جميع الاعين موجة لها....
وكأنها عروس هربت من زفافها....
ولكنها مجبرة.... لا تستيطع الحراك....
نطق بكراهية موجهة لها: يبدو ان انقاذي لكِ جعلك تهربين....
ابتلعت ريقها....
فرغم قساوته لم يكن يجب ان تهرب برفقة هاري....
ولكنها سجينة وكل سجين يفكر بالحرية والفرار.....
أكمل ولكن بلهجة حادة قليلاً: من الان انا وانتِ محاطان بدائرة حماية صنعتها انا.... فهي لن توقعك في الخطر ولن انقذك فأصاب وتعاودين الهرب....
غصة علقت في حلقها.....
كانت الان ترقص برفقة هاري....
وهي بين عائلتها....
ولكنها الان تجلس في الطائرة ولا تدري إلى اين سيذهب بها......
لم تستطع النوم وهو كذالك....
وهي فقط تنظر من النافذة.....
انبثقت دمعة كانت حبيسة مقلتها....
بادرت في مسحها بسرعة خشية ان يراها....
ولكنه من البداية يراقبها....
نظر لها بحنان....
رق قلبه... وتلك الدمعة ابادت نبضاته.....
توقف مجرى دمه....
ماذا سيفعل ليرى ابتسامتها؟!!
همست هي بأسى: لماذا انا؟!!
قال مستغرباً: عذراً....
وجهت نظرة قاتلة له وكأنها استجمعت كل قواها.....
نطقت بحدة اصابت فؤاده: لماذا انا؟!! لماذا تحبني؟!! هل لجمالي؟!! إن كان لجمالي... فانا بحق لعنة جمال كجدتي.... ليتني لم اولد... ليت إلهي لم يجعلني بهذا الجمال.... ولكن ماذا أفعل؟! فهذا قدري القبيح.....
اللعنة علي وعلى جمالي....
بدأت تتلعث بشهقاتها ودموعها أنسابت براحة....
هو فقط كالحجر....
كلماتها تدخل ولا تخرج.....
هل هي تكرهه لهذه الدرجة؟!!
همس وكأن روحه تبكي: هل قلبكِ يكرهني؟!!
لم تجبه فهي مشغولة بمحو دموعها....
نزلت هي قبله من الطائرة....
امسكت ثوبها وبدأت بالركض....
بين الضجيج والزحام....
ينطق هو باسمها وينادي عليها...
ولكن لم يعد لصوته تاثير عليها وسط امتزاج صوته
مع الضجيج.....
ابتعدت بأقصى ما لديها.....
دخلت أحدى الازقة....
وقفت وبدات باللهاث....
وضعت يدها مكان قلبها....
تنفسها يتسارع....
نبضاتها تتضارب...
كادت دمعة ان تنزلق من مقلتها....
لتباغتها السماء بقطرات الماء....
وكانها تساعدها لاخفاء حزنها....
رجفت اوصلها لصوت احدهم لها: لماذا تبكين يا أنسة؟!!
لم تتجرأ على النظر لاتجاه الصوت....
اقترب أكثر وقال بقلق: هل انتِ بخير؟!!
لم تنطق.... ولكن صدى صوت توماس افزعها....
لتتمسك بالشاب وترتجف....
ولكنه لمحها.....
اتسعت عيناه واعتقد انها تتعرض للاعتداء.....
انقض عليه ولكمه بقبضته.....
امسك بيدها واصبح يركض....
وبعد ان ابتعدا..... وهي صامتة....
نظر لها.....
ترتجف من البرد....
وقطرات المطر تلامس وجهها....
ثبوبها الملوثة من الاسفل.....
انتشل معطفه ووضعه على كتفيها....
قال بأس وغصة: أنا أعتذر....
مازالت لا تتكلم....
امسك بيدها واكملا سيرهما.....
دخلا بعد ان اوصلتهما السيارة الى القصر....
ذهبت الى غرفتها....
اغلقت الباب....
تنفست بصعوبة.....
كادت تلك الدمعة الحبيسة ان تنزلق.....
منعتها ودخلت واستحمت.....
خرجت وانسحبت الى سريرها.....
تضم الى صدرها بقايا قلبها......
كيف ستحيا بعيدة عن روحها....
انغمس عقلها في الهروب من جحيم حب توماس لها.... وغرقت في نومها.....
في الصباح الباكر....
طرقت الخادمة الباب... ودخلت....
ازالت الستائر....
قالت بصوت منخفض وحنون: سيدة إيما... سيدة إيما.... استيقظي.....
قالت ايما بلا وعي: لا اريد امي.... انها مازالت العاشرة صباح....
كادت ان تكمل ولكن عقلها اعاد ذاكرتها...
انها ليست في منزلها....
وتلك الخادمة ليست بوالدتها...
جلست وغصة ملئت بحلقها....
قالت إيما بأنزعاج: ماذا هناك؟!!
قالت الخادمة بلطف: ان السيد توماس....
لم تكمل جملتها بسبب مقاطعة إيما لها قائلة: لا اريد....
توترة الخادمة ولا تعلم ماذا ستقول للسيد....
قالت مرة اخرى ولكن بقلق وخوف: ارجوك... سيدة إيما... انه يريدك للافطار.....
قالت إيما بلا مبالاة : لا أريد....
هي لا تشعر برعب الخادمة.....
وهي للان لم تعلم غضب توماس الحقيقي.....
ترجلت الخادمة بيأس من غرفة إيما.....
عادت إيما الى سريرها.....
ولكن صوت صفعة نفض جسدها رعباً......
نهضت بسرعة وهي بلا وعي فقط تريد ان تعلم من الذي صفع من؟!!
رغم ان قلبها علم من!!
ولكنها تريد الاستفتار.....
نظرت من اعلى الدرجات....
لترى الخادمة ملقى على الارض واضعة يدها على خدها......
وتوماس واقفٌ بشموخ......
نزلت لمستواها وامسكها من خصلات شعرها.....
نطق بحدة: ألم اقل لكِ ان تجلبيها؟!!!
قالت برعب وهي ترتجف: أااانااا... أاااعتذر سسيدي... ووولكنها.....
لم تكمل كلامها......
بسبب صوت اوقفها.....
ذلك الصوت جعل الجميع ينظر لمكان ظهوره....
قالت إيما بشجاعة وهي تنزل من أعلى الدرجات: هي لا شأن لها......
نظر لها.... خصلاتها العشوائية....
ثوب نومها الهادئ.....
عينيها الناعستين.....
ترك الخادمة.... وإيما اقتربت منه......
اتحدت اعينهم.....
قالت بجرأة: من الذي سمح لك بضربها؟!!!
ابتسم بسخرية ونطق: وانتِ ما شأنك؟!!
لم تعلم بماذا ترد......
بعد صمت دام ثواناً قالت بشجاعة: انا هي المسؤولة.... اذا انا استحق الضرب.....
قال بأبتسامة: إذا استعدي....
اغمضت عيناها استعداداً....
وهو رفع يده في الهواء.....
ولكن لم يصدر اي صوت.....
شعرت إيما بغطاء على خصلاتها.....
قال وبعد ضحكة هادئة: ارتدي ملابسك قبل ان تنزلي......
احمرت وجنتاها.....
صرخت بقوة: لا شأن لك....
وهرولت الى غرفتها بسرعة.....
نبضاتها في تسارع.....
تنفسها في تخبط.....
قالت بحقد: سأريك.....