الفصل الرابع عشر

8 3 1
                                    

لم تكن ميا قادرة على أن تبتلع لقمة واحدة من طعامها . كان شعور الضيق يأسرها يسد أنفاسها ويثقل صدرها حاولت الهرب من هذا الثقل عن طريق الانغماس في التلفاز، باحثة عن ملاذٍ وهمي يحررها من شعور الندم

في تلك اللحظات كان ويليام قد أخفى وجهه خلف قناع وخرج إلى الشارع. وعلى ناصية الطريق، لمحت عيناه امرأة عجوز، شعرها أبيض كالثلج، يتطاير تحت نسيم خفيف، وظهرها محني كأنه يحمل هموم السنين. تتكئ على عكازها، تحاول بشقاء أن تعبر الطريق. تقدم ويليام نحوها. أمسك بيدها بلطف، وهمس: دعيني أساعدكِ

ابتسمت العجوز بامتنان. لكنها لم تكن تعلم أن تلك اللحظة ستصبح نقطة النهاية لحياتها. نظر إليها ويليام قال ويليام بهدوء: انظري في عيني ارجوكِ

في تلك اللحظة، عندما تلاقت نظراتهما، فجأة بدأت المرأة تحترق ارادت ان تطفئ نفسها أو يطفئها أحد الألم لا يحتمل سقطت المرأة على الأرض و هي تئن من الألم وبدأ جسدها يذوب كالشمع تحت لهيب لا يرى . اجتمع الناس حولها، بعضهم يصرخ مذعورًا، والبعض الآخر يحدق بذهول. و البعض من حاولوا احظار الماء لكن الأوان قد فات. تفجرت الفوضى في الشارع حين التفت ويليام إلى شخص آخر عشوائي، وفي اللحظة التالية، تفجر رأسه.

كان الجنون قد بدأ. الأعين توسعت، الأجساد اهتزت، والرعب انتشر كالنار في الهشيم. أشار ويليام إلى الآخرين، وبدأوا يحترقون هم أيضاً، أو انفجرت رؤوسهم كما لو كانوا دمى من الزجاج. وبينما كانوا يجرون في الأرجاء محاولين إطفاء أنفسهم بمحاولات يائسة

قال ويليام بصوت منخفظ غير مسموع: هذا سيزيد اشتعالكم...

تحولت الشوارع إلى مشهد كابوسي، انطلقت الصرخات من كل زاوية، مختلطة بدخان الأجساد المحترقة. كان الناس يهربون في امل للنجاة.
البعض في المباني كانوا يصورون
وصلت الشرطة محاولة للسيطرة على الوضع، لكن كلما اقتربوا، كانوا يسقطون قبل أن يتمكنوا من سحب أسلحتهم.

أحد الضباط حاول أن يطلق النار على ويليام لكن في لحظة، كان ويليام بجانبه، انتزع مسدسه وقتله بدم بارد. حاول شرطة اخرون اطلاق النار عليه لكن ايديهم كانت تنقطع و تسقط اسلحتهم
كل محاولة للاشتباك معه كانت تنتهي بالفشل الذريع، كل من يجرؤ على الاقتراب منه كان يواجه نهايته بطريقة مروعة.

انفجر صوت بكاء أحد الأطفال في أرجاء المكان، صرخات تعكس أعماق فؤاده الصغير الذي يُمزق على مرأى والده الذي يحترق كلهيب نيران الجحيم. كانت عيونه الواسعة تتأمل المشهد البشع، ويداه ترتجفان من شدة الرعب. كان يصرخ ويُحاول استيعاب ما يحدث، مشاهدًا والده، الإنسان الذي كان يمثل له الأمان والحياة، يتحول إلى كتلة من اللهب، يموت تحت وطأة العذاب أمام ناضريه

وفي خضم هذا المشهد المروع، تعرضت إحدى النساء للحظة انهيار، حيث أصيبت بالذعر والخوف، ولم تملك من أمرها شيئًا سوى أن تتخلى عن وعيها فأغمي عليها

كان الهواء مشحونًا بالفوضى، وتردد صوت صرخات الطفل في جنبات المكان، مستنكرًا الظلم الذي وقع على من كانوا يعيشون بأمان
(ظلم بعينك ويليام عمك)

في تلك الأثناء، كانت الكاميرات تلتقط كل شيء. الإعلام كان حاضرًا، مراسلو الاخبار حاولوا الاقتراب بحذر والجماهير البعيدة تتجمع على أمل أن تفهم هذا الرعب غير المسبوق. كان ويليام يتحرك بهدوء بين الحشود، غير مبالٍ بالفوضى التي زرعها. حتى عندما لوح بإشارة هادئة لأحد المصورين قائلاً: "يا من تريد مواجهتي، تعال إلي" ثم قال "لا احب ان يعبث الاطفال معي"
انتشرت الاخبار بسرعة وانتقلت إلى كل زاوية في العالم. تكاثرت النظريات حول هوية ويليام
و انتشرت شائعة جديدة في المدينة تقول ان ويليام هو نفسه الرجل الاشاعة الذي يقتل الناس ليلا نضرا لطول قامته

من ناحية أخرى، كانت قوات الأمن في حالة طوارئ تامة، تم استدعاء وحدات خاصة للتعامل مع الموقف، لكن الجميع كان يدرك أن ويليام لا يتبع أي منطق مألوف. التكنولوجيا والأسلحة بدت عاجزة أمام قوته، وبدأت السلطات تدرس خيارات الإخلاء ومحاولة عزل المنطقة بالكامل لاحتواء الكارثة.

في مكان بعيد عن منطقة الحادثة، كان ألبرت يراقب المشهد من خلف شاشة منزله، غير مصدق لما تراه عيناه. ارتعشت أصابعه وهو يتصل بليندا. ردت عليه بصوت مضطرب:
هذا ويليام، أليس كذلك؟ ماذا سنفعل؟ هل نواجهه؟
أجاب ألبرت بصوت مختنق: لا، لن ننجو. إنه أقوى مما توقعنا
قالت ليندا بخوف: إنه يقتل الناس... هذا مرعب
أومأ ألبرت برأسه، وكأن ثقل الذنب يحطمه: لقد عرفت دائمًا أنه مجرم، لكنني لم اتوقع ان يتمادى لهذا الحد
ليندا : اعتقد انه فعل هذا بسببنا يريدنا أن نأتي اليه
البرت: هذا... إنه بسببي وحدي أنا السبب
ليندا : اختي تتزاجد في مكان قريب من هنتك انا قلقة عليها
فجأة انفجر هاتف ليندا قبل ان تتمكن من اكمال كلامها و لحسن حظها تمكنت من رميه بعيدا و اطفائه
لكنها تعرضت لحروق في يدها
و تركت البرت في حيرة لا يفهم ما حدث

بينما استمرت وسائل الإعلام في تغطية المأساة، كان الجميع يطرح نفس السؤال: كيف يمكن إيقاف هذا الكابوس الذي يسير بين البشر؟ ولكن قبل أن يتمكن أحد من اتخاذ خطوة جديدة، اختفى ويليام فجأة من مكان الحادث، وكأنه لم يكن هناك أبدًا.

عاد إلى منزله كما لو أن شيئًا لم يحدث. خلع قناعه بهدوء، ثم ارتدى ملابس أخرى، مستعدًا للذهاب نحو المطعم الذي تعمل فيه إيمي ليطمأن عليها لأن المطعم كان قريبا من مكان الحادث.
ويليام : أتمنى ان لا اكون قد قتلت ايمي بالخطأ

يتبع

العالم ويليام و خوف الناسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن