كانت الإبنتان الصغيرتان في العائلة,كيتي وليديا, منشغلتين في ذلك الوقت . في كل يوم كانتا تسيران إلى مريتون, على بعد ميل, لزيارة شقيقة والدتهما, السيدة فيليبس , التي تزوجت محاميا ينتمي إلى تلك البلدة. في كل ليلة كانتا تنقلان الأخبار الكثيرة.فوج جنود وصل مؤخرا إلى مريتون, ومن المقرر أن يمكث فيها طوال الشتاء. في كل يوم اكتشفت كيتي وليديا المزيد عن الضباط, الذين سرعان ما بدأتا التعرف إليهم شخصيا . إن ثروة السيد بنغلي , التي أثارة اهتمام والدتهما, لم تكن شيئا بالمقارنة مع بذلة ضابط صغير السن.وذات صباح, بعد الاستماع إلى ملاحظتهما عن هذا الموضوع, قال السيد بنيت بهدوء:
"لابد أنكما اثنتان من أسخف الفتيات في البلدة. لقد ارتبت في الأمر لمدة طويلة و لكنني الآن متأكد منه".
قالت السيدة بنيت:"أنا مندهشة يا عزيزي لأنك تظن بأن بناتك سخيفات ,وقد ثبت أنهن ذكيات جدا".
"يسعدني أن أقول إن هذا هو الأمر الوحيد الذي لا نتفق عليه. فأنا ما زلت أعتقد بأن ابنتيك الصغيرتين سخيفتان فوق العادة".
أوشكت السيدة بنيت أن تجيب عندما دخل خادم الغرفة برسالة إلى جاين بنيت . ابتهجت السيدة بنيت وهتفت فبما كانت ابنتها تقرأ:
"حسنا يا جاين , ممن هي؟ ماذا فيها؟ ماذا يقول؟ حسنا يا جاين ,أسرعي وأخبرينا, أسرعي يا حبيبتي!".
قالت جاين :"إنها من الآنسة بنغلي , وهي تتمنى علي أن أتناول العشاء معها ومع السيدة هارست, فالرجال خارجون للعشاء مع الضباط".
قلت السيدة بنيت: "سيكون الرجال في الخارج؟ ذلك حظ سيء للغاية".
سألت جاين: "هل يمكنني أن أستخدم العربة؟"
"لا يا عزيزتي,من الأفضل أن تذهبي على صهوة الجواد,لأنه من المحتمل أن تمطر. وعندئذ سيتوجب عليك قضاء الليلة هناك".
آثرت جاين أن تذهب بالعربة ,لكن كان عليها الذهاب على صهوة الجواد.ودعتها أمها عند الباب مع أمنيات كثيرة فرحة بطقس رديء. وقد تحققت أمنياتها. فما أن غادرت جاين حتى بدأت تمطر بغزارة . قلقت شقيقاتها عليها كثيرا, لكن والدتها كانت فرحة. استمر المطر يهطل طوال المساء, ولم تتمكن جاين من العودة بالتأكيد .
"إنها فكرتي الجيدة!" قالت السيدة بنيت أكثر من مرة وكأنها هي من أرسل المطر .لكنها لم تعرف كم أحسنت تدبير الأمور حتى الصباح التالي . فبعد الفطور مباشرة, أحضر خادم رسالة من جاين. كانت مريضة جدا نتيجة أصابتها بالبلل في اليوم السابق. وقد ألح أصدقاؤها اللطفاء في نذرفيلد على أن تبقى هناك حتى تتحسن.
قال السيد بنيت:" حسنا يا عزيزتي, إذا أصيبت ابنتك بمرض خطيرـ إذا ماتت ـ فإن ما يبعث على الارتياح أن تعرفي أنها قضت نحبها أثناء محاولتها الإيقاع بالسيد بنغلي".
"أوه, أنا لا أخشى موتها.سوف يعتني بها جيدا. وطالما أنها تمكث هناك ستكون بخير".
"كانت إليزابيث متلهفة حقا على رؤية شقيقتها. كانت العربة في الاستخدام, فقررت أن تمشي .
صاحت والدتها :" كم أنت سخيفة! ستكونين مغطاة بالطين عندما تصلين إلى هناك. ولن تكوني ملائمة للرؤية".
"سأكون ملائمة لأرى جاين ـ وهذا كل ما أريده. إنها مسافة ثلاثة أميال فقط. سأعود للعشاء".
ذهبت بمفردها, قاطعة بسرعة حقلا بعد حقل. وأخيرا وصلت إلى نذرفيلد بساقين متعبتين وجوربين قذرين ووجه يتقد بسبب الجهد الذي بذلته . اقتيدت إلى غرفة الطعام حيث جلس الجميع باستثناء جاين . وبصعوبة استطاعت الآنسة بنغلي و السيدة هارست أن تصدقا أنها مشت ثلاثة أميال في وقت مبكر من النهار, في مثل هذا الجو الرديء, وبمفردها. كانت إليزابيث متأكدة من أنهما يستخفان بها. لكنهما استقبلاها بتهذيب بالغ, وكان شقيقهما أكثر من مهذب ـ كان لطيفا ومحبا. تحدث دارسي قليلا ولم يتحدث السيد هارست أبدا.كان الأول يتأمل بإعجاب اللون المتوهج الذي منحه الجهد لوجه إليزابيث. فيما كان الأخير يفكر في فطوره فقط.
لم تنم جاين بنيت جيدا وأصابتها حمى شديدة. ذهبت إليها إليزابيث فورا وأمضت النهار كله إلى جانبها. أتى الطبيب وأمر جاين بملازمة الفراش وتناول بعض الأدوية التي أرسلها لها.
عند الساعة الثالثة شعرت إليزابيث بأن عليها الذهاب إلى البيت وقالت ذلك مرغمة. قدمت الآنسة بنغلي العربة إليها لكن جاين أبدت قلقا شديدا على فراق شقيقتها بحيث اقترحت الآنسة بنغلي أخيرا أن على إليزابيث البقاء في نذرفيلد أيضا.وافقت إليزابيث على ذلك شاكرة, وأرسل خادم إلى لونغبورن لإخبار عائلتها.
أنت تقرأ
كبرياء وهوى لـ جين اوستن
Romanceترتكز أحداث الرواية حول إيلزابيث بينيت_الإبنة الثانية من بين خمسة بنات لرجل ريفى. كما أن السيد بينيت عاشقاً للكتب. ففى بعض الأحيان يتجاهل المسؤليات التي تقع على عاتقه. أما عن السيدة بينيت فهى إمرأة تفتقر التصرف الإجتماعى اللائق. بالإضافة إلى أن إيجا...