الباب الخامس والعشرين: لقاء غير متوقع

13 2 4
                                    


- أكــســــم -

جلست على الأرض مباشرة وأتكأت على جدار الغرفة لارتاح بعدما أطلقت زفرة قصيرة، نظرت إلي رغد لثانية قبل أن تقوم بالجلوس بجانبي، علي الاعتراف أن رغد لم تشتكي من التنظيف ، ليس هذا من عاداتها ، لا أعلم لكن أشعر بشعور غريب ، هل هذا شعور الآباء عندما يرون أبناؤهم ينضجون ؟

قد كان المنزل الذي وجدناه مجرد اطلال، احتوى الطابق الأول على مساحة في منتصف البيت وغرفتين لكل من الشمال واليمين ، أخذت أنا ورغد الغرفة التي كانت يمينا بحكم أنها أكبر ، بينما تركنا لورد التي على اليسار، حسنا رغد شقيقتي ولست عجوزا ولا أنا أنوي أن استبق عمري واتصرف مثل كبار السن، لذلك وقفت بسرعة لتنظر إلي باستغراب وأنا أخرج خارج الغرفة حتى أقف عند عتبة الباب الخالية من أي شيء يسترها ، كنت أنظر إلى السماء الدموية والطريق الذي يوصل إلى المدينة التي بالأفق والذي كان خاليا من اي مبنى على ضفافه ، سوى بعض الجدران الحجرية المتهالكة هنا وهناك ، بعد لحظات انضمت إلي رغد بتعليق واحد قائلة:

"أنا جائعة"

ابتسمت تلقائيا لأنها أخيرا قامت بشيء عهدته ، لكنها زالت عن وجهي بسرعة أيضاً ، قد نسيت أمر الطعام بسبب أنني لم اجع بعد ، كان علي الإنتباه ، ذلك الوقت الذي قضيته عبدا عودني على العمل بلا طعام لوقت طويل ، لا بد أن رغد تتضور جوعاً الآن ، فتحت فمي لأجيبها لكن ظهور فتى على الطريق منعني من الاكمال، كان ورد...

وبيده أشياء ؟

"سيكون من الرائع لو أتيت وساعدتني بدل وقوفك هكذا!"

قالها وبالكاد خرج ذلك من فمه ، قد كان يحمل لوح خشب كبير وبعض الطعام!

هذا ورد الذي يفكر بكل شيء والذي اعتدت عليه أيضا، بغض النظر عن غضبه المصطنع بسبب أننا نظفنا البيت كله ولم ننظف غرفته لكنه بالتأكيد كان سعيداً بحياتنا الجديدة ، مضت الأيام ، قد بدأ ورد بالعمل لدى بعض الأشخاص في سوق المدينة بعد أن عرفنا عليه ، وجدت عملا لدى ورٌَاق يبدو لطيفاً ، وتفاجأت مجدداً من ثقة رغد بي وعدم طلبها أن تعمل معي ، أنا مدرك أنها أرادت ذلك لرغبة منها في المساعدة ، لكني لن أرضى بأن تغطي تقصيري من هذا الجانب، ففي النهاية أنا كنت السبب من البداية لما نحن عليه ، أدرك حقا كم ستغضب مني بعد أن تعرف ما أود فعله لكن هذا لمصلحتها .

قمت مع ورد بإغلاق الدَرَج الذي يؤدي إلي الطابق الثاني من أعلاه باستخدام بعض ألواح الخشب بعدما تعلمت ذلك عن طريق مراقبته وهو يركب الباب ، كان الدرج في غرفتنا مما تسبب بدخول الرياح الباردة لذلك اغلقناه من الأساس، لكن ومجددا رغد لم تشتكي منه قط...

كنا نجتمع في المساء في غرفة ورد نتبادل أطراف الحديث حول ما يحدث معنا أثناء اليوم، وأعلٌِم ورد القراءة والكتابة على الرغم من امتعاضه من ذلك ، وفور ملله يستغل الفرصة ليتحدث حول قصصه التي تحدث معه بالسوق، حسنا وأنا كثيرا ما أتناسى أمر التعليم كليا بإكمالي للحديث حول ما يحدث معنا نحن أيضاً عند النساخ ، صحيح أنني فقط من أعمل لكني لم ارتح لفكرة ترك رغد وحدها في البيت ، خصيصاً بعدما بدأت بالإحساس بشعور غريب لكنه بدا مألوفا في الفترات الأخيرة، كانت رغد تساعدني بين حين لآخر ولم يكن للرجل الذي أعمل عنده اي اعتراض ، بسبب ذلك أحيانا كنت أنهي أعمالي مبكراً واذهب لمساعدة ورد في أعماله لأكسب بعض المال ، أعني لا ضير ببعض المال الزائد خصيصاً لو اردت الإقدام وتنفيذ مافي عقلي ، ثم لا أنسى محاولة جعل الأنقاض التي نعيش فيها صالحة للسكن ، كما يقال يبدو أنني كنت مشغولا في الأيام الأخيرة...

ثورة إخوةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن