ورقة في مهب الريح انا
تسحقني الاقدام
أتعلمون ما معنى الموت حياً ؟
أتعلمون ما معنى الموت صبراً ؟
مؤلم هو الخذلان ممن كنت ترى فيهم الحياة
أبكيكم سرا وعلانية وانتم لا تبالون
لا أعلم ما الذي حدث ؟ لا أعلم ماهي تهمتي ؟
اليك يا رب العباد أشكو ظلم العباد
اليك يا رب ارجو أن أشد الرحال
فأنا كالطفل الوليد الذي لفظته بطن أمه
في غابة ذئاب
ففي عالم الانسان لا قانون سوى
الدم والافتراس لا لشيء سوى
العبث والجنون
ويعيبون على الذئاب شهوة الافتراس
لأجل الحياةإهداء من الراقية : نداء الحق ( عضوة من المنتدى الثاني )
هل غفت ام تخدّرت بفِعل تلك الحُبوب الضئيلة الحجم ؟ .. لكنه كان نوماً مُريحاً خالياً من الكوابيس .. لم تحلُم بأحد .. لم تسمع أصـواتهم و لم ترى ملامحهم ..نامت كما لم تنام من قبل .. أرجعت برأسها الى الخلف .. تستند على وسادة بيضاء ناعِمة .. و رائحة المُعقمات تخترق حواسها .. تهتز مُقلتيها بدُوار و خِدر .. تشعُر بارتخاء عضلاتها حتى ان حركة أطرافها صارت بطيئة .. الوقت يمُر سريعاً .. مُنذ متى و هي تتأمل اندلاع الصباح عبر النافذة ؟ و ذلك الخدر داخلها يتلاشى شيئاً فشيئاً .. فتشعر بالدماء الحارة تجري بعروقها بسرعة أكبر من ذي قبل .. و تعود عضلاتها للإنقباض و الإنبساط بصورة طبيعية ... تجحظ عينيها و يزداد الدُوار .. لينفجر ذلك الكابوس في عقلها من جديد .. و تتنشر الهلوسات عبر أُذنيها .. وهم تلك الليلة يعود .. و كأنها تشعر بتأثير ضربات حامد على وجهها من جديد .. كُل شيء في تلك الليلة عاد على صورة وهم و هلوسات سمعية تُسيطر على أذنيها كـطنين .. نعـم تسمعهُ مجدداً و هو يُزمجر " مـين هو ؟ الحقير اللي معك في الصور مـين ؟ من متى ؟ و وين و كيف ؟ مـين هو ؟ وش اسمه و من متى و وين ؟ " يُسدد اليها اسئلته كـ رصاص يخترق قلبها كما تخترق ضرباتُه القاسية جِلدها .. لتُجيبه بصوت مخنوق " ما ادري " ... ثُم يشتمها بألفاظ لم تسمعها من قبل و يُعاود تسديد ضرباته نحوها .. و تُعاد تلك الأسئلة في عقلها من جديد .. " من هو ؟! " .. تخللت اصابعها خُصلات شعرها الجافَّة لتسحبها حتى تُنتف في كفيها .. تُغمض عينيها بقُوة لتتجعد جفونها الرقيقة .. تصرخ بانهيار : مـا أدري !!!!
فتحت عينيها بِبُطء و صدى صرختها يصدح في داخلها .. " ما ادري ..ما أدري .. ما أدري .. ما أدري ..
ثُم ماذا ؟ .. هل عادت تلك الصرخات و الهلوسات و الاضطرابات ؟ .. استدارت بفزع نحو الطاولة الصغيرة بجانبها .. تبحث بعينيها عن تلك العُلبة الصغيرة المليئة بالأقراص .. لقد تناولت منها البارحة فتخدرت و ارتاحت .. حتماً إن تناولت تلك الحبوب مجدداً سترتاح و يختفي كابوس ليلة زِفافها من عقلها .. أين تلك العُلبة ؟
شتت نظراتها بعشوائية حول الغـرفة البيضاء لتُفتش عن تلك العُلبة و لم تجدها ..ماذا تفعل ؟ فصوت حامد لازال يتردد في داخلها يشتمُها ثم يُكرر ذلك السُؤال مجدداً " مـين هو ؟! "
استلقت على السرير و هي تتلوى و تتأوه بصوت مُتقطع .. تضع كفيها على رأسها لتنتف شعرها .. علَّ ألم تمزُق شُعيرات رأسها يطغى على ذلك الألم الداخلي فيها .. شعرت بأحدهم يفتح الباب .. صوت أنثوي سمِعته و لكنه بدى مُشوشاً فلـم تفهمه .. فتحت عينيها و استدارت برأسها ناحيته .. و قد كانت امرأة بزي أبيض و حجاب أبيض أيضاً .. أدركت بأنها مُمرضة .. قالت بوجع : راسي يعورني ..
ابتسمت تلك الممرضة بتعاطف و احتوت كفيّ هالة بكفيها لتُبعدهما بلُطف عن شعرها .. ارتخت اصابع هالة و ابعدتهُما بتلقائية .. نظرت ببهوت نحو خُصلات شعرها الكستنائية التي تمزقت في كفيَّها رفعت بصرها نحو الممرضة التي تُحدثها بصوت مُتعاطِف : بسم الله عليك .. الحين تشربين دواك و ترتاحين .. و بعد شوي بتِجي الدكتورة تشيك على وضعك .
ابتعدت قليلاً لتفتح الحقيبة الطبية التي بحوزتها .. و تُخرج عُلبة صغيرة .. مدت بتلك العُلبة نحو هالة .. ففتحت هالة كفها باستسلام .. قلبتها ليسقط قُرص ارجواني صغير في راحة كف هالة .. وضعته في فمها بانصياع .. ثُم تناولت من تلك الممرضة كوباً من الماء لينجرف ذلك القرص الى حلقها .. ابتعدت الممرضة الى نِهاية الغرفة و عادت و هي تدفع عربة صغيرة احتوت طعاماً .. كانت مُتواجدة مُنذ فترة في الغُرفة .. قدمتها نحوها لتُدخلها بشكل عرضي على السرير و هي تقول : لازم تاكلين عشان الدوا ياخذ مفعوله .
فتحت قارورة الحليب الصغيرة ..ثم قالت و هي تشير الى صحن البيض و صحن السلطة الصغير بجانبِه : ابي اشوف الصحون فاضية و تلمع .. اوكي ؟
ابتسمت و اومأت هالة لها إيجاباً .. أمسكت بقارورة الحليب لترتشف منها رشفتين ثُم تبدأ بتناول طعامها بهدوء .. بينما جلست الممرضة على الكُرسي الذي بجانبها لتتحدث بتلقائية : انا اسمي جِنان .. ما ادري ان كنتِ تتذكريني او لا .. بس انا كنت الممرضة المساعدة على حالتك قبل .. لما كنتي تتعالجين بعد العملية
استدارت هالة نحوها لترمقها بنظرة مُتفحصة .. بشرة فاتِحة و وجه مُمتلئ قليلاً .. نظارة طبية كبيرة بحدود سوداء تُغطي نصف وجهها تقريباً .. و الحجاب الأبيض ملفوف عليها بإحكام فلا تظهر و لا خُصلة من شعرها .. لم يبدو لها ذلك الوجه مألوفاً .. فقد مررن عليها الكثيرات من الممرضات و غيرهُن من الأطباء و الطبيبات في الفترة الأخيرة .. و الجميع بدو متشابهين لها .. قالت بهدوء بعد ان مضغت اللقمة في فمها : لا مـا اتذكر .
ابتسمت جنان : طيب .. كملي أكلك حبيبتي .
رجعت تأكل بهدوء .. تضع لُقم صغيرة في فمها .. تأكلها دون تلذذ .. و دون الإحساس بطعمها حتى .. و كأنها تشرب ماءً .. بدى لها طعم البيض و طعم الحليب و السلطة سواء .. أفلتت الملعقة من يدها .. و قطبت جبينها من وجع رأسها الذي لم يختفي .. قالت بتأوه و هي تنظُر نحو جِنان : الوجع مو راضي يروح .. يصير تعطيني حبة ثانية ؟
جنان : لا .. مايصير ازيد لك الجرعة بدون اذن الطبيبة .. لازم تاخذين دواك بدون زيادة او نقص .. و اصبري شوي توك ماخذة الدوا .. اكيد يحتاج وقت لحتى يبان مفعوله .
أبعدت العربة عنها بنُفور و هي تلفظ من بين اسنانها بألم : ما اقدر اكمل اكلي .. احس بستفرغ كِذا ..
جلست جِنان بجوارها : الدكتورة شوي و بتِجي .. خليك صبورة .. و الدواء لازم تاكلين ليبان مفعوله و تتحسنين .
وضعت جِنان كفيها على كتفي هالة مُحاولةً تهدِئها : خذي نفس عميـق من انفك .. تنفسي بعـمق هالـة ..
بدأت هالة بالإنصياع لِم تُملي عليها الممرضة .. تملأ رئتيها بالهواء ثُم تزفُره من أنفها باضطراب .. و تُكرر فِعلتها و أطرافها ترتعش .. بينما تربت جِنان على ظهرها بلُطف و تردد : قولي بسم الله الرحمن الرحيم .. و اللهم صل على محمد ..اللهم صل على محمد و آله و صحبه و سلم
بدأت هالة بترديد تلك الجُمل الروحانية .. تستمع لِجنان و هي تُلقنها آيات من سورة الكوثر و الفلق و الناس .. و تُردد وراءها ببُطء .. شيئاً فشيئاً بدأت تشعُر بالاسترخاء .. و بأن أعصابها بدأت تهدأ .. اسندت ظهرها على السرير .. و تنهدت بضعف ... جنان : ارتحتي شوي ؟
اومأت بالإيجاب .. فقالت جنان : يلا كملي اكلك الحين .
ابتلعت هالة ريقها و هي تنظر الى الطعام بعدم رغبة ..تشعر بان شهيتها مسدودة .. و انها فقدت الرغبة في كُل شيء .. و كيف لا تكون ؟
جنان و هي تنهض و تضع جِهاز صغير بالقُرب من هالة : انا بروح اشوف الدكتورة ليه تأخرت .. و انتِ كملي أكلك .. و هذا الجهاز اذا احتجتي اي شي اضغطي على الزر الأحمر و انا او غيري على طول بنكون عندك .
ابتسمت و انصرفت عنها بلباقة .. بينما بقيت هالة تنظُر نحو طعامها بعدم رغبة و شبع .
أنت تقرأ
و هل ينتهي الحُــــب ؟
Storie d'amoreعندما تمر بموقف سيء ,حادث مؤلم ,ستحاول ان تتجاوزه بهدوء, ان تسيطر عليه او ان يخفف عنك احدهم, ان ينتهي بك الأمر الي نسيانه وأنها فترة وستمضي ولكن ماذا لو كان ذلك الموقف سيقلب حياتك رأساً على عقب وان لا تعود الحياة بعده كما كانت تتلبسك تهمة بشعه...