كانت هالة تمشي ورائهم وهي تحاول ان تبقي مسافة بينها وبينهم ، وتشيح بوجهها جانباً عن يوسف ، الى ان وصلا الى مواقف السيارات ثم ركبت في المقعد الخلفي من سيارته السوداء الصغيرة ، حرَّك سيارته وبدأ بقيادتها بهدوء ، كان الصمت يخيم على الأجواء داخل تلك السيارة ، وكان الخيال هو الذي يجمع هالة بيوسف ، وليلى مثل الغريبة في هذا الخيال ، كانت هالة تتخيل نفسها تجلس في المقعد الأمامي بدلاً من ليلى ، ويوسف أيضاً أخذه خياله الى ان يتخيل هالة تجلس بجانبه بدلاً من ليلى .
حاولت أن تبعد تلك الأفكار عنها وهي تشيح بوجهها الى النافذة تراقب الشوارع والسيارات المزدحمة
وهي تردد في عقلها " هالة احترمي نفسك تراه زوج اختك ويحرم عليـك .. هالة لا تصيري حقيرة وتخوني ليلى بهالمشاعر التافهة ..ليلى اختك ماتستاهل منك هالخيانة .. وما يحق لك تغارين منها حتى "
وكذلك كان يوسف يبعد عنه الاوهام ويحارب خياله الذي يقوده للفتاة التي تجلس خلفه ، " يوسف زوجتك وحلالك تجلس جنبك يكفي حقارة يكفي لا تفكر في غيرها ..والله حرام اللي قاعد تسويه في نفسك " ، مد ذراعه نحو ليلى واجتذب كفها بكفه ، كان بتلك الحركة يريد ان يقنع نفسه بليلى ، كانت حركة عديمة الحيلة في محاولة اقتلاع هالة من عقله واستبدالها بليلى .ـ
نظرت ليلى اليه متفاجئة من حركته ، قابل نظراتها المتفاجئة بابتسامة ، ووضع كفها في حجره وهو يتحسسه بلطف .ـ
تأملتهما هالة بشيء من الحسرة ، لاحظت كيف يتبادلان النظرات بحب ، سمعته وهو يهمس لها : أحـبـك ليـلـى .
لا تعلم ما السبب الذي جعلها تشعر بقلبها وكأنه يعتصر بشدة ، وما السبب الذي جعل عينيها تذرفان الدموع بغزارة حتى بللت نقابها .ـبعد أن انتهى مشوار الطريق ، أوقف يوسف سيَّارته أمام منزل زوجته ، ترجلَّت هالة من السيارة بدون أن تنطق بأي كلمة ، تريد أن تهرب منه وتهرب من تلك الأحاسيس التي تختلج قلبها وهي بقربه ، وتهرب من ذلك الشعور المؤلم يسار صدرها ، تهرب من رؤيتهما معاً ، وتخفي دموعها التي تفضحها
أمَّا ليلى فكانت في لحظة من الهيام ، كان يوسف يحتضن كفها طوال الطريق وذلك جعلها تشعر وكأن كهرباء تسري في جسدها ، يبستم وينظر اليها بنظرات غريبة فتتسرب المشاعر الجميلة الى أعماقها ، وعندما نطق بتلك الكلمة أحسَّت بوخز في قلبها ، لقد فاجأها !! فهذه المرة الأولى التي يتصرف معها بهذه الطريقة الشاعرية .ـأرادت أن تنزل من السيَّارة فقالت بهدوء : مع السلامة ..تصبح على خير
قال بشرود : وانتِ من أهله
أرادت سحب يدها من قبضته ولكنه كان يشد عليها بقوة ، نطقت بارتباك : يوسـف ... ايدي
يوسف : هاه ... ، استوعب شروده وترك يدها وهو يضحك : ههههههه آسف مانتبهت ... تصبحين على خير
*
بعد أربع ساعات
يجلس في غرفته ، غارق في أفكاره ، يُكابر على ما يدرك في قرارة نفسه أنه لا يستطيع نسيانها ، كيف ينسـاها وهـي دائماً ما تظهر أمامه بدون سابق انذار ؟ كـيف ينساها وهي التي كانت تعيـش داخله طـوال تلك السنتين الماضيتين ، ربما خطأه أنه بالغ وتمادى في خياله معها ، ربما لأنه أدمن اختلاس النظر اليها وأدمن التنصت عليها ، ولأنه أدمنها ثم منع نفسه فجأة ، و لأن حلمه أن يجتمع بها انتهى وذاب أمام عينيه ، ربما لأنه لا زال تحت تأثير الخيبة والخذلان
أنت تقرأ
و هل ينتهي الحُــــب ؟
Romanceعندما تمر بموقف سيء ,حادث مؤلم ,ستحاول ان تتجاوزه بهدوء, ان تسيطر عليه او ان يخفف عنك احدهم, ان ينتهي بك الأمر الي نسيانه وأنها فترة وستمضي ولكن ماذا لو كان ذلك الموقف سيقلب حياتك رأساً على عقب وان لا تعود الحياة بعده كما كانت تتلبسك تهمة بشعه...