٦
اتجهت فوراً نحو أساكوسا؛ كانت تلك المنطقة بنفس الجهة التي تأخذها إيما عندما تغادر المقهى. أربما أن منزلها لم يكن في الجهة المعاكسة لي؟ أربما أنها في كل مرة كانت تذهب لتزور أساكوسا لتروح عن نفسها؟ بقيت أفكر بهذه الإحتمالية التي أشعرتني بالسعادة والحزن في نفس الوقت. أرجوا أن نجدها هناك.
عندما وصلت إلى المنطقة مشيت في الجوار أبحث عن الشابتين. نظرت إلى ساعتي، لا أزال أمتلك بعض الوقت. أكملت المشي أنظر يميناً ويساراً، وفي كل مرة تستقر عيوني على محلات مألوفة يؤلمني قلبي وأتذكر الجولات والرحلات التي كنا نأخذها أنا وإيما في هذا المكان الذي لا تمل من زيارته. كل شيء يبدو كما كان، حتى أنه تهيأ لي بأن الوجوه هي نفسها منذ ذلك الوقت لم تتغير. لو وجدنا إيما هنا أسنحصل على فرصة للتجول معاً مرة اخرى يا ترى؟ بدأت الأفكار الغبية بالظهور فجأة وحاولت التفكير بشيء آخر. مرت عدة دقائق لم ألحظها.. يجب أن أجدهم في أسرع وقت.
وأنا أتفقد محيطي انتبهت لتلك الفرقة، التي كانت بلا شك بارزة من بين الجموع. الشابتين نفسهما واقفتان أمام أحد المحلات وكان معهما شاب بدا بعمرهما، هو أيضاً يمتلك نفس ملامحهم الحادة والبارزة، وكان بالذات نسخة من الفتاة الغاضبة؛ كانا على ما يبدو يتجادلان. مع أنهم كلهم متشابهون، إلا أن هذان الإثنان فقط يبدوان كالأشقاء. كان هناك أيضاً رجل طويل ذو شعر أشقر فاتح، يغطي النمش الكثيف وجهه، ولم يكن يشبههم كثيراً. عندما اقتربت أكثر تجاههم لاحظت وجود شابين يابانيين معهم، أحدهم له شعر طويل ومصبوغٌ بالأشقر والأخر يرتدي بذلة رسمية وهيئ لي بأنه زوج أحدهما.
وزعت الفتاة ذات الفستان عليهم قطع أوراق، لاحظتُ عندما اقتربت أكثر أنها صورٌ لإيما، وعندها انتبهتْ لوجودي. ابتسمتْ وهي تقول، "لقد أتيت اذاً." وبدون أي تعريف أعطتني صورة لإيما، وأضافتْ، "رقمي في الخلف اتصل بي لو وجدتها. وأيضاً هل لك أن تعطيني رقمك لأتصل بك في حال وصلتنا أي أخبار عنها؟" أعطيتها رقمي، ثم قالتْ للجميع، "عودوا عندما لا تستطيعون المشي من الإرهاق."
تفرقوا كلهم بجهاتٍ مختلفة ووجدت نفسي ثابتاً مكاني محتاراً، ثم اخترت طريقاً عشوائياً دون تفكير. تأكدت من سؤال كل أصحاب المحلات بجواري ولكن بدون جدوى فلا أحد يتذكر رؤيتها. قد لا تكون هنا؟ من قال أنها هنا أصلاً؟! حتى لو أنه المكان الذي كانت تحبه فهي الآن قد تغيرت.. وقد لا يكون مكانها المفضل بعد الآن. آه، لماذا ألمني قلبي عندما خطر هذا على بالي؟ لماذا كلما تذكرت إيما في الماضي انهمرت الدموع الساخنة من عيوني وجعلت المارة ينظرون إلي باستغراب؟ أريد أن أراها.. أريد أن أراها.. أريد أن أرى إيما القديمة الشغوفة بالحياة، الشغوفة بالحديث والناس، الشغوفة بالحب والإهتمام.. الشغوفة بي.
* * *
بعد ساعة من البحث الذي أخرجني من أساكوسا دون شعوري، رن هاتفي ونظرت إلى شاشته التي كانت تحمل رقماً غريباً. بدون أي شعور أجبت على الإتصال فوراً، "لقد وجدت الشرطة إيما!" شعرتُ بالخبر يهل علي كالمطر المنتظر بعد الجفاف، وشعرت به يبرد قلبي المسكين المحترق.
أنت تقرأ
الذهاب إلى روسيا
Short Storyتعلقت روحي البريئة بك بسهولة، وشغفت بشخصيتك العظيمة. لكن كيف كان لي أن أعلم، وأنا الجاهل البريء، أنك قد تكونين مزيفة؟ الشك داهمني واجتاحني بلا رحمة.