أخذت قلم إحدى زميلاتي بالفصل وكسرته لها .. حتى آدم.. خيبتي الكبيرة الرائعة.. هذا الرجل يدمر ثقتي بأنوثتي، ثقتي بذكائي، ثقتي بالبشر.. جعلني معقدة أعتقد، كيف يمكن لشخص أن يكون مريباً وغامضاً لهذا الحد ويوجد بنفس الوقت في عينيه ذلك الحنان المريب الذي يجعلني أذوب.. أنا أفقد عقلي حقا.. أغمضت عيني للحظات حتى أتأكد أن كل هذا ليس حقيقيا... أنا وحيدة هنا، أحتي قهوتي وأفكر فيما هو ليس معي، ما ذلك الحاجز الذي بيننا ؟ هل يحبني أم أنني أتوهم؟ ما هي إلا دقائق حتى وجدته يدخل من الباب، جلس مكان خيبتي، وكأنها علامة القدر أنه سيكون خيبتي الكبيرة.

بهدوء قال آدم:
القهوة ما هي إلا مصطلح منمق لتجرع الخيبة مع مرارة البن.
لم أستطع أن أمنع نفسي من الضحك، قد تلفت أعصابي.. كان يتأملني بهدوء وكأنه يعرف أنه يجلس مكان خيبتي أو يجد سببا مقنعا لضحكي غير المبرر.. كان يتأملني بتفاهم واقترب وضم رأسي لصدره وهو يقول: لا بأس، وتحول كل ضحكي المريب إلى بكاء بل نحيب ، بكيت كما لم أبك من قبل.. لم أهتم بالعالم من حولنا ولم يهتم هو سوى بأن يجعلني أهدأ وهو يهمس: «صغيرتي، كل شيء سيكون على ما يرام، أعدك».

أنا خائفة، هل يعلم أني أرتعش من خوفي وعشقي.. أنا أتألم ألما جعلني أشعر أني لم أتألم من قبل، وكأني لم أعاهد مثل ذلك الشعور أبدا.

هدأت، ولم أنطق بكلمة تبرر بكائي ولم يسألني هو، كأن كل ذلك لم يحدث.. بقي يتأملنا المحيطون بنا بتعجب، وكأنهم كانوا ينتظرون سبيا أو مبررا لبكاء تلك الفتاة بين ذراع ذلك الرجل، ولكنهم لم يجدوا سوى اثنين يشريان قهوتها بصمت كأن لم يحدث شيء منذ لحظات، كانوا ينظرون لنا من وقت لآخر بانتظار رؤية عتاب أو لوم، ولكنهم وجدوا حديثاً عادياً لا يعبر عن انهيار أو وجع أو فراق...

لم أكن أبدا تلك الأنثى التي تبكي وتنهار بسبب الحب ولكن ربما ما عاهدته من قبل ليس حبا، أو ربما فقط لأنها أول مرة أشعر أنني معلقة، بين السماء والأرض، أنني في المنتصف.. فأنا امرأة لا تحب منتصف الأشياء؛ إما الكمال أو الزوال.. أو ربما لأني أحبه كثيرا ولا أريد أن أفقده.. أو ربما كل تلك الأشياء، فأنا لست هشة الأنهار لواحد من تلك الأسباب فقط، أو ربما أنا هكذا.. لا أعلم، أنا أصبحت لا أعلم أي شيء سوى أنني أحبه وأنني أتألم.

***

ما لا نبوح بهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن