ارتدت عباءتها الكحلية المزخرفة بزخارف بسيطة و انيقة ، تسير في غرفتها الواسعة و هي ترتب لباسها برواق ، نظرت الى وجهها في المرآة لكي ترتدي حجابها الكحلي وتغطي خصلات شعرها المصبوغ داخله ، نظرت الى انعكاسها ... لقد تغير شكلها و بشكل ملحوظ .. تغيرت و اختفى ذلك الشحوب .. واختفت تلك الحبوب الصغيرة التي كانت تشوه جبينها ..اصبحت تهتم بنفسها و مظهرها كثيراً الآن .. بالغت في شراء الكريمات و مستحضرات العناية بالبشرة ،منذ زواجها الى الآن صبغت شعرها ثلاث مرَّات ، تبالغ في التسوق و خزانتها الضخمة مليئة بألبسة و مشتريات لم تستخدمها بعد ، لقد اصبحت مختلفة .. فرق شاسع بين ياسمين المسكينة الكئيبة ابنة الدار التي تخلى عنها اهلها و هذه التي تقف امام المرآة الآن ، ياسمين الجديدة ، ياسمين زوجة سامي الزاهر رجل الاعمال المعروف و صاحب المستشفيات الشهيرة المنتشرة في المملكة .
تبالغ بالاهتمام بمظهرها لأنها كانت محرومة من هذا الشيء طيلة حياتها السابقة ، كانت محرومة من اشياء كثيرة و فجأة حصلت على كل شيء ، كانت سجينة في بيت اخيها مضطهدة لا رأي لها و لا كلمة ، تسمع الاوامر من اخوتها و تنفذ ما يقوله زوجاتهم و تتقبل اهاناتهم بكل ذل ، ثم انتقلت لدار الحماية لتُسجن هناك ايضاً ، ربما ارتاحت من ذل اخوتها و قسوتهم و لكنها كانت ايضاً سجينة ، ترتدي ملابس قديمة مهترئة و تخجل من مظهرها و شكلها في الجامعة في ايام دراستها ، رفعت رأسها بكبرياء فكل ذلك البؤس انتهى الآن ، فسامي لا يقصر عليها في شيء و تعيش معه كالأميرة ، هو حتى اخبرها بأنه يثق بها و بأخلاقها و لا داعي لتخبره في كل مرة انها ستخرج من البيت ، فهو مشغول في عمله و يقضي اغلب يومه خارج المنزل ، فلا داعي ان تخبره بخروجها في كل مرة و هو يثق بها ، و هي تشعر انها ملكت بثقته الدنيا ، لم يثق احد بها من قبل ، لا احد .. الجميع كان يحرمها من تلك الثقة و يُنظر لها بانتقاص ، و هو الآن يقول بأنه يثق بها !! ابتسمت بعمق من داخلها ، هو لا يعلم ما تعني تلك الجملة بالنسبة لها .
التقطت حقيبتها الثمينة ، و ارتدت نظارتها الشمسية الباذخة ، و هي تستعد للذهاب لعملها ، خرجت من جناحها و مشت بهدوء نحو الدرج ، لاحظت تصاعد دخان من مكان ما خلف الاريكة ، اقتربت وهي تغطي انفها بكفها بتقزز من رائحة السجائر ، رفعت ناظريها لترى مروة وهي تستلقي على الاريكة و تدخن سيجارتها باسترخاء ، ابتعدت عنها بسرعة ، هي تتجنب مروة مثل ما تتجنب وليد بل و ربما اكثر ، فمظهر مروة الشاذ يجعلها تنفر منها بل و تخافها ايضاً .
نزلت للأسفل وهي تقصد الخروج
شعرت بوجود سامي في الغرفة المجاورة للباب الخارجي ، سمعته يتحدث في هاتفه بلغة اجنبية لم تفهمها ، اقتربت من الباب تطل عليه بابتسامة ، تحدث قليلاً بالهاتف ثم اغلقه و دسه في جيبه ، قالت ياسمين بمرح : صباح الورد
بادلها الابتسام و هو ينظر لها بود : يا صباح الياسمين .
جلس على الكرسي و امتدت يده للطاولة امامه ليتلقط كوب القهوة ، ارتشف منه رشفة و قال : على وين طايرة ؟
ياسمين : على الدوام .
سامي : طيب تعالي افطري معي .. عاجبك كذا افطر لحالي ؟
رفعت نظارتها الشمسية عن عينيها الى مقدمة رأسها ، جلست على الكرسي المُجاور له و قالت : مع ان كان مالي نفس افطر ... بس لمَّا شفتك انفتح نفسي .
أنت تقرأ
و هل ينتهي الحُــــب ؟
Romanceعندما تمر بموقف سيء ,حادث مؤلم ,ستحاول ان تتجاوزه بهدوء, ان تسيطر عليه او ان يخفف عنك احدهم, ان ينتهي بك الأمر الي نسيانه وأنها فترة وستمضي ولكن ماذا لو كان ذلك الموقف سيقلب حياتك رأساً على عقب وان لا تعود الحياة بعده كما كانت تتلبسك تهمة بشعه...