في داخلي أُحجية , عجزت حلها
دار الرعاية الاجتماعية للفتيات
الدمام - المملكة العربية السعوديةومرت الأيام , وأصبح هذا المكان هو سجني , وحدي بقيت , جسد بلا روح أصبحت , ما عاد هناك شيء يُفعل , عمري يمضي ولكن دمعي الدامي لم ينتهي بعد , كيف امكنهم نسياني وتركي ؟ وكأني لم اعني لهم شيئاً ؟ هل كلماتهم ووعودهم وقبلاتهم لي كانت كذباً ؟ وهل ينتهي الحب ؟ هل حقَاً ينتهي الحب بهذه السهولة ؟
لم اتصور يوماً ان هذه ستكون نهايتي , وفي هذا المكان الكئيب , سأُسجن مع تعاستي الى الأبد ,
لم أعد اؤمن بالبشر ولا بالحب ,لم يعد احد يعنيني ,بالرغم من كثرة الناس الذين يعيشون معي هنا , الى أن الوحدة تسكن كل زاوية مني ,اشعر وأن العالم كله قد انهار , وأنا تحته
كل يوم , منذ الصباح الى ان تغيب الشمس وأنا اقبع في هذه الغرفة الضيقة المليئة بالأسرة المتراصَة ببعضها ,يوجد بها نافذة واحدة في أعلى الجدار ,لا استطيع حتى النظر منها ,هوازن ,شمس ,غلا ,حصة وجواهر ,فتيات منبوذات مثلي , يشاركنني هذه الغرفة ,لا اعرف عنهم شيئاً سوى أن اهلهم تخلو عنهم تماماً كما حصل لي ,
- هالة , وقت الغذا يلا بسرعة قبل لايخلص
لم اجبها , بقيت صامتة كعادتي ,ولماذا الطعام ؟ لقد فقدت شهيتي من كل شيء
اقتربت مني وهي تهزني : انتِ من جيتي هنا وما أكلتي شي أبد لا تموتين من الجوع
اموت ؟! اعتقد انني مت حقاً , فلم يعد لحياتي أي معنى , ان لم يكن هذا موتاً فما الموت ؟
ابتعدت عني , وهي تتأفف وتحدث نفسها , وبقيت أنا على هذا السرير , احاول فك الاحجية التي تسكنني , اجلس محدقة في الفراغ وكأنني بومة
شعرت بها وهي تقترب مني مجدداً ,وهي تقدم لي طبقاً من الأرز : أنا جبت لك الاكل هنا , أنا بعد اول ما جيت هنا ماكنت احب آكل تحت
ضربت ذلك الطبق بيدي , فسقط على الأرض وتحطم , شهقت بقوة : لييه ؟ حرام لا تكفرين بالنعمة
جثت على ركبتيها وهي تحاول جمع حبات الأرز المتناثرة على الأرض , وأنا انظر اليها , اشفق عليها ,لماذا تكترث بي ؟
جاءت فتاة أخرى وهي تلقي اللوم عليها : خلاص يا غلا , ماعليك منها , هاذي شكلها مو صاحية
غلا : كسرت خاطري , من جت للدار وهي ما اكلت شي
هوازن : خليها عنك , أكيد وراها بلوى والا شجابها لهنا ؟ اتركيها وتعالي بخلص وقت الغذا وانتِ ماكليتين شي
واخيراً خرجن عنِي , لا أريد احداً ,يجب علي حل تلك الاحجية داخلي , احتاج الهدوء , الهدوء التام
,
تجلس في المقعد الخلفي من السيارة , شاردة تنظر الى النافذة , تفكر في تلك الفتاة التي جاءت مؤخراً الى الدار , ابنة خالتها "هالة " التي تعرفها الآن للتو , فلم تكن تربطها علاقة قوية بخالتها المتوفاة ولا بناتها , عدا نور , فقد كانت تربطها بها علاقة بسيطة بحكم دراستهما معاً , ترتسم في مخيلتها تلك الملامح الحزينة مجدداً , العينين الواسعتين التي تلمعان بشيء من الكآبة , فقط بالنظر الى تلك العينين , يمكنك ان تشعر بذلك الحزن الدفين داخلها , وكأن عينيها تتحدث , تذكرها تلك الملامح بشخص عزيز عليها , تلك الذكرى تدفعها للمجيء لعملها بانتظام , عملها التي كانت تهمله ولا تأتي اليه , الا في اوقات فراغها , اصبحت تنهض صباحاً كل يوم , للتفقد تلك الفتاة ,التي تجلب لها الذكريات
أنت تقرأ
و هل ينتهي الحُــــب ؟
Storie d'amoreعندما تمر بموقف سيء ,حادث مؤلم ,ستحاول ان تتجاوزه بهدوء, ان تسيطر عليه او ان يخفف عنك احدهم, ان ينتهي بك الأمر الي نسيانه وأنها فترة وستمضي ولكن ماذا لو كان ذلك الموقف سيقلب حياتك رأساً على عقب وان لا تعود الحياة بعده كما كانت تتلبسك تهمة بشعه...