(قصي )
عندما ذهبت إلى نور كانت انتهت من تدريبها.. سألتها:
-كيف حالكِ؟
-لايوجد من يمتلك قوة إرادة مثلي الآن.. لقد أمضيت ساعتان أكثر في تمرين اليوم.
قلت بابتسامه صغيرة وانا اجلس بجورارها:
-جيد.
سألتني:
-قصي، ماذا بك؟
-سلمي تسعي للخراب ولا تتوقف.. أخشي نهايتها،
ستكون مؤلمة حقًا.
-لا تقلق، لقد ذهبت سارين؛ بالتأكيد ستتوقف سلمي.
قلت وانا أهز رأسي نافيًا:
-لا، إنها الشر ذاته ..لقد اتخذت سارين سببًا لا أكثر لتبرر شرها.. عقلها خطر عليها؛ سيدمرها.
-لا أتفق معك، لقد نشأنا جميعًا معًا، وتربينا بنفس الاسلوب..
-لكن نمتلك عقول ومشاعر مختلفة تمامًا، المواقف يتم تفسيرها حسب العقل.. ذهاب سارين لم يكن حالاً.
-لا أعلم كيف أصبحت حالتها الآن.. ربما لا تستطيع
التعامل مع شعب هذه المدينة .
-حتي لو، ستتحمل.. محظوظ عادل بحبها..
-حقًا، حبها له لا يوصف.
-حبها مثل التنهيدة ،لا يوصف.. اذا أصيبت في حبها ستنكسر بأبشع طريقة.
ضمت حاجبيها وقالت:
-لا تقول هكذا.. لن يحدث لها مكروه .
-حسنًا، لا تنزعجي.. صحيح، أخبرتني جلالتها بأنكِ
تفكرين بالزواج من رجل يدعى زين، هل هو مساعدي؟
-أجل، ما رأيك؟
-بالنسبة للزواج منه ام بالنسبة لشخصيته؟
-أريد سماعهما.
-بالنسبة لشخصيته: لا أستطيع أن اعيب فيه، طموح، ذكي، يعمل بجد بدرجة غير طبيعية.. ام بالنسبة للزواج: أرى أن الوضع لن يكون سهلاً بسبب عمله القديم، لكن هذا لا يعيبه.. هل انتِ واثقة من قراركِ؟ ربما يحاول خداعكِ.
هزت رأسها نافية وقالت:
-لا يخدعني، سارين اختبرته الف اختبار واختبار ،أشفقت عليه حقًا بسبب ما فعلته سارين به.
-متي الزفاف اذن؟
-ليس بعد، عندما أستطيع الوقوف بشكل كامل.. لكن اخشي ان ترفض أمي.
-لا تقلقي من هذا، جلالتها لا يهمها شيء سوى سعادتنا.
-ألا تريد أن تخبرني ما الذي يزعجك؟
كان كل ما يشغل خاطري منذ أيام لينال ،لكن ال أستطيع أن اتفوه حقًا.. أتمني لو كانت علي قيد الحياة الآن! ربما سأجد من لا يتوقف عن العبث والحديث في كل لحظة، هذه القصيرة كانت تضيف بصمتها حقًا.. ليتني لم أرئكِ لحظة
قتلكِ بدمٍ بارد ، كأني لم أعي فقدانكِ إلا الأن.( سارة )
في اليوم التالي عندما دخلت مجلس النساء أمسكت سيدة بيّ وقالت بلهفه:
-سارين، أخبرينا كيف فعلتِ هذا؟
-فعلت ماذا؟!
قالت سيدة اخري:
-إنها تقصد كيف اقنعتِ سمو الأمير بغسل قدمكِ.
قلت وانا انظر إلي والدة عادل:
-انا لم اطلب منه.. هو من فعل ذلك من تلقاء نفسه.
ابتسمت والدة عادل بينما قالت سيدة اخري:
-حقًا؟!.. هل الرجال في مدينة جوران يفعلون هذا؟
قلت بقلق:
-الرجال والنساء يفعلوا ما يحلوا لهم.. الحياة الزوجية مشاركة، هذا شيء عادي.. بالرغم أن للنساء اليد العليا في جوران لكن لا يقللن من رجالهن مثلما يفعل رجال هذه المدينة مع نسائهم، لماذا تقبلن بهذا الوضع؟
قالت سيدة:
-هذه قوانين مدينتنا ؛يجب اطاعتها.
-نحن من نضع القوانين، كما أن القوانين نفعلها لنشر الأمان والسعادة ،هل انتن سعداء بوضعكن؟
صمتن جميعًا وهن ينظرن إلي بعضهن البعض ،كنت اخشي ردت فعل الملكة، لكنها كانت تبتسم اليّ ثم أشارت اليّ خلسةٍلكي أكمل حديثي، قلت:
-ما الشيء الذي جعلكن تحت أمر الرجال لهذه الدرجة؟
قالت سيدة:
-لأن الرجال أقوي بكثير، اما نحن لا حول لنا ولا قوة..
-هذا لأنكن استسلمتن لفكرة الرجال، النساء في مدينة جوران هن من يقدن الجيش وقت الحرب، ألم يخلقن بنفس الطريقة التي خلقتن بها؟ لماذا لم يفعلن مثلكن؟ لقد حددن مصيرهن بأنفسهن.. النساء هنا تعامل بطريقة غير لائقة بالمرة.
قالت سيدة باندفاع شديد:
-اجل، نحن لا نفرق شيئًا عن الوصيفات ..رغم أننا نتمتع بمكانة اجتماعية لا مثيل لها.
سألتها وانا أضم حاجبي:
-لماذا تقبلين بهذا الوضع إذن وانتِ تعلمين مقدار نفسكِ؟
قالت بضيق:
-لن اقبل به بعد اليوم، سأذهب إلي بيت والدي إذا لم يقم بغسل قدمي هذا الأحمق.
نظرت إليها بدهشة بينما ضحكت أمي وهي تنظر اليّ..قالت سيدة اخري:
-غسل القدم ليس بهذه الأهمية، نحن افضل من نساء العامة التي يتم بيعهن مثل السلع ،يتم قتلهن اذا لم يتزوجن قبل سن السادسة عشر.. يجب أن نشكرهم لأنهم لم يفعلوا بنا مثل باقي النساء.
صمت وانا انظر لها في دهشة، قالت الملكة:
-لأننا صمتنا عما يحدث معنا.. نساء مدينتنا يمشين علي نفس النهج ،يطعن الأوامر فقط ..هذا ما دمر المدينة وجعل الخراب يسيطر علي كل جانب بها.. نحن لم نخلق بيدنا المكنسة ،نحن نمتلك نفس الجوهر الذي يمتلكونه الرجال ؛لماذا هم أفضل منا اذن؟
قلت:
-هذا صحيح .
زادت الهمهمات بين النساء، وأخذت كل واحدة منهن تتلو ماذا ستفعل مع زوجها.. تمردن جميعًا في لحظة، كانتالملكة راضية تمامًا عن الوضع؛ لماذا تقبل بهذا منذ زمن؟! اذا كانت تستطيع اقناعهن بهذه السهولة لما لم تفعل منذ زمن؟!.. بعدما خرجنا قلت:
-أمي، أريد أن اسالكِ عن شيء.
-لماذا لم افعل هذا منذ زمن؟
-اجل!
قالت وهي تجلس علي كرسي الحديقة:
-كنت انتظر قدومكِ.
-قدومي انا؟! لماذا؟!
أشارت اليّ لكي اجلس ثم قالت وهي تقبض علي يدي:
-انتظر منذ ثمانية عشر عامًا.. منذ ان سيطرت الروح الهاربة علي جسد زوجي .
اتسعت حدقة عيني من الدهشة وانا انظر لها ،كيف تكون الروح الهاربة مسيطرة علي جسد الملك؟ وكيف علمت الملكة بسري؟ قلت وانا مصطنعة عدم الفهم:
-ما الروح الهاربة؟! ..أمي، انا لا افهم شيء .
-اعلم انكِ لن تثقي بسهولة، لكن انا أستطيع أن أثبت لكِ ان الروح الهاربة تمتلك جسد زوجي.. لقد أخطاء عندما استسلمي لها ،لكنه كان يحمي عادل في ذلك الوقت.
كنت استمع لها وانا صامتة تمامًا؛ لا أدري ماذا أقول لها..أكملت وقالت بقلق:
-انا من علمت من كبيرة السحرة انكِ حملت من صفات والدكِ واخبرت والدتكِ لكي ترسلكِ بعيدًا، كي لا تصيبك لعنة أمراء بحر الظالم ، كنا في حالة ميؤوس منها عندما هربت الروح من بحر الظالم.. سارين، يجب أن تتحركِ بخطوات أسرع ؛انه يعلم انكِ في المدينة الأن ،أرسلت له إشارة عندما ذبل جسدكِ ذلك اليوم، لكن من حسن الحظ
انه لا يعرف هويتكِ حتي هذه اللحظة.. سارين، تشجعي رجاءً،أعلم أن الأمر صعب للغاية لكن انتِ مهددة الآن بشكل كبير..
سألتها بخوف:
-هل عادل يعلم بهذا؟!
-قوة الروح اخبرتها بأن عادل سيلتقي بكِ؛ كان يريد السيطرة علي جسد عادل لولا أن فعل والده ما فعله وحافظ على عادل، أذت الروح عادل بشكل كبير حتي أصيب بمرضه.. وعندما تزوج في المرة الأولى اعتقدت الروح انها انتِ ؛لذا قتلتها ، عندما أيقنت إنها ليست انتِ أمرت عادل بالزواج بالكثير من الفتيات ،لم يقبل عادل الا بعدما
راني وان أ تعذب أمامه .. لم يستسلم للروح حتي وهو لا يعلم شيء.
-لهذا السبب فعلت امي ما فعلته.. كانت تظن أن أبي لا يقدر علي حمايتي بسبب ما حدث بينهما من خالف.
تذكرت في هذه اللحظة حديث والدي عندما قال ليّ:
-الروح قريبة للغاية من شخص تحبينه.. لكن عند القبض
علي هذه الروح ستفقدين مكانتكِ عند ذلك الشخص.
أكملت أمي وقالت:
-مساء اليوم ستقوم احتفالية كبيرة بمناسبة عودة عادل، هل تستطيعين في ذلك الوقت؟
-أستطيع، لكن يجب ألا يراني أحدًا.. الشيء المزعج هو وجود عادل في ذلك الوقت، بالتأكيد ستستدرجه الروح لتضعف من قوتي.
-عادل يحبك ،لن يفرق معه.
-انتِ لا تستطيع تخيل الهيئة التي سأكون عليها، لقد أبصرتها لمرة واحدة فقط وما زلت خائفة منها حتي الآن ...عادل سيكرهني.. أخبرني أبي بأنني سأفقد مكانتي عند شخص أحبه إذا رأى هيئتي.
-لا تخافي، سأبعد عادل في ذلك الوقت.. سأفعل كل شيء ؛كي لا يكن موجودًا في وقتها.
ذبل جلد يدي فجأة قلت:
-الروح قادمة إلي هنا!
جذبتني أمي وركضنا إلي الداخل بأقصى سرعة لدينا..
اختبئتُ وانا أنظر له خلسةً، كانت كلمة( هارب )تلمع علي جبينه بشدة مع ضوء الشمس مثلما قال أبي! انا الوحيدة التي تستطيع رؤية هذه الكلمة المكتوبة بالدم علي جبينه.. خرجت هاربة من القصر بمساعدة أمي ثم اتجهت إلي قصر عادل.. أرسلت إشارة إلي بحر الظالم علي الفور ليستعدوا جميعًا الليلة ،كانت الإشارة عبارة عن قطرات من دمي مثلما أمرني أبي.. بعدما جرحت يدي وسقطت
الدماء علي الارض اختفت علي الفور، وعادت يدي إلي طبيعتها، لايوجد شيء الآن سوى انتظار المساء.. كان عادل مشغولاً في تجهيز الاحتفال، كان يمتلكني مزيج من المشاعر المختلطة التي لا حد لها، خوف من أن يراني عادل، وقلق من الا أستطيع السيطرة علي الروح ،وحزن من أن يكرهني عادل بعد القبض علي الروح ؛ جلست علي الأرض وانا ماسكة برأسي، لقد قسوت علي أمي بأبشع طريقة في الوقت التي كانت تخطط لحمايتي، أدركت
الآن لماذا كانت تحاول إبعادي عن عادل؛ كنت ابنة سيئة للغاية معها.. دار في عقلي ايضًا ما حدث معيّ في بحر الظالم ،مزيج من الأفكار كاد أن يفجر عقلي...
*فلاش بالك.
عندما خرجت من الغرفة وتركت عادل وجدت زياد يتحرك بين الجنود، انه هو! كيف هذا؟! أخذت امسح عيني وانظر له .. انحني أمامي ثم تحرك؛ ركضت خلفه في هذه اللحظة.. عندما بعدنا عن المعسكر اخذت انادي عليه واقول:
-زياد، زياااد.
كان لا يبالي ويتحرك في طريقه وكأنه لا يسمعني.. توقف بعد فترة والتفت ناظرًا اليّ، سالته:
-انت زياد ،أليس كذلك؟
-بلى يا مولاتي، من حراس أمير بحر الظالم.
أنت تقرأ
عودة من جديد
Fantasíaماذا اذا استيقظت وجدت نفسك داخل حلم لا تستطيع الاستيقاظ منه ليس هذا فقط بل ستواجه ما لم يخطر ببالك قط خليط بين الحق والباطل وما يجب ان تتحمله رغمًا عنك فهل ستواجه ؟أم اذا أتيحت لك الفرصة ستعود من حيث أتيت؟