٧
ركضت نحو مركز الشرطة الذي أعطتني الفتاة عنوانه على الهاتف. لم يكن بعيداً جداً عن أساكوسا، وهذا جعلني سعيداً في الحقيقة، لأنه يعني بأن إيما كانت في أساكوسا أو قريبة منها على الأقل.. المكان الذي كانت تحبه. قد لا تكون تغيرت كما كنت أتصور، لربما أنها فقط حزينة ومكتئبة و.. وتحتاجني لأساعدها. في تلك اللحظة، وأنا أدخل المركز، عزمت على أنني سأكون بجانبها دائماً.
بينما كنت أمشي وجدت المجموعة أخيراً، وتقدمت بفرح نحوهم، إلا أنني قد تفاجأت بوجوههم التي اعتلاها السواد. عكفت حاجبي باستغراب وسألت، "ما الذي يجري؟" وأجلت النظر حولهم، "وأين إيما؟" وازدادت وجوههم سواداً وازدادت معها حيرتي. بقيت لدقيقة أحدق بهم منتظراً جواباً ليشفي ألمي. قال الشاب الطويل ذو الشعر الأشقر متجاهلاً سؤالي، "لقد أخبرتكم!" قال بتأنيب، "يجب أن نكون دائماً معاً في مثل هذه الأوقات. لو أنكم فقط.. لو أنكم.." وأكمل بغضب بعد سكوت دام للحظات، "سأعود.. لا أريد البقاء في هذه اليابان اللعينة!" ودفعني جانباً بقوة لم أتخيل أن جسده النحيل يمتلكها، وأكمل مسيره خارجاً من مركز الشرطة. ولحقت به الفتاة ذات الفستان وهي تنادي، "بالدر!"
كنت متفاجاً ولم أفهم ما يجري، ثم تداركت نفسي وخطرت لي فكرة ارتعش لها جسدي، "هل حدث شيء لإيما؟" صرختُ بالباقين. شعرت بالضعف يطغى على ركبتي، والرغبة بالبكاء تجتاحني. تخيلت وجه إيما أبيضاً شاحباً، بعيونٍ مغلقة.. وجه نائمٌ بسلام، وروحٌ متحررة بعيدة عن ظلم الدنيا. تقدم شرطي نحوي، ووضع يده على كتفي. كان يعرف بأنهم لن يستطيعوا إشباع أسئلتي. تداركت نفسي وشعرت بالدموع الساخنة التي كانت على خدي دون علمي. قال بصوتٍ خافت، "اتبعني.."
بعد أن تبعته توقفنا أمام باب وبجانبه كانت هناك نافذة زجاجية تطل على الداخل، وكانت إيما جالسة هناك بوجه هادئ. شعرت بالراحة والغضب على نفسي لفكرة سخيفة راودتني. نظر الشرطي إلي وكأنه يشعر بالشفقة علي، ثم قال دون أن يترك للراحة التي استقرت على صدري أي مجال لتطيل بقاءها أكثر، "لقد وجدناها في أحد الشقق مغطية بالدم." ضاقت عيني وأنا أنظر إلى إيما التي تبدو بخير، "ما الذي تقصد؟"
يبدو بأنه قد فهم ما كنت أفكر فيه، "لا.. إنه ليس دمها."
استغرق الوقت الشرطي عدة دقائق ليفهمني مصدر الدم الذي كان في ملابس إيما. وقفت أحدق بشفتيه اللتان تتحركان، تصفان تفاصيل ما حدث. ما الذي يقوله؟ كم أردت اخراسه. وضعتُ يدي على مقبض الباب بعدما انتهى، ثم سألته دون أن انظر إليه، "هل استطيع الدخول؟" أعتقد بأنه قد هز رأسه، لهذا حركت المقبض، ثم أخذت نفساً ودفعت الباب.
كانت إيما جالسة بسكون لم يبدو بأن دخولي قد عكره. أغلقت الباب بهدوء خلفي، دون أن أحرك نظري عنها. رفعتْ رأسها أخيراً ونظرتْ بوجه خالي من المشاعر، ثم.. ثم، ببطئ، ارتفعت خدودها، وتشكلت ابتسامة دافئة على وجهها. وقفتُ مذهولاً لأنني كنت أرى إيما من الثانوية أمامي. كانت هي نفسها، لا شيء واحد مختلف، سوى شعرها القصير. شعرتُ بدفئ الدموع مرة أخرى على خدي، وأسرعتُ أمسحها بيدي.
أنت تقرأ
الذهاب إلى روسيا
Short Storyتعلقت روحي البريئة بك بسهولة، وشغفت بشخصيتك العظيمة. لكن كيف كان لي أن أعلم، وأنا الجاهل البريء، أنك قد تكونين مزيفة؟ الشك داهمني واجتاحني بلا رحمة.