|١٦| نيران الغضب

3.8K 536 439
                                    

كان الشخص الذي يحدق بها بنظراتٍ عميقه هاري ريدج . والذي سحب سلاحها ورماه على ثيو بعدما قال مبتسماً بأريحيه

" كونكم على قيد الحياة .. جائزتي الثمينه يا ثيّو "

دفعته هيلدا بعيداً وهي تقول بصدمه

" لماذا تبدو مسترخي هكذا ؟! العدو يقترب ! يجب الا نبقى هنا ! وتيموثي مصاب .. لا يجب ان- "

توجه هاري نحوها وقام بإحتواء جسدها المرتجف بين ذراعيه وهو يربت على ظهرها بيده اليسرى ويمسح على شعرها الأصهب بأنامل يده اليمنى يهمس لها بصوتٍ عميق وهادئ خفف من روعها .

" لا تخافي .. أنتم بأمان .. لن يقترب منكم أحد ما دمتُ بجانبكم .. إهدئي يا صغيرتي "

بادلته العناق وهي تبدو هادئه ، فتلطّخ زيّه العسكري بدماء تيموثي الذي على يديها ، ضَعُفَت قدميها وكادت تسقط لو لم يتمسك بها بلطف وينحني راكعاً على الارض امامها حينما لامست ركبتيها الارض برقّه .

تنهدت براحه وهي تغمض عينيها تقول له بصوتٍ متعب

" لقد قتلتُ رجلاً للتو يا هاري .. أطلقتُ عليه النار وأنا راضيه تماماً بما فعلت .. انا لستُ نادمه "

عضّ هاري على شفته السفلى ومن ثم نظر الى ثيّو بغيظ يقول

" أنت جندي ! كيف لك أن تجعل إمرأه ضعيفه أن تمسك سلاحاً ؟! "

ابتعدت عنه هيلدا وهي تتنحنح بإرتباك بينما عيناها تجول حول المكان ، لم يستطع هاري تمالك نفسه بالوقوف هكذا امام هيلدا التي تبدو ضائعه ومهمّشه ، فأقترب منها يضم وجهها بين يديه هامساً برقّه وهو يحدق بها قلقاً

" أنظري إليَّ يا هيلدا .. لن أعدكِ بأنني سأعود كالسابق .. ولكنني بالتأكيد لن أبقى هاري ريدج المثير للشفقه الذي تظنينه "

لم تستطع النظر إليه بعدما قتلتْ ذلك الجندي ، بل ظلت تنظر الى الارض بخزي حتى رأت الدماء تجري نحو قدميها ..
قامت بدفع هاري وهي تضم رأسها بشكل مضطرب .. تهمس لنفسها بصوت مسموع

" انا اريد العوده "

ظهر جنود غير مألوفين الوجوه من خلف هاري الذي يراقب إنهيار هيلدا ، عاد الجنود الى حدودهم وبرفقتهم موتاهم.

جماجم متفحمه على طوال الطريق ، جندي وسط جثث رفاقه المصطفين يبكي ويداه ملطخه بدماء أعداءه ، والبقية صامتون كصمتِ الموت .

رائحة الموت لا زالت عالقه في ذاكرة الجنود ، هيبة الموتى أمامهم وألم الفقد والشتات وإنعدام الأمان ، بكاء وارتجاف النبض ، قبيحةٌ تلك الحرب .. .. في ذلك الصباح المشؤوم رغم الإنتصار .. الأسلحه التي قتلت الأبرياء حزنت على البشر اكثر من البشر .

إبتسمي لعلَّ الحربَ تخجل      حيث تعيش القصص. اكتشف الآن