الباب الثاني والثلاثون: أول أوراق الخريف

8 2 4
                                    


- ثـائـــر -

«كثير من الأمور نظن أنها صعبت الإصلاح ، لكن لا يكون حلها إلا بسيطا»

أتذكر تلك النظرة المهيبة التي تخللت جسدي كالماء الساخن وهو يقول لي هذا..

«انضم لثورتنا يا ثائر ، واثبت نفسك لوالدك»

أتذكر حركت فمه البطيئة ونبرته المدوية هذا الآخر ترن في رأسي...

«قد طردتهما ، غادرا البلدة بالفعل!»

اتذكر صراخي على والدي وأنا أقول هذا...

كنت أمشي مترنحا كجريح يحاول النجاة من معركة ، ذكريات ، كان كل ما يملأ ذهني ، هل الجو مظلم بسبب الغيوم التي تلحف السماء أم بسبب تفكيري ، هل حقا أبي هنا ؟

لكنه كان المخطئ طوال الوقت!

أشعر بقدماي كأنهما رمل يتفتت كلما مشيت عليهما ، نظري مشوش ، حتى استحلت كلمتين كل ذاكرتي...

لما هاتان الكلمتان فقط ؟!

جرت قشعريرة في جسدي ، أود أن أراه..

أرى سبب حالتي هذه...

سبب مصائبي كلها..

لكن من هو ؟!

من يريد عقلي أن يرى؟

أهو أبي أم أكسم ؟

الاثنان كانا كالسوط على ظهري...

لكن تلك الكلمتين ومهما كان هدفي علمت أنها الطريق واحد في الحالتين ، كانتا عنوان منزل أكسم...

حيث أقف أمام عتبة باب لمنزل نائي عن المدينة ، كانت الرياح تنوح بشكل غريب...

كأنها تنعي شخصا قد مات...


- أكــســـم -

اعترف أنني بدأت أشعر بقليل من الوحدة بعد ذهاب رغد و ورد إلى المدرسة ، يبدأ دوام مدرستهما قبل بدء عملي ، لذلك يخرجا قبلي ، نعم قد ألقى ورد في السوق بعد نهاية المدرسة أثناء عمله وشقيقتي بعد أن أعود ، لكن تلك الفترة بين ذهابهما إلى مدرستهما وذهابي إلى العمل تصيبني بالوحدة...

جلست على سريري وأنا أنظر إلى السقف الداكن بسبب الماء ، بطريقة ما سيتعين علينا نحن الثلاثة إيجاد حل مع اقتراب الشتاء ، لا أظنه قد يصمد ، ثم إن الجو أصبح بارداً قد فكرت سابقآ بجلب مدفأة ، لكن يبدو أنه يجب أن اتعجل بذلك ، إلا حرفياً سنموت متجمدين!

فجأة صوت طرق باب!

وقفت بسرعة ، ظننته لأول وهلة صوت خشبة في مكان ما تصفعها الرياح ، لكن صوت الطرق المنتظم لسبب ما بث برودة جعلت شعر جسدي يرتعش ، ذهبت بهدوء إليه ، وقفت أمام الباب ثم وضعت أذني عليه كأنني اجس نبضه ، هناك شخص خلفه بالتأكيد ، الهواء بطريقة ما صار أثقل في الجهة المقابلة ، من قد يطرق باب لبيت نائي عن المدينة يبدو أنه شبه مهجور ؟

ثورة إخوةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن