أتى السيد بنغلي ثانية بعد بضعة أيام ـ فتلقى دعوة إلى العشاء في اليوم التالي. أما السيد دارسي فقد عاد إلى لندن لقضاء عشرة أيام.
عقدت السيدة بنيت العزم على وجوب ترك جاين والسيد بنغلي منفردين. وبعد تناول الشاي, ذهب السيد بنيت إلى المكتبة كالمعتاد, وصعدت ماري إلى الطابق العلوي لتقرأ. وهكذا أزيحت عقبتان كم أصل خمسة, فجلست السيدة بنيت تنظر إلى إليزابيث وكيتي وتغمز لهما لوقت طويل. ثم نهضت فجأة وقالت لكيتي: "تعالي يا حبيتي, أريد أن أتحدث إليك", ثم أخذتها إلى خارج الغرفة. تطلعت جاين إلى إليزابيث, متوسلة إليها كيلا تستسلم. وبعد دقائق قليلة فتحت السيدة بنيت الباب نصف فتحة ونادت: "ليزي, أريد أن أتحدث إليك".
فاضطرت إليزابيث إلى الذهاب.
وقالت أمها: "يمكننا أيضا أن نتركهما منفردين. فأنا وكيتي سنصعد إلى الطابق العلوي".
لم تحاول إليزابيث أن تجادل أمها, لكن ما أن غابت عن نظرها حتى عادت إلى غرفة الاستقبال.
لم تحظ خطط السيدة بنيت في ذلك اليوم بالنجاح. فقد كان بنغلي ساحرا تماما, لكنه لم يكن عاشقا صريحا لابنتها. وقد جعلته بساطته ومرحه عضوا مرحبا به لدى الجماعة, وأنصت بهدوء إلى ملاحظات الأم السخيفة فنال بذلك ثناء الابنة.
بعد هذا اليوم لم تعد جاين تتحدث عم لامبالاتها. فيما لجأت إليزابيث إلى الفراش في غمرة الاعتقاد السعيد بأن كل شيء سيرتب على وجه السرعة. وكانت واثقة إلى حد ما من أن كل هذا لابد أن يحدث بموافقة السيد دارسي.
في اليوم التالي ذهب السيد بنغلي للصيد مع السيد بنيت ثم عاد معه لتناول العشاء. وفي المساء عملت السيدة بنيت ثانية على إبعاد الجميع عن بنغلي وابنتها. وفي هذه المرة فاقت إليزابيث بذكائها. فقد كانت الأخيرة تكتب رسالة في غرفتها. ولدى عودتها إلى غرفة الاستقبال رأت أختها و بنغلي واقفين معا في حديث جدي. وقد نطلق وجهاهما بكل شيء عندما استدارا وابتعد بعضهما عن بعض. لم ينطق أحد بأية كلمة, وكادت إليزابيث تبتعد ثانية عندما هرع بنغلي إلى خارج الغرفة بعد أن همس بكلمات قليلة إلى جاين.
لم تخف جاين أية أسرار عن إليزابيث. وأعلنت بفرح أنها أسعد إمرأة في العلم, ثم أضافت تقول:
"هذا كثير جدا. كثير جدا. لا أستحق ذلك. أوه, لماذا لا يكون كل شخص سعيدا جدا؟"
قدمت تهاني إليزابيث بإخلاص وحماسة وابتهاج عجزت الكلمات عن التعبير عنها. وقد منحت كل جملة جاين سعادة جديدة.
وكان بنغلي قد ذهب إلى السيد بنيت, فيما هرعت جاين لتخبر والدتها بالخبر السعيد. كانت أمسية ذات بهجة غير عادية بالنسبة إليهم جميعا. وكانت سعادة جاين قد جعلتها تبدو أجمل من المعتاد. ابتسمت كيتي وأملت في أن تأتي دورها بسرعة. ولم تستطع السيدة بنيت أن تعبر عن موافقتها بالدفء الكافي الذي يرضيها, مع أنها لم تتحدث إلى بنغلي عن شيء آخر لمدة نصف ساعة. وعندما انضم السيد بنيت إليهم, أظهر صوته وتصرفه بوضوح كم كان سعيدا حقا.,
وحالما رحل بنغلي التفت إلى جاين وقال لها: "أهنئك يا جاين. ستكونين إمرأة سعيدة جدا". فاتجهت إليه جاين في الحال وقبلته وشكرته على طيبة قلبه. فقال لها: "أنت فتاة طيبة, ومن دواعي سروري الشديد أن أفكر في أنك ستتمتعين بحياة مستقرة سعيدة. أنا متأكد من أنكما ستكونان على وفاق تام معا. فأنتما متشابهان جدا. أنتما لطيفان بحيث لن يكون هناك جدال بينكما, وسخيان جدا بحيث ستتخطيان دائما دخلكما".
وصاحت زوجته: "يتخطيان دخلهما! عما تتحدث يا عزيزي السيد بنيت؟ إن دخله يبلغ أربعة أو أخمسة آلاف جنيه في السنة. أوه يا عزيزتي جاين, إني في غاية السعادة!"
نسيت ليديا وويكهام. وأصبحت جاين ابنتها المفضلة.
قالت جاين لإليزابيث عندما كانتا منفردتين: "إني بالتأكيد أسعد النساء حظا. أوه, ياليزي, لو أنني أستطيع فقط أن أراك سعيدة مثلي. لو أن لديك فقط رجلا آخر مثله!"
"لو قدمت إلي أربعين رجلا مثله لما كنت سعيدة مثلك. لن أستطيع الحصول على سعادتك إلا إذا كانت لدي طباعك وطيبتك. لا, لا, دعيني أرتب الأمر بنفسي, ولربما, إن كان حظي جيدا, التقيت بسيد كولينز آخر في الوقت المناسب".
لم يعد الوضع في عائلة لونغبورن سرا. فالسيدة بنيت همست به إلى السيدة فيليبس وأفشت هذه السر لكل جيرانها في مريتون. وسرعان ما أعلن أن عائلة بنيت هي أوفر العائلات حظا في العالم.
أنت تقرأ
كبرياء وهوى لـ جين اوستن
Romanceترتكز أحداث الرواية حول إيلزابيث بينيت_الإبنة الثانية من بين خمسة بنات لرجل ريفى. كما أن السيد بينيت عاشقاً للكتب. ففى بعض الأحيان يتجاهل المسؤليات التي تقع على عاتقه. أما عن السيدة بينيت فهى إمرأة تفتقر التصرف الإجتماعى اللائق. بالإضافة إلى أن إيجا...