part 4

72 4 0
                                    

إيلين

أنا وحيدة، وحيدة جدا وأحب وحدتي .. أنا أستمتع بصحبتي. كانت الطائرة على وشك الهبوط أو ربما اقتربنا ، اقتربنا كثيراً وأنا اقتربت من الوصول أو التوهان ... لا أعلم، لكنني لن أنكر أنني أشعر بالحرية والحماس.

تعرفت على صديقة سابقاً في السفارة البريطانية ، "سام"

فتاة بريطانية مصرية ، من أب مصري وأم بريطانية ... في الخامسة والعشرين من عمرها والآن هي تنتظرني هناك ، أظن

سوف أنام قليلا ، ربما يمر الوقت .. ربما يمر كل شيء أيضاً

13:00

وصلت ، سأنزل من الطائرة الآن ، كل الناس تبدأ بالنزول من الطائرة إلا أنا جالسة ، لا أعلم هل أنا خائفة أم متمسكة بالكرسي الخاص بي في الطائرة لأن آخر شيء يتعلق بوطني هو شركة الطيران تلك، ترى لو بكيت وأخبرتهم أن يأخذوني لأمي سيسخرون مني؟.. لا أعلم ولكني خائفة

لا بأس إيلين، أنت قوية، قوية جدا .. فقط هيا تحركي، الآن أننا في مطار هيثرو، يبدو رائعاً عظيماً جداً في الواقع ... حولي العديد من الناس المختلفين تماماً عني، لا لغتهم لغني ولا عاداتهم عاداتي، ولكني سأتكيف معهم وسيتكيفون معي.. نحن مجبرون

الآن أرى شاباً لون شعره بني فاتح وأعتقد عيناه هما مفهموم آخر للبحر، حاملا لافتة عليها اسمي هذا أنا ولكن هو بالتأكيد ليس «سام».. وقفت أمامه أتأمله مثل البلهاء تارة وأتأمل اللافتة التي بيديه تارة.. وجدته يبتسم ويقول لي بلهجة بريطانية: لقد جعلتني سام ارى صورتك حتى اتعرف عليك حين اراك، ولكن انت اجمل بمراحل في الحقيقة.

ابتسمت وأخبرته أني سعيدة بمعرفته وسألته عن سام وقال لي طرأ لها عمل عاجل، وأنه صديقها واستغرب أني لم أسأله عن اسمه وأخبرته أني عادة أنسى أن أسأل الناس عن اسمهم فقال اسمي عمره

وعندما وجدني استغربت حدثني باللهجة الفلسطينية، وأخبرني أنه فلسطيني ولكنه يعيش هنا منذ سنوات عديدة، وتعرف على سام في مصر حين كان يقوم بسياحة

فرحت كثيراً لأن هذه المرة الأولى التي أقابل فيها شخصاً فلسطينياً . واستغرب أني لم أسافر أبدا وأتكلم الإنجليزية بطلاقة هكذا ، فابتسم وقال لي بلهجته الفلسطينية : (حمدالله ع سلامتك)
أخبرني أنه سيوصلني للبيت ، تحدثنا كثيراً ، وعندما كنا نصمت
كنت أتامل كل شيء هناء الناس ، المباني ، ملامح الناس ، ضحكتهم كل شيء هنا مختلف حقا كأننا في حقبة زمنية مختلفة وأخذني إلى البيت الذي استأجرته لي سام كان بيتا كبيرا بحديقة أمامية رائعة بها كل أنواع الورود التي أحبها ، في الواقع إن سام عملها هو بيع البيوت، ولكنها حقا جيدة، تجعلك تشعر بالسعادة وأنت تدفع الكثير من المال من أجل تفاصيل بسيطة مبهجة .. صرخت وأنا أتأمل الورد وعمر يضحك ويتأملني بصمت، جعلني أشعر أنني حمقاء ولكني لم أهتم ، حقا كنت سعيدة.

البيت كان مثل البيوت التي كنت أراها في الأفلام دائما، كنت أريد أن أصور كل شبر فيه وأجعل أمي تراه ....

دخلت لأتامله من الداخل ، كانت ألوانه متناسقة وأثاثه بسيطاً ومريحا ...

صعدت للطابق الثاني لأجد بابا مكتوبا عليه

( the best view)


وأعتقد أن سام تخبرني أن هذه الغرفة لديها الإطلالة الأفضل ... ابتسمت ودخلت لأجد سريراً لونه أبيض كبير ، ودولابا نفس لون السرير ، والغرفة بأكلمها زجاج والسقف باللون الأزرق وبه نجوم ، وهناك مكتبة كبيرة بها بعض الكتب، وعليها ملاحظة تقول : اعلم انك ربما احضرتي كتبك المفضله معك..

أحضر عمر حقائبي ، وأخبرني أن البيت رائع وشكرته كثيراً على كل شيء ، وأخبرني أنه يجب أن يذهب الآن، ولكن سنحتفل ليلاً أنا وهو وسام ، وهناك ملاحظة على الدولاب أو بداخله بالتأكيد تخبرك بها . وعندما ذهب وجدتني أرقص رقصتي السعيدة وأغني بصوت عال كما لم أفعل أبداً .

شعرت بالحرية وقررت أني أستحق حماماً لطيفاً ساخناً لأتخلص من بقايا الماضي ، وشغلت مزيكا بصوت عال وعندما خرجت من الحمام فتحت الشنط وقررت أني لن أبقى يومي الأول في البيت . ولكني سأكتشف المنطقة والناس .

عندما خرجت من البيت حاولت قدر الإمكان تذكر مكان المنزل فأنا سيئة بالتذكر ، دائماً ما كانت تنعتني أمي بـ  ذاكرة السمكة .. فابتسمت واستنشقت الهواء، حتى هنا الهواء مختلف ، نقي .. يجعلك تشعر أنك حي .. بقيت أتنزه حتى وجدت ، كافيه ، وقررت أن أشرب قهوة وإن كانت جيدة سيكون هذا مكاني المفضل بعد غرفتي الرائعة وسأهرب هنا كلما شعرت بالوحدة ..

***

ما لا نبوح بهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن