الذكريات|~

516 68 34
                                    

وضعت هانا الصغيرة في سريرها الصغير،احضرت دفتري الوردي الذي يشهد علي الذكريات الصادقة البريئة التي كانت تجمع بيني انا و بيكيهون.
- مامي، ما هذا الدفتر؟.
قالتها هانا التي لم تبلغ عامها الخامس بعد.
أبتسمت لها بينما افتح الدفتر و اردفت
- سوف احكي لك كيف التقينا انا و دادي للمرة الاولي.
أبتسمت هانا بسعادة ثم اردفت
- نعم مامي، احكي لي.
أبتسمت علي ردة فعلها و تنهدت لأعود للماضي و أتذكر أول مرة التقينا بها.
***
أرخيت ظهري علي الفراش الابيض الذي يتوسط تلك الغرفة البيضاء في تلك المشفي الكئيبة، لقد جئت لهنا بعد أن أثبتت الاشاعة و التقارير الطبية أصابتي بمرض السرطان، ذلك المرض اللعين الذي قضي علي والدتي و خالتي من قبل جاء ليقضي علي أنا ايضًا، الأمر لم يكن بالأمر الهين علي، لقد كنت أعلمُ أنني سأصاب به لكنني لم أتوقع أن أُصاب به و أنا في التاسعة عشر من عمري!
- لا تقلقين تايون، سيكون كل شئ بخير.
قالتها شقيقتي سوزي التي حاولت جاهدة أن تطمئنني.
أكملت حديثها قائلة
- سوف اذهب لملئ البيانات، لن اتأخر.
اومأت برأسي فغادرت سوزى، تنهدت بضيق فأنا اكره المستشفيات، اكره رائحتها و اكره لونها الابيض الذي يبث في شعور مقلق لا مريح.
قطغ تفكيري طرق علي الباب و دخول شخص متوسط الطول يمتلك بشرة بيضاء شاحبة، و شفتين ورديتين، و شعر اشقر تدلي علي وجهه بطريقة رائعة، يرتدي معطف ابيض طويل، لا شك أنه الطبيب، و لكنه حقًا وسيم.
- مرحبًا، انا بيون بيكهيون طبيبكِ و المسؤل عن حالتكِ.
قالها الطبيب بأبتسامة مشرقة كَشفت عن أسنانه البيضاء.
لاحظ الطبيب صمتي فتسائل بينما يجلس علي المقعد الذي يقبع بجانب سريري
- إذًا ما أسمكِ؟.
أجبت بجفاء يشوبه بعض السُخرية
- تسألني و كأنك لا تعرف و لم تري الأوراق و الأشاعة.
زفر بيكهيون ثم اردف بأبتسامة
- أسمعي تايون، حالتكِ ليست متأخرة كما أنه يوجد امل كبير لعلاجكِ و لكن تحلي بالصبر و الأمل و لا تكوني بائسة و توقفين حياتكِ لأصابتكِ بهذا المرض لأنك اقوي منه.
- أسمع أنت ايضًا سيد بيكهيون، أعرفُ ذلك المرض كثيرًا و كم هو خبيث، لقد قضي علي خالتي و والدتي و أعلمُ تمامًا أنه سيقضي علي مثلما قضي عليهم، فلا تحاول أن تقنعني بغير ذلك.
- لقد قضي علي والدتك و خالتك لأنهم لم يتحلو بالأمل و الصبر و القوة، تملك المرض منهم بسبب ضعفهم و خوفهم منه، أنتِ هي من بيدها أن تكون قوية و تتغلب علي المرض، أو تكوني ضعيفة يائسة فيتملك منكِ المرض.
لا أدري كيف و لكن حديثه بث في قلبي الأمل، أنا مازلت في بداية عُمري و هناك الكثير لأفعله، يجب أن أُحب و أتزوج و أنجب اطفالًا، أتفوق في مجالي و أحقق النجاح، ربما بالفعل علي أن أتحلي ببعض الأمل و القوة.
أبتسم بيكهيون بعد أن لاحظ صمتي و تفكيري و قال
- أعتقد أنكِ فكرتي جيدًا، سوف نبدأ العلاج من الغد، كوني قوية تايون.
***
نظرت لهانا لأجدها قد غطت في نوم عميق، أغلقت دفتري و قبلت جبينها ثم أحكمت الغِطاء علي جسدها الصغير و غادرت الغرفة، ربما أصنع شيئًا أشربه، دلفت للمطبخ و لكن قطع خطواتي صوت طرقات خفيفة علي باب المنزل، فتحت الباب لردف بأبتسامة
- تشانيول، ادخل.
لقد كان تشانيول بجسده الطويل و شعره الأحمر المصفف بعناية للأعلي و أبتسامته الواسعة التي كشفت عن غمازاته.
دلف تشانيول للمنزل ثم تبعني للمطبخ و سأل
- هل أنت في عُطلة غدًا؟
- نعم،لقد وعدت هانا أن نقضي اليوم معًا في الخارج، أنت تعلم أنني أعمل كثيرًا و لا أقضي معها الكثير من الوقت لذا قررنا قضاء العُطلة معًا في الخارج.
قلتها بينما أصنع مشروبًا لنا، مشروبه المفضل هو الموكا، إنه تشانيول يعيش في المنزل المجاور كما أننا أصدقاء منذُ اربع سنوات تقريبًا، أنه مرح و طُفولي كما أن هانا تحب اللعب معه كثيرًا.
أقترحَ بينما يخرج من المطبخ ليضع لنا فيلما نشاهده
- يمكنني أن اخذ عُطلة غدًا، و أتطفل علي موعدكم العائلي و أذهب معكم.
أبتسمت بسعادة و أخضرت قهوتي و الموكا الخاصة به و وضعتهم علي الطاولة أمام التلفاز و أردفت
- سيكون هذا رائعًا حقًا يولي، أنت تعلم أن هانا تُحبك كثيرًا.
بادلني تشانيول الأبتسام ثم ناولني قهوتي و أخذ هو مشروبه و اردف
- هذا الفيلم جديد، فلنشاهده.
~~♡~~
- مامي مامي،هيا استيقظي لنخرج.
قالتها هانا بينما تقفز فوق جسدي بخفة،فتحت عيناي بفزع لأجيب
- حسنا هانا، أذهبي لغسل أسنانكِ و وجهكِ و من ثم سأستيقظ.
- لقد فعلت.
- حسنا جهزي ما تريدين أرتدائه اليوم و من ثم سوف أستيقظ.
- مامي،لقد جهزت ملابسي منذ أسبوع من شدة التحمس.
قالتها هانا بنفاذ صبر لذا أزحتها من فوقي و نهضت من الفراش بينما افرك عيناي
- حسنا هانا،لقد استيقظت.
دلفت لدورة المياة لأغسل وجهي و أسناني، خرجت لأقف أمام حزانتي و أخرج منها سروال جينز ضيق به شقوق متفرقة و قميص أبيض خفيف بأكمام طويلة، أرتيدتهم سريعًا ثم أرتديت حذاء رياضي أسود،قمت بتمشيط شعري البني الطويل، تذكرت كم كان يحبه بيكهيون ،كان يُداعب خُصلات شعري دائمًا، أبتسمت عندما تذكرته و أخرجت قلادته علي شكل هلال التي اهداها لي و ارتديتها.
خرجت و ذهبت لغرفة هانا و ساعدتها علي أرتداء ملابسها، لقد بدت لطيفة في تلك الملابس، قبلت وجنتيها بينما أُردف
- انتِ لطيفة للغاية هانا.
قهقهت هانا بخفة ثم سمعنا طرقات علي الباب فهبت مسرعة لتفتح الباب، تبعتها لأجد تشانيول يحملها بين ذراعيه و يداعبها بينما يقول
- لنتناول فطورنا و بعدها نغادر.
~~♡~~
دلفنا لتلك الحديقة التي تعج بالاطفال و ذلك بسبب أن اليوم عطلة رسمية، كان تشانيول يمسك بيد هانا و أسير أنا بجانبهم.
توجهنا نحو تلك المقاعد التي تقبع أسفل شجرة كبيرة، و أمامها بحيرة واسعة، و بالقرب مننا توجد تلك الملاهي البسيطة.
- أمي أُريد أن العب هناك.
قالتها هانا بأبتسامة بينما تشير علي الأرجوحة، أبتسم لها تشانيول و حملها ثم قال
- حسنا لنذهب للأرجوحة أيتها البطة القصيرة.
عبست هانا بطفولية و أخذت تضرب صدر تشانيول بقبضتها الصغيرة، قهقهت علي شكلهم معًا، هانا تحب تشانيول كثيرًا لأنه يكاد يكون طفل مثلها تمامًا.
تذكرت بيكهيون عندما كان يقابل أطفال في الشارع أو في المشفي كان يُدللهم و يُداعبهم ، و دائمًا ما كان يُخبرني أنه يعشق الأطفال و ينتظر اليوم الذي سأنجب به ابنتنا، لقد كان متحمس أكثر مني و يعاملني بلطف شديد طوال فترة حملي و كان يخاف علي من أي مجهود بسيط، و لكن لم يشاء القدر أن يري أبنتنا الصغيرة الجميلة و هي تكبر كل يوم.
بيكهيون ستظل في قلبي كالجبل الذي لا يغير مكانه الزمن و السنوات، كالنبتة المُزهرة التي لا يغيرها النباتات الفاسدة، ستبقي كما كنت منذ أول مرة ألتقينا و أول مرة أعترفت فيها بأنك تحبني~♡

يتبع...


مرحبًا اصدقائي هذا أول شابتر لذلك قد تجدونه قصيرًا بعض الشئ و لكن لا بأس الشابتر القادم أطول و سيوضح الأمر.
أتمني أن تنال أعجباكم البداية و إذا في أي انتقاد ياريت أسمعه حتي أحسن من مستوايا.
ڤوت و كومنت فضلًا.
- الصورة فوق صورة هانا -

عبق الماضي || Fragrant Pastحيث تعيش القصص. اكتشف الآن