الفصل السادس عشر غضب صامت

2.2K 112 1
                                    


مر يوم بعد يوم من دون أية أخبار من السيد بنغلي. حتى أن إليزابيث بدأت تخشى من أن شقيقته قد نجحتا في إبعاده. كان قلق جاين, طبعا, أكثر إيلاما من قلق إليزابيث.وقد جعله أسوأ نفاد صبر والدتها, التي كانت دائما تتحدث عن بنغلي.

وصلت رسالة الآنسة بنغلي ووضعت حدا للشك. فالجملة الأولى أشارت إلى أنهم يقيمون في لندن في الشتاء, والجملة الأخيرة أشارت إلى أن شقيقها آسف لأنه لم يتسن له الوقت ليقول وداعا للعائلة قبل مغادرة هارتفوردشاير.


انتهى الأمل, انتهى كليا. فقد تفاخرت الآنسة بنغلي ثانية أن آمالها في الزواج بين الآنسة دارسي والسيد بنغلي ستتحقق بسرعة. استمعت إليزابيث إلى كل ذلك بغيظ صامت. لم تصدق رواية كارولين بنغلي عن أن أخيها يحب الآنسة دارسي. فهي لم تشك لحظة في أنه أحب جاين. لكنها كانت تزدري طبعه السهل, الذي جعله عبدا لأصدقائه.

مر يوم أو يومان قبل أن تملك جاين الشجاعة للتحدث عن عواطفها إلى إليزابيث.

"أوه, أتمنى لو كانت لأمي سيطرة أكبر على نفسها. فهي لا تملك أية فكرة عن الألم الذي تسببه لي من جراء انتقادها المستمر له.لكن ينبغي ألا أفكر في الأمر. فهو لن يدوم طويلا. سأتذكر أنه أفضل رجل التقيته, وهذا كل شيء".

هتفت إليزابيث: "عزيزتي جاين! أنت طيبة للغاية. لا أدري ماذا أقول لك. أشعر وكأنني لم أحبك بالقدر الذي تستحقينه".


ومنذ هذا الوقت, نادرا ما ذكر اسم السيد بنغلي بينهما.


كانت رفقة السيد ويكهام المساعد الأكبر على جعل عائلة لونغبورن أكثر مرحا بعد كل الأحداث التعيسة التي عصفت بها. وقد أصبح تاريخ علاقاته مع السيد دارسي شائعا في كل مكان وجرت مناقشته مرارا. وكانت جاين بنيت الشخص الوحيد الذي فكر في أن هناك تفسيرا ما لتصرفات السيد دارسي المجهولة لدى سكان هارتفوردشاير. فيما حكم كل شخص آخر على أن دارسي أسوأ الرجال.


في يوم الإثنين التالي, تشرفت السيدة بنيت باستقبال شقيقها وزوجته,اللذين جاءا من تشيب سايد لقضاء عيد الميلاد في لونغبورن. كان السيد غاردنر رجلا ذكيا نبيلا, وأعلى مقاما من شقيقته من ناحيتي الخلق والثقافة.وكانت السيدة غاردنر امرأة لطيفة, ذكية, أنيقة الملبس, ومحبوبة من قبل بنات أخت زوجها.
تحدثت السيدة غاردنر سرا إلى إليزابيث عن السيد بنغلي فقالت: "إنني آسفة لما حدث. لكن هذه الأمور تحدث في أحوال كثيرة! مسكينة جاين! إنني آسفة من أجلها لأنها ربما لن تتغلب على ذلك بسهولة. كان من الأفضل لو حدث ذلك لك يا إليزابيث. فأنت تنقذين نفسك بسرعة أكبر. هل تعتقدين بأنه يمكن إقناعها بالعودة معنا إلى لندن؟ فالتغيير ربما يفيدها. كذلك ليست هنالك أية فرصة لالتقائها ببنغلي في لندن. فنحن نعيش في ناحية أخرى من المدينة ولا نعرف الأشخاص ذاتهم أبدا".



سرت إليزابيث بالخطة, وقبلت جاين دعوة زوجة خالها بفرح. تطلعت إلى لقاء الآنسة بنغلي أحيانا, طالما أن السيد بنغلي يعيش مع السيد دارسي ولن يكون مع شقيقتيه. لكن إليزابيث كانت متأكدة من أن الآنسة بنغلي ستنهي الصداقة كليا. وهذا ما حدث. كانت جاين قد أمضت أسبوعا في لندن قبل أن تكتب لها كارولين. ثم زارتها جاين في منزلها وتلقت ترحيبا باردا. وبعد أسبوعين ردت كارولين بنغلي زيارتها, لكنها مكثت وقتا قصيرا ولم تكن حميمة جدا في تصرفها, فرأت جاين أخيرا كم كانت مخدوعة. فكتبت إلى السيد بنغلي, فمع أنه علم أن جاين في لندن, لم يقم بأية محاولة كي يراها. فانتهى تماما كل أمل في حبه.


في تلك الأثناء, خلال زيارة جاين إلى لندن, أصابت خيبة الأمل إليزابيث نفسها. فإن ويكهام, الذي كان اهتمامه وإعجابه مصدر سرور لها خلال الأشهر القليلة الماضية, لم يعد يظهر لها أكثر من الصداقة العادية. كان موضع إعجاب امرأة أخرى. وكانت إليزابيث يقظة كفاية لترى ذلك كله, فرأته من دون ألم عظيم. ولم يمس قلبها إلا قليلا. كانت متأكدة من أنها لو كانت أكثر ثراء لكانت موضع اختياره وهذا ما أرضى كبرياءها. فالسحر العظيم لدى الآنسة كينغ, الشابة التي مال إليها, كان ميراثا مقداره عشرة آلاف جنيه. لم تنتقد إليزابيث رغبته في الاستقلال. فالشبان الوسيمون ينبغي أن يكون لديهم ما يقتاتون به. حتى أنها لم تمقت الشابة التي احتلت مكانها. كانت في الحقيقة مقتنعة بأنها لم تقع في حبه كثيرا. وإلا لشعرت بمزيد من الحقد تجاهه وتجاه الآنسة كينغ.

كبرياء وهوى  لـ جين اوستنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن