كانت حفلة الرقص المنتظرة في نذرفيلد منذ وقت طويل يوم الثلاثاء التالي. وكان الشروع مقبولا تماما لدى كل أنثى في العائلة. سرت السيدة بنيت لأن السيد بنغلي وشقيقتيه. أتوا بأنفسهم لتسليم الدعوة. تطلعت جاين بلهفة إلى قضاء أمسية سعيدة مع السيد بنغلي وشقيقتيه. وفكرت إليزابيث بمتعة في مقدار كبير من الرقص مع السيد ويكهام. كانت روحها متوثبة لدرجة أنها لم تقدر على سؤال السيد كولينز عما إذا كان ينوي قبول دعوة السيد بنغلي, مع أنها قلما تحدثت إليه.
دهشت حين وجدت أنه لا يعارض الرقص. إذ قال: " آمل في أن أرقص مع كل بنات عمي الجميلات. وأنا أستغل هذه الفرصة كي أطلب منك يا آنسة إليزابيث أول رقصتين بصورة خاصة".
شعرت إليزابيث بأنها وقعت في الفخ تماما. فقد كانت تود أن ترقص هاتين الرقصتين مع السيد ويكهام ـ فيما كان لديها السيد كولينز بدلا منه! لكن لم يكن هناك مفر من ذلك. فتم قبول طلب السيد كولينز بأكثر تهذيب ممكن. وفيما راقبت تهذيبه المتزايد تجاهها, ومحاولاته المتعددة لتملق ذكاءها ونضارتها, أصبحت متأكدة من أنها على صواب. وعلاوة على ذلك , لم يمض وقت طويل قبل أن تلمح أمها إلى أن مثل هذا الزواج يناسبها. لكن إليزابيث تظاهرت بأنها لم تفهم التلميح, علما بأن جوابها كان سيسبب خلافا حادا. كما أن السيد كولينز لم يتقدم بعرضه, وإلى أن يفعل ذلك, فإن الخلاف بشأنه لن يجدي.
لم يخطر أبدا لإليزابيث أن السيد ويكهام لن يكون في الحفلة الراقصة في نذرفيلد. فعندما دخلت قاعة الاستقبال أخذت تبحث عنه من دون جدوى. وكانت ارتدت ثيابها بعناية أكثر من المعتاد وتهيأت بروح متوثبة جدا للاستيلاء على قلبه. وفجأة ثار الشك الرهيب في أنه لم يكن مدرجا عن عمد في دعوة السيد بنغلي للضباط. لكن صديقا أخبرهم بأن ويكهام ذهب إلى لندن في عمل ما. ثم أضاف وهو يبتسم: "لا أعتقد أن عمله كان يستدعي رحيله لولا أنه رغب في تجنب سيد ما هنا".
إذا, كان دارسي مسؤولا عن غياب ويكهام. كانت غاضبة جدا خائبة بحيث أنها عجزت عن الاستجابة بأدب إلى دارسي عندما أتى في الحال من أجل التحدث إليها. قررت ألا تتحدث إليه أبدا وأعرضت عنه بوقاحة تقريبا. لكن إليزابيث لا تستطيع أبدا أن تبقى سيئة المزاج لوقت طويل. فبعد رقصتين تعيستين مع السيد كولينز, الذي كان أسوأ راقص ممكن, استمتعت بالرقص مع ضابط وبالحديث عن ويكهام ثانية. كانت تتحدث إلى شارلوت لوكاس عندما أتى السيد دارسي ودعاها إلى أن ترى الدهشة في عيون جيرانها للشرف الذي حظيت به. تحدثا قليلا أثناء الرقص. وفي آخر الأمر سأل عما إذا كانت تذهب غالبا هي وشقيقاتها إلى مريتون سيرا على الأقدام. فقالت أنهن يفعلن ذلك ـ ثم بعبث: "عندما التقيت بنا هناك في ذلك النهار, تعرفنا إلى صديق جديد".
كانت النتيجة سريعة. فقد بدا متعاليا أكثر من ذي قبل ولم يقل شيئا لفترة. ثم قال متهجما: "إن للسيد ويكهام أخلاق حميدة بحيث أنه يستطيع دائما أن يصادق الأصدقاء ـ لكنه غير قادر دائما على الاحتفاظ بهم".
ردت إليزابيث: " إنه سيء الحظ بخسارته صداقتك, وقد يعاني ذلك طوال حياته".
لم يعطي دارسي أي جواب.
"أذكر أنني سمعتك تقول يا سيد دارسي أنك قلما تسامح أي إنسان. أعتقد بأنك حذر جدا بشأن المباشرة بأية ضغينة".
"أنا كذلك".
"إن الناس الذي لا يغيرون رأيهم لا بد أنهم متأكدين من أنهم على صواب".
"هل لي أن أسأل ماذا تعني هذه الأسئلة؟"
قالت وهي تحاول أن تضحك: "ما زلت أحاول أن أفهم شخصيتك. فأنا أسمع قصصا مختلفة عنك بحيث أنك تحيرني كثيرا!"
أجاب بجدية: "أستطيع أن أعتقد تماما بأن التقارير الواردة عني ربما تنوعت كثيرا. آمل يا آنسة بنيت بألا تتخذي قرارك ربما لن يكون منصفا لنا".
أنهيا الرقصة بصمت وافترقا غير راضيين.لكن مشاعر دارسي نحوها كانت قوية كفاية لتجعله يسامحها ويضع كل اللوم على ويكهام.
لم تحدث بقية الأمسية شيئا سوى الألم لإليزابيث. ولم يمنحها أية بهجة سوى مشهد فرح جاين برفقة السيد بنغلي. لكنها استاءت من الصوت المرتفع الذي وصفت فيه السيدة بنيت للسيدة لوكاس ميزات الزواج بين جاين و بنغلي. تحدثت وكأن الأمر قد تقرر, واستطاعت إليزابيث أن ترى دارسي ينصت بازدراء وتجهم, فيما حاولت من جدوى أن تحمل والدتها على الحديث بهدوء أكثر. كذلك تألمت من رؤية السيد كولينز يسيء إلى سمعة العائلة. فقد اكتشف أن السيد دارسي, ابن أخت الليدي كاثرين دي بورو, كان موجودا وأصر, خلافا لجميع نصائح إليزابيث, على تقديم نفسه. استمع السيد دارسي بدهشة واشمئزاز إلى أحاديثه الطويلة وابتعد أخيرا بانحناءة صغيرة.
بدا وكأن كل الشقيقات في عائلة إليزابيث, باستثناء جاين, قد اتفقن على إظهار أنفسهن بأسوأ حال.
لكن السيدة بنيت كانت سعيدة تماما عندما غادرن نذرفيلد. كانت متأكدة من أنها سترى إحدى بناتها تسكن نذرفيلد في غضون أشهر قليلة ـ وأخرى متزوجة من السيد كولينز.
أنت تقرأ
كبرياء وهوى لـ جين اوستن
Romanceترتكز أحداث الرواية حول إيلزابيث بينيت_الإبنة الثانية من بين خمسة بنات لرجل ريفى. كما أن السيد بينيت عاشقاً للكتب. ففى بعض الأحيان يتجاهل المسؤليات التي تقع على عاتقه. أما عن السيدة بينيت فهى إمرأة تفتقر التصرف الإجتماعى اللائق. بالإضافة إلى أن إيجا...