٨
"عزيزي، هل تريد العودة إلى الفندق؟ فالشمس اشتدت."
"لا.. عودي أنتِ. أريد البقاء لمدة أطول."
تنهدتْ، "حسناً. أيها الأطفال! انتهى وقت اللعب، سنعود إلى الفندق!"
قدم طفل وقال بتململ، "ولكن أريد إكمال بناء القلعة الرملية!"
"غداً سننزل إلى البحر مرة أخرى، أما الآن علينا العودة."
قال الطفل، "ولكن لماذا يستطيع بابا البقاء؟"
"إن بابا قوي ويستطيع تحمل الشمس لمدة طويلة." ونهضتْ تجمع ما حولها من الأغراض، ثم نظرتْ نحوي، "لا أعلم لماذا تزداد غرابة عندما نزور البحر.."
نظرتُ إليها وأنا لا أزال مستلقياً، "أخبرني شخص ما مرة.. أن البحر مكان للتأمل أكثر من كونه مكان للمرح."
"التأمل؟" ضحكتْ بسخرية، "أتمنى لو أعلم من هذا الشخص الغريب الذي تتحدث عنه دائماً." واستلتْ نفساً وهي تكملُ بتذمرٍ، قبل أن تتجه إلى الفندق مع الأطفال، "أهو من جعلك غريب الأطوار هكذا؟"
عندما غادروا، أخذتُ أحدق بالأفق بعد أن جلست مستقبلاً البحر. لحسن الحظ، لم يكن هنالك الكثير من الناس، فاستطعت التأمل بسكون. نسيمٌ عليل يجلب رائحة البحر الجميلة، وأصوات الأمواج تضرب بعضها البعض مطرب. قلبي هادئ وساكن، على عكس الماضي. تسألتُ بيني وبين نفسي.. كيف حالها يا ترى؟ وأين هي الآن؟
لقد تعلمتُ الكثير من الأشياء منها، إلا أنني بعد ذلك اليوم الذي أخبرتني فيه أن العالم بائس ومظلم، أردتُ ولا أزال أريد أن أعلمها أنا الآخر شيئاً. إيما، لا أعرف عن أفكارك الحالية حول هذا العالم، ولكن أريد أن أأكد لك أنه ليس بمظلم كما تتصورين. لا أعرف كيف أفسر لكِ، فأنا لست بذكائك وحكمتك في النهاية، ولكنني فقط.. أعلم.
لقد تزوجت الآن وأصبح لدي عائلة؛ مع أنني كنت بائساً لأنك تركتيني. إلا أن السعادة وجدتني على شكل عائلة تحيطني بحنان. أتلعمين كيف؟ لأنني اعتقدت بأن علي النظر إلى العالم بطريقة مختلفة عن السابق؛ عن تلك السنوات التي كنت فيها حزيناً لأنك تركتيني قبل أن أعرف ما جرى لك. كنتِ تبدين كالكنز الثمين الذي أحتاجه، وحياتي بدونه لا تساوي شيئاً.. ولكن.. هذا غير صحيح. أهذا شيء جيد أو سيء يا ترى؟ أن ألا أعتقد بأنك شيء ثمين..؟ يصيبني الحزن عندما أفكر بهذه الطريقة بعض الأحيان، ولكنه ربما يكون أقرب إلى الشفقة عليك، لأنك ربما وحيدة وسأزيدك وحدة بتفكيري هذا. ولكنني آسف، فأنا لا أستطيع عيش حياتي بحزن أطارد خيالك. أهذه خيانة يا ترى؟ مع أنكِ قدمتي لي جمال وحسن الحياة خلال صحبتنا، إلا أنني رميتك لأعيش في سلام مع نفسي. إلا أنني أحببتك وتعلقت بك بصدق، وأنتِ من اخترتي أن تكوني سجينة لظلمة هذا العالم؛ فحتى لو أردتُ الرجوع إليك فلن أستطيع لأن طرقنا مختلفة ومتعاكسة.. تماماً، مثل ذلك الوقت عندما كنا نعمل في المقهى، عند عودتنا إلى بيوتنا. أعتقد بأن مظهر ظهرك وهو يبتعد كان خطة الحياة لتجهيزي لذلك الحين إذ تعلمني بأننا من المستحيل أن نكون معاً.
أنت تقرأ
الذهاب إلى روسيا
Short Storyتعلقت روحي البريئة بك بسهولة، وشغفت بشخصيتك العظيمة. لكن كيف كان لي أن أعلم، وأنا الجاهل البريء، أنك قد تكونين مزيفة؟ الشك داهمني واجتاحني بلا رحمة.