الفصل الرابع

16 2 0
                                    

عانقت فتاة ويليام بحرارة، ودموعها تنهمر كالشلال على وجنتيها المرتجفتين. بصوت ممزوج بالأسى والألم، قالت: "أنا آسفة... لم أعد أقوى على تحمل هذا العذاب، لم يعد بوسعي البقاء معك... أرجوك، سامحني... أرجوك

نظر إليها ويليام بذهول و حيرة، ثم قال : "ما معنى هذا؟! ولماذا تحملين سكينًا؟"

وفجأة، ارتفع صوت ميا، وكأنها تناديه من عالم آخر: "ويليام، ويليام!
استفاق ويليام من نومه، وهو يهمس لنفسه: "لقد كان حلمًا... ما زال هذا الكابوس المزعج يلاحقني.

نظرت إليه ميا بقلق وسألت: "هل أنت بخير؟
أجابها : "أنا بخير... لماذا تسألين؟
قالت ميا وقد شعرت بشيء خفي يتسلل من بين كلمات ويليام: "لا أدري، ولكنني شعرت أنك لست على ما يرام، أو أنك تحتاج إلى شيء... لا أعلم ما هو.
صمتت للحظة، ثم أضافت بتردد: "هل أزعجتك بدخولي إلى غرفتك دون إذن؟"
رد عليها ببرود : "فقط، لا تكرريها."
وقفت ميا للحظة، وقد بدا وكأنها تود قول شيء هام، لكن كلماتها حبستها الشفاه المترددة.
قال ويليام، مقطِّعًا الصمت: "اذهبي الآن... أريد أن أنام

في ظهيرة اليوم التالي، كان ويليام غارقًا في أفكاره داخل مختبره. جلس على مكتبه، وأخذ قلمًا بيده، يخط أهدافه على ورقة صفراء باهتة. خطَّ هدفه الأول: تطوير ترياق لتجديد الأطراف المبتورة، بحيث يكون تأثيره دائمًا، يعيد الأطراف في كل مرة تُبتر دون الحاجة لتناول الترياق في كل مرة
وضع القلم على الورقة، ثم استمر في الكتابة:
الهدف الثاني: إيجاد طريقة للخلود
توقف قليلًا عند الهدف الثالث، ورفع عينيه نحو السقف كأنه يبحث عن إجابة في فراغ الغرفة. تمتم ببطء: أما الهدف الثالث... أعتقد أنني أستطيع تحقيقه، لكن الثاني... يبدو ضربًا من المستحيل. أنا لست غبيًا لأصدق أنني قادر على تحقيقه

تنهد، وقد شعر بثقل التفكير يغمره. "لقد تعبت. أحتاج إلى استراحة مثل أي إنسان آخر

في ذلك المساء، وعلى مقربة من أبواب احدى المدارس، لفتت انتباهه فتاة شقراء، متوسطة الطول، ترتدي ملابسها بأناقة بسيطة. كانت تودع صديقتيها بابتسامة، وبدأت بالسير نحو مطعم صغير قريب. وقف ويليام في مكانه، يراقبها بصمت حتى رحلتا صديقتاها، ثم تبعها بخطوات هادئة، يحرص ألا تلتفت إليه
دخلت الفتاة المطعم، ويليام خلفها. جلس بهدوء في زاوية مظللة، واكتشف أن الفتاة تعمل نادلة هناك. اقتربت منه، تسأله عن طلبه، فأجاب: أريد المكرونة والسلطة
قبل أن تبتعد، رفع نظره نحوها وسأل: انتظري ما اسمكِ؟
ترددت للحظة ثم أجابت: إيمي

بإبتسامة قال ويليام: "اسمك جميل يا إيمي
ابتسمت ايمي بدورها و قالت "هذا لطف منك، شكرًا

مرت الأيام، وصار ويليام يزور المطعم بانتظام، ينتظر إيمي ويسأل عن حالها. وفي أحد الأيام، استقبلته بابتسامة عريضة: "لقد حفظت موعد مجيئك. الساعة الثالثة ظهراً، أليس كذلك؟ فما هو طلبك اليوم؟
أجاب ويليام، وهو يلاحظ أن المطعم كان شبه خالٍ من الزبائن: "أريد اللحم هذه المرة. وأرى أن المكان هادئ اليوم، هل بإمكانك الجلوس معي قليلاً إن لم يكن لديك عمل؟
أجابت إيمي بلطف: "بالتأكيد، كنت أود الحديث معك لفترة طويلة، لكنني لم أعرف كيف أبدأ
بعد لحظات، عادت بالطعام وجلست معه. أخرج ويليام من حقيبته وردة، وقدمها لها بابتسامة هادئة قال "هذه لكِ"
نظرت إليه بدهشة وسرور: "أهذه لي؟ شكرا لك، ويليام
تأمل وجهها للحظات وقال: "أخبريني عن نفسك أكثر
تنهدت قليلًا قبل أن تجيب: "أنا طالبة في المدرسة الثانوية، عمري 15 عامًا و لوني المفضل هو الأحمر
سألها ويليام : "لماذا تعملين هنا، إذا لم يكن السؤال مزعجاً؟

أخفضت عينيها وقالت بصوت خافت: "في الواقع، والدي توفي منذ سنوات، ووالدتي تعرضت لحادث مروع وأصبحت تعاني من شلل دماغي. لذلك، وجدت نفسي مجبرة على العمل. لدي أخت تكبرني بعامين، لكنها كسولة، دائمًا ما تتحجج لتجنب المسؤولية

نظر إليها ويليام و قال: "أنا آسف لسماع ذلك
ابتسمت بمرارة وقالت: "لا بأس، لقد اعتدت على الأمر.

ومع مرور الأيام، توثقت العلاقة بينهما، حتى أصبحا أصدقاء. وفي إحدى الأمسيات، بينما كانت المحادثة تدور بينهما كالعادة، نظر إليها ويليام بعمق وقال...

العالم ويليام و خوف الناسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن