قاموا بعدة زيارات إلى روزينغز خلال الأسبوع الأخير من إقامتهم. وقد تذكرت إليزابيث في كل مرة رأت فيها الليدي كاثرين أنها لم اختارت ما عرض عليها لأصبحت في هذا الوقت تقدم بصفتها زوجة ابن أختها في المستقبل. ابتسمت وهي تفكر فيما كان يمكن أن يكون عليه غضب سيادتها. لم تأسف للحظة على رفضها, أو تشعر بأدنى رغبة في رؤية دارسي مرة ثانية, أما حزنها على عائلتها فقد جعل من المستحيل عليها أن تبدو مرحة.
أخيرا حان الوقت, فوصلت العربة وأحكم حزم صناديق الأمتعة. ودعت شارلوت إليزابيث وداعا مؤثرا. وساعد السيد كولينز إليزابيث وماريا على دخول العربة.
أغلقت الباب وانطلقت العربة.
صاحت ماريا بعد لحظات قليلة من الصمت: "يا إلهي, يبدو وكأنه مر يوم أو يومان على قدومنا! ومع ذلك كم من أشياء كثيرة حدثت!"
قالت إليزابيث وهي تتنهد: "أشياء كثيرة حقا. لقد تناولنا العشاء تسع مرات في روزينغز, إلى جانب تناول الشاي مرتين هناك. كم لدي مل أكشف عنه!".
ثم أضافت إليزابيث سرا_"وكم لدي ما أخفيه".
وصلوا إلى منزل السيد غاردنر في أقل من أربع ساعات, حيث أمضوا بضعة أيام قبل العودة إلى البيت مع جاين. وعندما وصلوا إلى البيت, أخبرت إليزابيث أختها بكل ما جرى بينها وبين السيد دارسي.
لم يظهر حب جاين الأختي الشديد أي إعجاب ببقاء إليزابيث طبيعية تماما. أسفت لأن السيد دارسي أعلن مشاعره بهذا الأسلوب السيء, كما أسفت أكثر لتعاسته الناجمة عن رفض شقيقتها.
قالت جاين: "كان خطأ منه أن يتأكد تماما من النجاح. لكن فكري في كم ضاعف ذلك من خيبة أمله".
أجابت إليزابيث: "إنني آسفة حقا من أجله. لكن كبرياءه سرعان ما سيغير عاطفته نحوي. هل تلوميني لأنني تحدثت بحرارة عن ويكهام؟"
"ألومك! أوه, لا!"
"لكنك ستفعلين عندما أخبرك بما حدث اليوم التالي".
تحدثت بعد ذلك عن الرسالة, مرددة كل شيء يتعلق بجورج ويكهام. يا لها من ضربة وجهت إلى جاين المسكينة! كانت ستكابد الحياة بطيبة خاطر من دون أن تؤمن بأنه قد اجتمع في شخص واحد كل الشر الموجود في الجنس البشري. وحتى براءة دارسي, التي كانت مستحبة منها, لم تستطع أن تبعث فيها الارتياح. حاولت بجد ان تثبت إمكانية وجود خطأ وأن تبرئ واحدا من دون أن تتهم الآخر.
قالت إليزابيث: "هذا لا يجدي. لن تكوني أبدا قادرة على أن تجعلي الإثنين صالحين. عليك بالاختيار, عليك الاكتفاء بواحد فقط. هنالك بين الإثنين واحد يستأهل أن يكون رجلا صالحا, وقد تغير كثيرا في الفترة الأخيرة. من جهتي, أميل إلى الاعتقاد بأن الأهلية هي للسيد دارسي, لكنك تستطيعين أن تختاري ما تشائين."
مر بعض الوقت قبل أن تبرز ابتسامة اقتناع من جاين.
"مسكين ويكهام! هنالك تعبير عن الطيبة في وجهه! هنالك دماثة في أخلاقه!"
"هنالك بالتأكيد خلل في تربية هذين الشابين. فواحد حاز كل الطيبة وآخر حاز كل مظاهرها".
"أنا متأكدة يا إليزابيث من أنك عندما قرأت تلك الرسالة لأول مرة لم تتمكني من معالجة المسألة بسهولة كما تفعلين الآن".
"حقا, لم أتمكن من ذلك. كنت غير مرتاحة, ويمكن أن أقول, غير سعيدة."
"كم كان غير ملائم أن تتحدثي إلى دارسي بلغة الخير عن ويكهام, لأنه يبدو الآن غير جدير بها".
"طبعا. لكنني أريد نصيحتك. أريدك أن تقولي إن كان علي أن أخبر أصدقاءنا عن حقيقة شخصية ويكهام".
توقفت جاين قليلا ثم أجابت: "ليس هنالك بالتأكيد أي سبب لفضحه بقوة. فما هو رأيك؟".
"أن لا أفعل ذلك. فالسيد دارسي لم يطلب إلي أن أجعل رسالته علنية. بل على العكس, إن كل تفصيل عن شقيقته كان يقصد به أن يبقى سرا. إذا حاولت أن أخبر الناس عن سائر تصرفاته, فمن سيصدقني؟ سيرحل ويكهام بسرعة, ولذلك لن يكترث أحد لحقيقة أمره. سيتم اكتشاف كل ذلك في وقت من الأوقات, وآنئذ يمكننا أن نضحك من غباء الناس لعدم إدراكهم ذلك من قبل. في الوقت الحاضر لن أقول أي شيء عن الموضوع".
"أنت على حق. إن الإعلان عن أخطائه ربما يفقره إلى الأبد. إنه الآن. على الأرجح, نادم على ما فعل ومتشوق إلى تقويم شخصيته. وعلينا أن لا نجعله يائسا".
أنت تقرأ
كبرياء وهوى لـ جين اوستن
Romanceترتكز أحداث الرواية حول إيلزابيث بينيت_الإبنة الثانية من بين خمسة بنات لرجل ريفى. كما أن السيد بينيت عاشقاً للكتب. ففى بعض الأحيان يتجاهل المسؤليات التي تقع على عاتقه. أما عن السيدة بينيت فهى إمرأة تفتقر التصرف الإجتماعى اللائق. بالإضافة إلى أن إيجا...