خمس سنوات_الجزء 3

66 4 6
                                    

ولعله كان يوماً سيئاً بالنسبة لمصطفى الذي أوصد الباب منذ عودته…
كلام طاهرة الذي اوصلته دنيا له كان بمثابة صدمة كبيرة ..كان يذكر انه كلمها قبل ان يتقدم لوالدها شخصيا ..لم تكن رافضةً اطلاقا ..بل كانت موافقة تقريبا !

هل ضغط عليها والدها… او ضعفت بسبب ظرفها الغير مشجع !
وهو الذي يعشق فيها قوتها ..اصراراها على موقفها وشخصيتها.. هل من الممكن ان تضعف!

لازال يذكر حبه لها من اول نظرة عندما اصطدم بعيناها البريئتين عند اول دخوله للجامعة بعد مجيئه من تركيا لأكمال مرحلته الدراسية خلاف الازمة المالية التي اجبرتهم على العودة…

اخفضت طاهرة عيناها يومها وهو يسألها عن موقع شؤون الكلية بعد ان التقاها صدفة عند دخوله ...كانت رموشها الكثيفة تلتقي عند اطراقتها فتبدو كليلة شديدة السواد !

وجهها البشوش الدائم الابتسامة ..والخال الذي يقطن بالقرب من شفتيها المزمومتين يظهر كعلامة جمال فارقة مع بشرتها الشديدة البياض ..
لقد احد النظر اليها ذلك اليوم.. لكن لابأس فهي على كل حال نظرة اولى ..اوليست النظرة الاولى شرعية!

… .
… .
… .
اخذ منه الفضول مآخذاً وهو يراها تبكي اليوم بحرقة.. مالذي حصل ياترى!
علاقته بوالده قد شابتها بعض الكدور هذه الفترة.. هالهُ ان يرفض لثلاث مرات متواليات دون ان يكترث لكرامته !

وكأنه لم يخلق الله غير هذه الفتاة.. كانت هذه كلمة والده التي يرددها بغضبٍ هذه الفترة ..
تمتم بسرّه.. اي والله ياابي ..اشعر انه لم يخلق غيرها !

عقد يديه وهو يرخيهما الى جبهته وقد تصادمت الافكار في رأسه… سقطت دمعة تائهةٌ بالرغم منه ..كانت قد لوحت لبقية دموعه المحتبسة بالنزول…

_اترك عنك البكاء يامصطفى ..هل يعقل انك تبكي ..يالك من طفل هه..
…  قاطع حديثه مع نفسه صوت اقدام شقيقته وهي تقترب من باب الغرفة _عزيزي مصطفى انت مستيقظ؟
_ادخلي فاطمة.. انا مستيقظ

كانت تحمل بيدها صينية فيها بعض الاكل ;;_مصطفى عزيزي لم تأكل شيئاً منذ عودتك من الكلية
اصطنع ابتسامة باردة وهو يقول ; اكلت هناك ..لااشتهي الان

اطرقت وهي تتناول كرسيا وضعته مقابل المنضدة التي يجلس خلفها مصطفى..
_اخي.. لم اعد فاطمة تلك الصغيرة التي لاتعي ماحولها.. ادرك مايؤذيك هذه الفترة

_ابتسم بفتور وهو يحدق بعينيها; اجل.. لقد كبرتي ياعزيزتي تلك الصغيرة التي كنت احملها بين ذراعي قد اصبحت امرإةً ناضجة ..
_طالعته بنظرة استهزاء ;;من يسمعك يظن اني بعمر ابنتك.. لاتنس ان الفارق بيني وبينك ليس سوى خمس سنوات ياسيد مصطفى
_قال وهو يتناول قدح صغير فيه ماء; وهل خمس سنواتٍ قليل

لاحظت فاطمة انه يحاول قدر الامكان الابتعاد عن الحديث حول الموضوع معها… لم تضف تعقيبا على كلامه وكأنها حاولت استجماع قواها وهي تقول; مصطفى
_نعم
_مالذي يمكنني ان افعله لأساعدك
_طالعها باستغراب; بماذا ؟!
_لاتتغابى مصطفى.. انت اخي وانا اعرفك ..لست مصطفى ذلك القديم ..انت الان شخص اخر
_ولعله فهم ماترمي اليه ..وقدر استطاعته حاول الابتعاد عن الموضوع ممازحا ;اجل مع التحديث الجديد اصبحت اسرع
_مصطفى اخي..كفّ عن المزاح السخيف ..اعلم انك لاتريد الحديث حول مااعنيه...
انا اختك ياعزيزي.. من حقي ان اقف مع اخي واساعده على الاقل لأرى بسمته التي اختفت وحل محلها هذا الشحوب القاتل الذي على وجهك…

اتظن اني لم ار الدموع التي اخفيتها عند دخولي… ام اُخدع بنكاتك التي تلقيها لاخفاء الحسرة التي تكاد تقتلك… صحيح اني اصغرك بخمسة سنوات لكن لست غبية الى هذا الحد ..لقد كبرنا سوية واعرف كل طبائعك…

اعرف ان هذا الصمت الذي خيم عليك هذه الفترة هو تكدّس الامٍ في داخلك.. اعرف ان علاقتك مع ابي والتي اصبحت هشة في الفترة الاخيرة ماهي الا بسبب مايحصل الان !

تراشقت دموعها وهي تتكلم لتفرغ كل مابداخلها; ;قلي يااخي مالذي استطيع فعله لأراك تبتسم مجدداً

كان مصطفى يستمع الى كلماتها التي تدافعت بحرقة .. دون ان تترك له مجالا للحديث ;طبع ابتسامة متألمة على شفتيه وهو ينهض لينحني مقابلا للكرسي الذي تجلس عليه وهو يمد يديه الى وجنتيها المبتلتين بدموعها

_كفي عن البكاء صغيرتي.. اعلم انك شقيقتي الحنونة.. يكفي انك تبكين من اجلي الان...  لااريد ان ادخلك في معمعة انا نفسي لااستطيع الخروج منها 

والان امسحي دموعك ..واحذري ان تبكي مرة اخرى امامي فأنا لااقبل لشقيقتي القوية ان تبكي

ابتسمت وهي تنهض من مكانها; حسنا ان احتجت الى شيئ انا في الغرفة المجاورة…

قال وهو يقرص خدها بلطف; كما تشائين صغيرتي

رمته بنظرة غاضبة; ;كف عن التصرف معي كطفلة ..عمري تسعة عشر عاما يادكتور !

_اطلق ضحكة هادئة ;;حسنا كما تشائين ياعجوز
_اصمت الان ..
… .
… .

اتمنى البارت كان مسلي

يتبع بارت جديد💕💕

ميزان... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن