part 6

52 4 0
                                    

كنت أخاف أن ينتهى ما بينا بإجابة ؛ ففضلت السكوت ، ولم يكن شخصاً يتحدث كثيراً .. كان معظم كلامنا صامتاً ، وأحببت ذلك ، احببته كثيراً .. كم هو رائع أن تجد من تصمت معه ويكون صمتاً ذا مغزى

جاء عمر وسام ليجدا آدم يشرب قهوته وكنت أنا أتأمل الكتب ومعي فنجان قهوتي ، شعرت بالخجل قليلا ولكن لا يهم الآن حقا، تعرفا إليه وشعرت بتوتر بين عمر وآدم لم أعلم سبيه ، سأله عمر عن ديانته وفرحت كثيراً أن أحد سال هذا السؤال عني ، ولكن جاوبه آدم أن دينه له ولربه وأنه لا يحب العنصرية ، وشعرت بالخجل لأجل عمر وشكرت الله أني لم أسأله ، ولكن كان هناك شيء بداخلي يخبرني إن كنت أنا سألته لم يكن ليحرجني بتلك الدرجة .

مر شهر الآن .. ألتقي بآدم كثيراً ، نشرب قهوتنا معاً ، لا أعلم ماذا أفعل أنا ؟، أنا هربت من حب قديم ومؤذ لآتي إلى هنا وأقع في عشق مستحيل ، ولكن أنا لا أعلم إن كان مستحيلاً أم لا ... لا أعلم وهذا ما يرهقني فأنا حتى ليس لدي فرصة الاختيار .. فقط أحب أن أراه ، وأحب أن أجعله يضحك ، أحب عينيه اللتين تشبهان البحر .. ربما هناك حب من أول نظرة وحب من أول كتاب !
الآن أنا يجب أن أبحث عن عمل ، فأنا طبيبة نفسية ، ولكني في البداية مستعدة لأن أعمل أي شيء ؛ فالمال لا يزرع على الشجر وحتى لو كان فأنا مزارعة رديئة حقاً ، لقد ذبل الزرع الذي وضعته سام عند شباكي ، ربما يجب أن نهتم بالشيء كي لا يذبل ويموت
جاءت سام وصرخت حين رأت الزرع وأكاد أجزم أن صوتها تحشرج وكانت ستبكي : حينها علمت أن الإنسانية تشمل الزرع أيضا ، وشعرت بتأنيب الضمير.

جاءت واكتشفت أنها وضعت عندي زجاجتين من النبيذ لتشربها هي عندما تأتي ، وكانت تسألني إن كنت بخير وإن كنت أحتاج أي شيء ... هي فتاة رائعة ، في قمة الجمال ، شقراء ذات جسد رشيق وعيناها تشبهان الزرع ، وربما لذلك تحبه كثيراً ... قلت لها إني أفكر أن أعمل ، قالت لي إنها ستبحث عن شيء مناسب لي .

لم يتصل بي آدم اليوم أبداً ، فشعرت بالفضول وسألتها :

(( ماذا لو ذهبنا الى المقهى لنشرب القهوة ونتحدث؟ )) .

كانت تعلم أني أريد أن أرى آدم ولكنها لم تتحدث، وجدته ولكنه كان جالسا مع فتاة، كانت تبكي أعتقد كان صامتا كعادته ولكن أعتقد أن صمته كان يقتلها، سام قالت:

ربما هي حبيبته السابقه ثم قالت بخبث او الحالية.
شعرت بنغز بقلبي حين قالت «الحالية».. حقا لم لا تكون الحالية فمن مجنون يقع بحب أحد بعد شهر واحد من مقابلته، ولكني كنت أحاول أن أجد له مبرراً بداخلي وأخبر نفسي أنه مجتمع متفتح ربما هي صديقته فقط.. لا أعلم ولكني أردت أن أرحل أتبخر...

أردت أن أضربه وأحضنها لتبكي بحريتها وتتألم، ولكن ليس أمام هذا الحجر، كنت أخاف منه ومما أشعر، ومن هذه الفتاة بحق الجحيم

لم أرحل حتى لا تشعر سام بشيء، ولكنها شعرت بكل شيء، رأت ذلك الحزن على وجهي، وربما كانت تقصد أن تنبهني أن ليس كل من هو لطيف، يحبني.. ولكن في بلدي، لا يكون لطيفا معك سوى من يحبك الناس هناك بمنتهى القسوة واللامبالاة، لا أحد بلطافة آدم
ولم ينظر لي أحد مثلا ينظر آدم إلا واعترف لي بحبه بعدها، لا أعلم

ربما حقا هناك فرق بين هنا وهناك. رآنا آدم، وربما كان يرانا منذ البداية وما زلت تلك الفتاة تبكي، وما زلت أريد أن أتبخر.. تركها ، نعم تركها تبكي وجاء ليجلس معنا.. لم أستوعب ذلك، شعرته أحمق وسخيفاً وقاسيا مثل الحجر، ولكنه اقترب مني وهمس قبل أن يجلس: "لا تتأثري، تلك دموع التماسيح، هي خائنة.
لم أعد أعلم هل أشعر بالسوء من أجله أم من أجلها، حتى وإن كانت خائنة، لا أعتقد أن أحدا يستحق أن يُعامل بهذا السوء. كان صوته حزينا، ولكن كأنه مجبر أن يبرر لي كل ما حدث بصمت كما يفعل دائما .. نظرت له سام بحزن ولكنه كان يبدو عليه أنه لا يريد أن ينظر له أحد نظرة الشفقة فقالت سام أن لديها عملا ويجب أن ترحل،

حاول هو تغيير الموضوع وسألني:

آدم:هل وجدت عملا؟

إيلين:لا ليس بعد.

آدم:هل هناك شيء معين في بالك؟

إيلين:لا اعلم، فقط اريد شيئا مناسبا حتى أستطيع ان افتح عيادتي الخاصة

آدم:حسنا، أخبريني ما رأيك بالعمل معي؟

ابتسمت لأن عملا معه يعني قضاء وقت أطول معه ومعرفة كل شيء عنه عن قرب فقلت:

يبدو رائعا اعتقد.

ابتسم هو وكأنه كان ينصب لي فخا ووقعت فيه أنا بمنتهى البساطة

وسألني:

هل تعلمين ما العمل الذي قبلته للتو؟

***

ما لا نبوح بهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن