الفصل التاسع ( ذكريات مبعثرة )

2.2K 36 0
                                    





كانت هالة تمشي ورائهم وهي تحاول ان تبقي مسافة بينها وبينهم ، وتشيح بوجهها جانباً عن يوسف ، الى ان وصلا الى مواقف السيارات ثم ركبت في المقعد الخلفي من سيارته السوداء الصغيرة ، حرَّك سيارته وبدأ بقيادتها بهدوء ، كان الصمت يخيم على الأجواء داخل تلك السيارة ، وكان الخيال هو الذي يجمع هالة بيوسف ، وليلى مثل الغريبة في هذا الخيال ، كانت هالة تتخيل نفسها تجلس في المقعد الأمامي بدلاً من ليلى ، ويوسف أيضاً أخذه خياله الى ان يتخيل هالة تجلس بجانبه بدلاً من ليلى .
حاولت أن تبعد تلك الأفكار عنها وهي تشيح بوجهها الى النافذة تراقب الشوارع والسيارات المزدحمة
وهي تردد في عقلها " هالة احترمي نفسك تراه زوج اختك ويحرم عليـك .. هالة لا تصيري حقيرة وتخوني ليلى بهالمشاعر التافهة ..ليلى اختك ماتستاهل منك هالخيانة .. وما يحق لك تغارين منها حتى "
وكذلك كان يوسف يبعد عنه الاوهام ويحارب خياله الذي يقوده للفتاة التي تجلس خلفه ، " يوسف زوجتك وحلالك تجلس جنبك يكفي حقارة يكفي لا تفكر في غيرها ..والله حرام اللي قاعد تسويه في نفسك " ، مد ذراعه نحو ليلى واجتذب كفها بكفه ، كان بتلك الحركة يريد ان يقنع نفسه بليلى ، كانت حركة عديمة الحيلة في محاولة اقتلاع هالة من عقله واستبدالها بليلى .ـ
نظرت ليلى اليه متفاجئة من حركته ، قابل نظراتها المتفاجئة بابتسامة ، ووضع كفها في حجره وهو يتحسسه بلطف .ـ
تأملتهما هالة بشيء من الحسرة ، لاحظت كيف يتبادلان النظرات بحب ، سمعته وهو يهمس لها : أحـبـك ليـلـى .
لا تعلم ما السبب الذي جعلها تشعر بقلبها وكأنه يعتصر بشدة ، وما السبب الذي جعل عينيها تذرفان الدموع بغزارة حتى بللت نقابها .ـ

بعد أن انتهى مشوار الطريق ، أوقف يوسف سيَّارته أمام منزل زوجته ، ترجلَّت هالة من السيارة بدون أن تنطق بأي كلمة ، تريد أن تهرب منه وتهرب من تلك الأحاسيس التي تختلج قلبها وهي بقربه ، وتهرب من ذلك الشعور المؤلم يسار صدرها ، تهرب من رؤيتهما معاً ، وتخفي دموعها التي تفضحها
أمَّا ليلى فكانت في لحظة من الهيام ، كان يوسف يحتضن كفها طوال الطريق وذلك جعلها تشعر وكأن كهرباء تسري في جسدها ، يبستم وينظر اليها بنظرات غريبة فتتسرب المشاعر الجميلة الى أعماقها ، وعندما نطق بتلك الكلمة أحسَّت بوخز في قلبها ، لقد فاجأها !! فهذه المرة الأولى التي يتصرف معها بهذه الطريقة الشاعرية .ـ

أرادت أن تنزل من السيَّارة فقالت بهدوء : مع السلامة ..تصبح على خير
قال بشرود : وانتِ من أهله
أرادت سحب يدها من قبضته ولكنه كان يشد عليها بقوة ، نطقت بارتباك : يوسـف ... ايدي
يوسف : هاه ... ، استوعب شروده وترك يدها وهو يضحك : ههههههه آسف مانتبهت ... تصبحين على خير



*
بعد أربع ساعات
يجلس في غرفته ، غارق في أفكاره ، يُكابر على ما يدرك في قرارة نفسه أنه لا يستطيع نسيانها ، كيف ينسـاها وهـي دائماً ما تظهر أمامه بدون سابق انذار ؟ كـيف ينساها وهي التي كانت تعيـش داخله طـوال تلك السنتين الماضيتين ، ربما خطأه أنه بالغ وتمادى في خياله معها ، ربما لأنه أدمن اختلاس النظر اليها وأدمن التنصت عليها ، ولأنه أدمنها ثم منع نفسه فجأة ، و لأن حلمه أن يجتمع بها انتهى وذاب أمام عينيه ، ربما لأنه لا زال تحت تأثير الخيبة والخذلان

و هل ينتهي الحُــــب ؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن