16

1.8K 93 10
                                    

16

" درسنا معاً لعدة سنوات بالجامعة .. كثيراً ما اختلفنا، وتشاجرنا وابتسمنا ..في العام الأخير من الجامعة، قررت أن أخبرها بأنني أحبها، أردت أن اكون معها ماتبقى من حياتي ، ولكن .. حدث شيء غير مجرى حياتي آنذاك .. لقد عيُنت في سلك الجيش، حتى أكون طبيباً خاصاً للجنود ،ابتعدت عن بلدتي وتركتها خلفي، حتى بدون أن أخبرها بأي شيء .. لقد ظنت بأنني تركتها بكامل ارادتي .. بعد عدة أشهر وصلتني منها رسالة .. "

تسائلت بسرعة بعد أن توقف عن السرد :

- ماذا؟ ماهي الرسالة ..؟

- " عماد، أنا مريضة للغاية .. " كانت تلك هي الرسالة . ولهذا حصلت على إجازة سريعة وعدت أدراجي . لم يكن مرضها خطيراً ولكنها رفضت العلاج في تلك الأشهر الماضية مما جعل مرضها يتطور .. وبعد فترة أخرى، أنا لم أستطع أن أعالجها، لقد ماتت حتى بدون أن اخبرها بأي شيء.

" انه بهذا البرود حتى مع الفتاة التي احبها لسنوات متتالية " ترقرت الدموع في عيني لينا وتسائلت وهي تكبت البكاء :

- لماذا لم تخبرها ؟

- لأنني كنت أقول دائماً بأنه ليس الوقت المناسب .

" هذا خطأ كبير للغاية .. " شعرت بالارتباك قبل أن تسأله :

- مازلت تـُـحبها ..؟

السؤال الجمه الصمت!
جعله غير قادر على التفكير في الأمر، توجه بناظريه نحوها والتقت عيونهما لفترة ، مما جعله يقول :

- إنني في رحلة منذ عامين لكي أحاول النسيان، واظن بأنني نجحت .

في ذلك الجو البارد ، أصبح جبينه يتصبب بالعرق، كان متوتراً وابعد ناظريه عن لينا وهو يتكلم مع نفسه

" ربما أنا أوشكت على النجاح .. تلك الفتاة بجواري، لقد التقينا خلال أشهرٍ قليلة، ولكن قلبي أصبح متعلقاً بها، لقد جعلتني أنسى كل شيء حولي ولا اهتم إلا بسواها .. "

عاد ينظر إليها مجدداً ليفاجأ بسؤالها :

- إذاً، لم تحتفظ بتلك الصورة بداخل حقيبتك؟ هذا لن يساعدك على النسيان !

" لماذا تكذب ؟ أرى ذلك في عينيك، هذا التوتر والألم ليس له معنى آخر سوى بأنك لم تنساها ولو لدقيقة واحدة! انت مازلت تحبها .. "

خيم الضيق على الأجواء بجانب الجوع والعطش الذي يحلق حولهما ..تمتم عماد بخفوت متجاهلاً السؤال :

- لن نستطيع البقاء جالسين وحسب في هذا الجو الحارق، مارأيك أن نستمر بالمشي؟

أومأت لينا بالايجاب ومشى الاثنان متجاورين، وعندها تكلمت لينا بصوتٍ متعب :

- ربما لن ننجو تلك المرة! لا يبدو بأن هناك بلدة قريبة ..

- تفائلي فقط ..

قطار منتصف الليل... { للكاتب ايرومي }حيث تعيش القصص. اكتشف الآن