part 11

39 3 0
                                    

آدم:ليش،شنو الي تغير من البارحه لليوم؟
شوفي اني ما ادري شنو كلت البارحه، اني مجنت بوعي تمام، بس انت ميصير تروحين، قصدي تتركين الشغل.

إيلين:آدم اني مجايه استأذن منك، اني دا اكلك قراري

آدم: واني مرح اقبل الاستقاله.

يقترب آدم فلا أجد مهربا سوى أن أرجع للخلف، يقترب أكثر حتى يقفل باب المكتب ويقف أمامي وهو يقول بصوت هامس ولكنه يبدو أقوى من أي صوت سمعته في حياتي ((متروحين مارح اسمحلج))...عندما يقولها بهذا القرب وتلك النبرة أشعر وكأني لا استطيع الرحيل، لا أستطيع .

ليقطع نظراتنا خبط على الباب ليبتعد فجأة وتدخل فتاة في غاية الجمال مثل كل من في هذه الشركة وهي تقول: « آدم، لازم نحجي»

صمتنا ثلاثتنا من الموقف

ولكن قطع هذا الصمت آدم وهو يقول: «عدنا اجتماع، لازم تروحين هسه»

لتعتذر وتقول إنها لم تكن تعلم أن هناك اجتماعاً، لأستفهم أنا: اجتماع شنو؟

ليمسك بيدي ويخبرني أن أتبعه فقط، ثم ذهبنا إلى البحر ومشينا إلى الرمال، وأخبرني إما أن أخبره الحقيقة أو يرميني إلى البحر وبالطبع يعلم أني لا أجيد السباحة، ولكن هل أخبره أني أغرق يومياً في عينيه؛ فلن يفرق معي كثيراً إذا غرقت في البحر! هل أخبره أني أموت يومياً وما سيفعله سيكون مثل رصاصة الرحمة أو القتل الرحيم؟!
لم أستطع تحمل كل تلك الأفكار والاعترافات التي بداخلي وكأني فقدت السيطرة على نفسي، لم أجد إلا إني أجلس مكاني وأبكي...

أبكي كل شيء جلس بجواري وحاول تهدئتي وهو لا يعلم ما يبكيني

وقال بنبرة اعتذار جعلتني أضحك وأنا أبكي: أقسم لك إني لم أكن أنوي أن أغرقك أو أتركك للموت أبداً ثم يحنو صوته وهو يقول:
لم أكن لأفرط فيك...
بكيت أكثر فلم يسعه سوى أن يضمني لصدره.. شعرت بقلبه استنشقت رائحته وبكيت أكثر، وهمست وأنا أبكي «آدم أنا أتألم داخلي يحترق.. أموت...» ليقبل جبيني وكأنه يعتذر مني على ما لا يعرفه.. لا يعلم ماذا يفعل، لا يستطيع أن يسأل فأنا لست في حالة تسمح له بالسؤال أو تسمح لي بالجواب، ولكني أعلم أني سأضطر أن أوضح له أجلاً أم عاجلاً

ربما لا أستطيع الرحيل ولكني لا أستطيع البقاء أيضاً.. أنا أتمزق وكأني أقف في المنتصف المميت بين الرحيل والبقاء ويجذبني كل منهما وأنا أتمزق لأشلاء بينهما، ولكني من الخارج أبدو كأني في سلام وأقسم إن بداخلي حروباً أموت فيها يومياً .. لم أربح يوماً .

آدم


هلكت من البكاء الصغيرة إيلين كانت مثل الطفل التائه.. بكت كثيراً حتى غفت.. الآن هي على الرمل تسند رأسها على رجلي تتأمل الغروب وأنا أتأملها..دائماً يموت شيء ليحيا آخر، يموت جد ليولد طفل يموت نهار ليولد ليل وتموت الشمس لتبعث من جديد.. ويموت حب لتقابل عشقاً .. سحقا، أنا عشقت ربما!
فجأة تنظر لي.. تبدو مرهقة أو حزينة لا أعلم ربما الاثنين ولكنها لا تبدو بخير أبداً.. تبدو وكأنها تعاني ولكنها جميلة، جميلة جداً .. الجميلة البائسة

إيلين:تعرف إني ما احب الغروب، الغروب يعني اليوم يموت احس الشمس بتحتضر، والشعاع الأحمر اللي حواليها نزيف وكإنها تكول للكون كله احد يلحكني.. ومحد بإيده ينقذها.

آدم:بس لولا الغروب ماجنتي حتشوفي القمر والنجوم... بالعكس الغروب موت للشمس وحياة للقمر.. دايماً اكو حاجة حلوة بكل حاجة قبيحه .. بس تاخذين وقت لحد ما تكتشفيها

ابتسمت.. ونظرت لي طويلاً وعندما همت بالحديث قالت: «أنا جائعه»

خرجت مني ضحكة عفوية ربما لأني انتظرت منها إجابة فلسفية حول البعث وحركة الكواكب والموت وهي بمنتهى التلقائية ستجعلني أسألها الآن ماذا تريد أن تأكل وأين دائماً ما تجعل الأمور أكثر بساطة حين تكون على أعتاب التعقيد.. حركت رأسها من على رجلي فشعرت وكأن جزءاً مني قد بتر، شعرت بذلك الفراغ المفزع وكأني أفقدها، وجدتني أخبرها: «لا ترحلي، رجلي شعرت بالفراغ من عدم وجود رأسك، فقلبي سيموت من الدونك .. ابقي»

نظرت لي ببلاهة جعلتني أشعر أنها لم تفهم شيئاً ولا ما أعنيه أو ربما هي جيدة في ادعاء السذاجة

لأول مرة من فترة طويلة أشعر بالخوف ارتعبت من فكرة فقدانها. أنا لا أستطيع بدونها.

تأكل بشراهة.. تأكل وكأنها لم تبك منذ لحظات، وكأنها تنتقم بالأكل.. كيف يكون جسدها بتلك المثالية وتأكل هذه الكميات... ماذا تفعل تلك الفتاة ؟

أشعر وكأني أب يتأمل ملامح طفلته حركاتها الأولى بكاءها، ابتسامتها .. أشعر بتلك اللهفة والفرحة وأشعر إذا تنفست فقط أشعر بالفخر بها، لا أعلم ماذا بها عن غيرها، ولكن أعلم ما لديها مميز عن غيرها .. وهو قلبي
لن أدعها ترحل وإن صمتت لتاخذني معها، إلى أي مكان بالعالم

***

ما لا نبوح بهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن