الفصل الثامن ( ذكريات مبعثرة )

2.6K 35 1
                                    



*

مرَت سبعة أشهر على وفاة أم حامد ، وتستمر الحياة رغم كل شيء ، ويبقى الحزن دفين القلوب المتألمة ، كانت ليلى تبدو فاتنة بثوبها الزهري ، وشعرها البني الطويل منسدل على ظهرها ، كانت ليلى بعكس اختيها تملك بشرة بيضاء اللون ، ولكن قامتها قصيرة مثل باقي أفراد عائلتها ، اذ أن قصر القامة شأن وراثي يميز أسرتها

الليلة هي ليلة عقد قرانها من يوسف ، ولكنَ مرارة الفقد تعتري قلبها ، و ومضة حزن تتكئ على سعادتها ، لم تكن تريد حفلاً ولو بسيطاً احتراماً لذكرى والدتها المرحومة ، ولكنَ الجميع أصر عليها وخصوصاً أم خاطبها ، اذ أنه ابنها الوحيد وتريد أن تفرح به ، فرضت بحفل بسيط في منزل والدها .ـ

كان ابو حامد ينظر اليها ملياً ، وقد غرقت ملامحها في الحزن ، ينفطر قلبه وهو يرى بناته تائهات بلا أم ، ماذا تريد الفتاة في حفلة خطبتها سوى أن تكون أمها بجانبها ؟
اقترب منها ، علَه يداري وجعها ، ويسد ولو قليلاً من ذلك الفراغ التي تركته والدتها ، " الله يبارك لك ويسعدكم يا ليلى ..يا ليت أمك كانت معانا وتشاركني السعادة اللا أنا فيها "ـ

استدارت له ، وعينيها على وشك البكاء ، ارادت أن تنطق ولكنه منعها : لا يا ليلى .. ما ارضى أشوف دموعك .

قامت من مكانها لتستقر في أحضانه ، وكلماته الحنونة تهدأ من أوجاعها .ـ
كانت قريبة منهم ، تتأمل والدها وهو يحتضن ليلى ، لم يكن همها يختلف عن اختها ، نظر اليها والدها وهو يفتح ذراعه ويبتسم : هالة ..تعالي
اقتربت منه ، ليحتضنها هي الأخرى ، ويقبل جبينها ، كان يحاول أن يخفف عنهما الحزن بضمهما الى أحضانه .

قال وهو يمسح دموع ليلى : يكفي يا حبيبة أبوك .. والله ما يهون علي أشوف دموعك

ابتسمت له : ان شاء الله يبه
أكمل كلامه بنبرة الحنان ذاتها : بعد شوي بجي الشيخ .. خليك جاهزة

خرج من الغرفة ليتقابل مع نور وهي تحمل طفلتها الملفوفة بوشاح قطني ، ابتسم لها وأخذ يداعب وجنتي سارا النائمة بين ذراعيها : يا حبيبة جدها ... كل ما كبرت صارت تشبهك أكثر نسختك وانتِ صغيرة ... وأحسن شي انها ما اخذت من ملامح أبوها شي

ضحكت نور لتعليقه ، وأردف هو قائلاً : ما اوصيك على خواتك .. ليلى واضح انها متضايقة وتفتقد امها ..وهالة بدل ما تخفف عنها قاعدة تزيد عليها
نور : ولا يهمك يبه الحين با شوفهم .


دخلت الى الغرفة ، وكانت ليلى تنظر الى نفسها بالمرآة وهي تحدث هالة : تتوقعي أعجبه ؟
غيرت نبرة صوتها وهي تقول بثقة : أكيـد بعجبه ... أصلاً يحصل له وحدة مثلي وبجمالي
نور وهي تضحك : يا عيني عالغرور والثقة
أسرعت هالة الى نور وهي تأخذ سارا منها : يا عمري أنا فديتها حبيبة خالتها
نور : شوي شوي لا تصحيها ماصدقت نامت
أخذت هالة الطفلة ووضعتها على السرير وانشغلت بها ، ليلى وهي تشير الى ازواج الأحذية على الأرض : ألبس الكعب والا العادي ؟

و هل ينتهي الحُــــب ؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن