دخلت ميا المستشفى تظاهرت بأنها زائرة عادية، لكن عيناها كانتا تمسحان المكان بحثًا عن شيء محدد، طفلين معاقين لا بد انهما يقبعان في أحد أركان هذا الصرح الطبي. وبينما كانت تتجول في الممرات، لفت انتباهها مقصف صغير يعج بالناس، فتوجهت إليه لتشتري بعض الحلوى
استغلت ميا الزحام والضجيج في المشفى، وانسلت في خفة بين الحشود، حتى وجدت نفسها أمام غرفة مغلقة، فتحت الباب بحذر ورصدت بعينيها طفلاً صغيراً يبدو معاقًا
يتسم بعين واحظة بُنية اللون و لامعة، وبشرة بيضاء ناصعة، يتوجها شعر أشقر كالذهب، ويتناثر على وجهه نمش دافئ يضفي عليه ملامحًا فريدة.تقدمت منه بخطوات وئيدة، وجلسَت على مقربةٍ منه، ثم سألته برقة عذبة: "مرحبًا أيها الصغير، ما اسمك؟"
أجابها الطفل، الذي بدا عليه البراءة مختلطة بالحزن: أدولف
ابتسمت ميا ابتسامة لطيفة، وقالت بصوت يشوبه الحنان: "اسمك جميل يا أدولف. هل تحدثني عن نفسك قليلاً؟بدأ أدولف يحكي عن حياته المليئة بالمآسي، عن إعاقته منذ ولادته و عن عدم قدرته على المشي، وعن فقدانه لإحدى عينيه في حادث مأساوي قبل يومين فقط. كانت كلماته ثقيلة، تحمل وجعًا أعمق من سنوات عمره. أخرجت ميا من جيبها مصاصة صغيرة، وقدمتها له بلطف، قائلة: "تعال معي، سأجعلك تتعافى
نظر إليها أدولف بدهشة بريئة، سائلًا بتردد: "هل أنتِ جادة؟أجابته ميا بثقة تمتلئ بغموض: "نعم، أعرف شخصًا بإمكانه إعادة عينك إليك وجعلك تمشي مجددًا. هل ترغب في القدوم معي؟
تردد أدولف للحظة، عينيه اللامعتين تمتلئان بالأمل والخوف معًا، ثم أومأ برأسه موافقًا: "نعم، سأذهب.
حملته ميا برفق بين ذراعيها، لكن قبل أن تتحرك، وقع بصرها على نافذة الغرفة المطلة على الخارج. فكرت في نفسها : هناك الكثير من الناس في الخارج، كيف سأقفز دون أن يراني أحد؟
في تلك اللحظة، فتح باب الغرفة فجأة ودخلت ممرضتان. و صرخت إحداهن: "من أنتِ؟ وماذا تفعلين هنا؟! اتركي الطفل فورًا!بدون تردد، وبسرعة تفوق الخيال، أشارت ميا بإصبعها نحو الممرضة الصارخة وهمست بصوت منخفض: "نامي" في لحظة، انهارت الممرضة على الأرض في نوم عميق، ما جعل الممرضة الثانية تصاب بالذهول والذعر وتبدأ بالصراخ
حاولت ميا تهدئة الموقف وهي تقول بتوتر : اهدئي، ارجوكِ
لكن الفوضى كانت قد بدأت. سرعان ما تجمهر الناس حول الغرفة، وازداد الوضع سوءًا. شعرت ميا بأن الأمور خرجت عن سيطرتها. أزالت كمامتها التي كانت تغطي جزءًا من وجهها، وبدأت تنفخ في الهواء سُمًّا قاتلاً. استنشق الموجودون السم وسقطوا بلا حراك، لكن صرخاتهم جذبت المزيد من الناس إلى المكان.
عادت ميا ترتدي الكمامة من جديد، واتخذت قرارها. نظرت إلى النافذة، ثم قفزت منها بخفة مذهلة. كانت الحركة سريعة لدرجة أن أدولف، الذي كان في حالة من الذهول الشديد، سألها: "ماذا حدث للتو؟ هل أنتِ بطلة خارقة؟
ابتسمت ميا ابتسامة باهتة، وقالت له: "لا، لست بطلة خارقة. هذه مجرد قدراتي. أستطيع تنويم الناس أو استخدام السم عليهم، كما أستطيع القفز من أماكن عالية دون أن أتأذى. حصلت على هذه القدرات من الشخص الذي سيعالجك.
نظر إليها أدولف بإعجاب متزايد، وقال بحماسة بريئة: "هذا مذهل! أريد أن أحصل على مثل هذه القوة أيضًا!
عندما هبطت ميا على الأرض، أخذت تجري بسرعة تفوق الوصف، كأن الأرض لم تعد تلامس قدميها. تجمعت الحشود حولها في حالة من الذهول، لكن الصدمة الأكبر كانت عندما بدأت سيارات الشرطة في ملاحقتها.
![](https://img.wattpad.com/cover/377105374-288-k568538.jpg)
أنت تقرأ
العالم ويليام و خوف الناس
Horror18+ ويليام، عالمٌ مجنون تملكه الهوس بالإختلاف والقوة، فانغمس في البحث والتجارب دون هوادة. خلال سعيه الدؤوب، ابتكر عن طريق الخطأ ترياقًا يمنح من يشربه قوة خارقة للطبيعة فقرر استغلاله لتحقيق رغباته وأطماعه بلا تردد.