كان الشخص الذي يحدق بها بنظراتٍ عميقه هاري ريدج . والذي سحب سلاحها ورماه على ثيو بعدما قال مبتسماً بأريحيه
" كونكم على قيد الحياة .. جائزتي الثمينه يا ثيّو "
دفعته هيلدا بعيداً وهي تقول بصدمه
" لماذا تبدو مسترخي هكذا ؟! العدو يقترب ! يجب الا نبقى هنا ! وتيموثي مصاب .. لا يجب ان- "
توجه هاري نحوها وقام بإحتواء جسدها المرتجف بين ذراعيه وهو يربت على ظهرها بيده اليسرى ويمسح على شعرها الأصهب بأنامل يده اليمنى يهمس لها بصوتٍ عميق وهادئ خفف من روعها .
" لا تخافي .. أنتم بأمان .. لن يقترب منكم أحد ما دمتُ بجانبكم .. إهدئي يا صغيرتي "
بادلته العناق وهي تبدو هادئه ، فتلطّخ زيّه العسكري بدماء تيموثي الذي على يديها ، ضَعُفَت قدميها وكادت تسقط لو لم يتمسك بها بلطف وينحني راكعاً على الارض امامها حينما لامست ركبتيها الارض برقّه .
تنهدت براحه وهي تغمض عينيها تقول له بصوتٍ متعب
" لقد قتلتُ رجلاً للتو يا هاري .. أطلقتُ عليه النار وأنا راضيه تماماً بما فعلت .. انا لستُ نادمه "
عضّ هاري على شفته السفلى ومن ثم نظر الى ثيّو بغيظ يقول
" أنت جندي ! كيف لك أن تجعل إمرأه ضعيفه أن تمسك سلاحاً ؟! "
ابتعدت عنه هيلدا وهي تتنحنح بإرتباك بينما عيناها تجول حول المكان ، لم يستطع هاري تمالك نفسه بالوقوف هكذا امام هيلدا التي تبدو ضائعه ومهمّشه ، فأقترب منها يضم وجهها بين يديه هامساً برقّه وهو يحدق بها قلقاً
" أنظري إليَّ يا هيلدا .. لن أعدكِ بأنني سأعود كالسابق .. ولكنني بالتأكيد لن أبقى هاري ريدج المثير للشفقه الذي تظنينه "
لم تستطع النظر إليه بعدما قتلتْ ذلك الجندي ، بل ظلت تنظر الى الارض بخزي حتى رأت الدماء تجري نحو قدميها ..
قامت بدفع هاري وهي تضم رأسها بشكل مضطرب .. تهمس لنفسها بصوت مسموع" انا اريد العوده "
ظهر جنود غير مألوفين الوجوه من خلف هاري الذي يراقب إنهيار هيلدا ، عاد الجنود الى حدودهم وبرفقتهم موتاهم.
جماجم متفحمه على طوال الطريق ، جندي وسط جثث رفاقه المصطفين يبكي ويداه ملطخه بدماء أعداءه ، والبقية صامتون كصمتِ الموت .
رائحة الموت لا زالت عالقه في ذاكرة الجنود ، هيبة الموتى أمامهم وألم الفقد والشتات وإنعدام الأمان ، بكاء وارتجاف النبض ، قبيحةٌ تلك الحرب .. .. في ذلك الصباح المشؤوم رغم الإنتصار .. الأسلحه التي قتلت الأبرياء حزنت على البشر اكثر من البشر .
أنت تقرأ
إبتسمي لعلَّ الحربَ تخجل
أدب تاريخي" ابتسمِـي لعل الحرب تخجل لعلّها من جمال ابتسامتكِ ترحل .." •••• حين بدأت الحرب العالميه الدولية الثانية في الاول من سبتمبر عام ١٩٣٩ في أوروبا التي شاركت فيها أغلبية الدول العظمى ، ستسلّط الرواية ضوئها على هاري ريدج ، طبيبٌ بريطاني وجرّاح تجنّد و...