"أصبحتُ أشعرُ بالألمِ يستولي على رأسي،
رُبما بدأت أدرك،
رُبما بدأت أصحو.
قلبي تحجرَ داخل صدري و عينايّ كالصخور في محاجرها.
لم أعد أستطيع التفرقة بين ما كان و ما انا عليه.
عُيونُ الردى تلتهمني كل ليلةٍ يا جونغكوك،
أرى البؤس يدور حولي كل يومٍ،
صَوتُ أزيز ماءٍ بمِرجَل
و صوتُ جُنودٍ في كتيبة
صوتُ فُرشاةٍ تخط بعنفٍ فوق لوحةٍ
و صوت قَلبي الذي لا يَمل"ألقى كلماته فوق ظلام غرفَتِه الدامس
يجلسُ برُكنِ غُرفتِه البيضاء الموحشة
يضُمُ قدميه لصدره يستشعر دِفئ بائس يُحاول خلقه.
يرى أطيافٌ تحومُ حوله رغمَ أنه لا يُبصرُ شيئًا بذلِكَ الظلام الأسود.
لم يَعد يرى ما يجعله يؤمن بأنه يستحق ان يُنقَذ
لم يَعد يرى من كان يشاركُه ايامًا طويلة سويًا
لم يعد يرى من جعله يؤمن بكونه جدير بالتضحية،
و للمرة الغير معدودة شعر تايهيونغ بالخيبة ،
شعر بالألَمِ و القهر
لما لا يستطيع فقط أن يزوره
لما لا يستطيعُ فقط ان يُحدثهُ كطيف كهؤلاء الأطياف الهائمة بغرفته الخاوية
لما لا يستطيع ان يُطمئنه مقتحمًا رأسه كتلك الأصوات الكثيرة.
رأسه يفتُك به
و قلبه مُتَقِدٌ بهلع
الوحدةُ تريه الويلات و تجعل جحيمه أكثرُ عذابًا.
يعي النظرات المثبتةِ نحوه من تلك النافذة المُربعة الموجودة بأعلى بابه الأبيض،
هو يمقُتُها في الواقع،
لما عليه ان يتحمل انتهاكِ خصوصيتهِ بتلك الطريقةِ المُزعجة لأنه يَرى شخصًا لا يروه هُم،
او بمعنىً أصح كان يرى شخصًا."يبدو أنه لم يَعُد يراه"
استنتج الطبيب يُونغي مبادلًا النظرات مع قرينه على باب غُرفة المريض المُتألِمُ بالداخل."و لكنه يزوره السُهدُ أكثر من النومِ الآن."
قال الطبيب الآخر متحسرًا بعينان تَلمع،
إنهُ صديقه على أي حال،
رغم أنه غفل عن حقيقة كون الآخر يفقدُ وعيه أغلبَ الوقتِ و لم يكُن أبدًا نومًا."عِندما يُشفى تمامًا سيحظى بِكُلِ الليالي الهانئة،
لا عليك."
ردَ يونغي مهونًا على الآخر،
يبدو أنه يعتنى بصحة شخصين و ليس واحدٍ فقط.
تبهِرُه سُرعة انقلاب وجه جيمين من الجامد للرقيق فور ذِكر تايهيونغ فوق مسامعه،
لا يبدو أبدًا بهذا التعاطف مع أي مريضٍ مرَ عليه أبدًا مهما كانت حالتُه سيئةً حَد جنون الهلاك،
لذا فذلك يعكسُ لَهُ مَدى تَعلُق جيمين بالآخر،
و كيف عليه أن يُحاولُ من أجل تلك النظرات المُنكسرة و الصوتِ الضعيف فور رؤية تايهيونغ يتألم.فُتِحَ البابُ مسبِبًا صَوتُ صَريرٍ عالٍ جعل القابع بزاوية الغُرفةٍ يَجفل،
نظرَ لذلك الطيف الأسود المُقترب منه نتيجة ظلام الغرفة الشديد.
هو لم يتحرك لإعتقاده بأنه ليسَ سوا من نسجِ خياله،
حتى شعر بوخزَةٍ شديدةٍ في ذراعه ليقع مُغشيًا عليه بعدما جحظت عيونه من ألم اختراقها لنسيجِ يده."لقَتلِ فتاتي أيُّها الفاسِق،
تعفَن في غُرفتكَ البائسةِ هذه حتى مَوتك."هَمس ذلك الصوتُ الأُنثوي بغيظٍ كفحيح أفعىٍ سامة قبل أن تسحب تلك الإبرة مغلقةً إياها مستقرة في جيب معطفها الأبيض.
"إنهُ يتحسنُ كثيرًا ألَحِظت؟"
سأل يُونجي بينما يرتشِفُ قهوةً مُرة بفنجانٍ أبيض،
ليجيبه القابعُ أمامه
"و لكن عيناهُ مُشتاقةٌ و قلبه عَليل،
ملامحُ البؤسِ التي تَسُكن وجهه تلك لم أرها مُنذ زَمنٍ بعيد،
هل كان ذلك الطيف حقًا شافيًا لهذا الحد؟"
تسائل مُشفقًا،
كُلُ ما كان يصبِّرُه على ذلك المرض و حالةِ تايهيونغ هو كَيفَ يبدو سعيدًا بذلكَ الطيفِ و كيفَ تنضح الألوان في وجهه بذِكره،
هو كان كالرؤى الحُلوة له،
يعلَمُ أنه مَرض و لكنه كان يجعل صديقه حَي
و لكن مازال عليه محاربته لكي يحرر تايهيونغ من هذا الأسر المُهلِك.
"حالته دومًا تسير على وتيرة مضطربة و يسوء فجأة بعدما يكون على مشارف الشفاء،
لا أريدُ أن اتمسكَ بأملٍ كاذب."
تنهد رافعًا رأسه يسنِدُها فوق الأريكة عندما لم يتلقى جوابًا من الذي امامه ،
يعلمُ أنه ليس عليه التفكير بتلك الطريقة العاطفية فهي ستقذف بتايهيونغ في الهاوية،
و هو يعي ذلك،
لذلك فهو كان شاكرًا لكون هُناكَ طبيبًا آخرَ مسؤول عن حالة تايهيونغ معه."رُبما سأذهبُ لغُرفتي فأنا مُتعب،
لم أنم مُنذُ ليلتين."
قال جيمين مُستقيمًا خالعًا معطف الطبيب الأبيض ذاك،
ليومئ لَه الآخر واضعًا ذلك الفنجانِ الفارغ فوق صحنهِ الصغير ليستقم معه.
"سأحضرُ المزيد من القهوة"
خرجا بذلك الرواق المُنير و عندَ منتصفه سمعا صوتَ باب الخروجِ من المبنى الرئيسي يُقفل،
اعتقدا انهما الوحيدين هنا،
فلا يوجد سواهما لهذا اليوم دون مصاحبة أيٍ من طاقم التمريض .
"هذا غريب."
قال جيمين ناظرًا للذي يحاذيه يخطواته.
ليوسع عيناه سريعًا مهرولًا ناحية السلالم متجهًا لغرفة مريضه،
لرُبما هَرب!
تبعه الآخر بعدما فهمَ ما رمى إليه عقله.
اقتحما الغرفة بهلع ليروا ذلك الجسد هامدٍ فوق الأرضية الباردة فاقدٌ لوعيه.نقطةُ الصِفر.
الشوط الذي قُطعَ كأنه لم يكن.
![](https://img.wattpad.com/cover/299320526-288-k765805.jpg)
أنت تقرأ
مُـعَـلَـقٌ
Fantasyرُبما لم يَكُن ُكل شَيء عَبثيّ، خَلفَ كُل شَيءٍ رِواية، كَمنحوتَة،مَعزوفَة،أو رُبما لَوحة! •كيم تَايهُيونغ و جِيون جُونغكوك. •رواية مُستقيمة. •ذات فصولٍ قصيرة. بَدَأَتْ:٢٣/يناير/٢٠٢٢ انْتَهَتْ: -