|١٥| قافلةُ الموت

4.1K 562 619
                                    


بعد مرور ٣ أشهر .. لا زالت الحرب ضاريه بين أمريكا والاتحاد السوفيتي وألمانيا التي ترفض الانسحاب عن أراضي بريطانيا رغم النزيف الذي احتدب في قواتها .. كان ادولف هتلر يملك خططاً جنونيه تشوبها احتمالات فاشله .. ولكن هتلر لم يرى تلك الأمور بنفس النظرة .. لقد اصرّ على احتلال بريطانيا بعدما نجح بإحتلال فرنسا بغضون ايام .. ولكن حين فشلوا انسحب ينوي دخول أراضي روسيا غافلاً عن درجة الحرارة المنخفضه والطقس القارص .. فقد ماتوا جنوده لأنهم لم يستطعيوا مواكبة الروسيين بتحمل درجة الحرارة .. وفشل فشلاً ذريعاً ..

تبادلوا أمريكا وبريطانيا إطلاق الصواريخ في برلين حتى يضعفوا هتلر ولكنه لم يكترث بل استمر بهجومه مع حلفائه ولم يرفع راية الاستسلام .

كان سيباستيان جالساً على مقعدٍ بندقي من الجلد وعصاه بجانبه يضم وجهه بين يديه منهاراً اثناء استماعه الى اخبار الراديو عن تطورات الحرب .. كان مدركاً بأن بلده على شفير الهاويه .. أمريكا وبريطانيا والاتحاد السوفيتي اقوى مما كان يظن ادولف الذي كان مصرّاً على شن حربٍ عالمية ثانيه لغاية استرداد حقوق بلاده .. ولكنه يتسبب بدمار خُطَّ على سيرة الإنسانيه الذاتية ذات اللون الاسود .. إن الملايين يموتون كل يوم كل دقيقه وكل ثانيه يسقط فيها صاروخ وقنابل وطيارات حربيه تشن هجوماً عشوائياً على الأبرياء .. وما إن سمع سيباستيان بموت الجنود الذين ذهبوا الى روسيا ليغرق بالبكاء المرير وعيناه البيضاء تكاد تصير سوداء من شدة الحزن الذي يعانق قلبه الغائم .

كانت هيلدا تقف خلف باب غرفته تستمع الى بكاءه .. اعتصر الألم قلبها لأن نبرة صوته اثناء بكاءه تشابه نبرة بكاء هاري .. ففتحت باب الغرفه ليتوقف سيباستيان عن البكاء متفاجئاً وهو يتحسس بيديه الارضيه الخشبية باحثاً عن عصاه ..

ركعت هيلدا والتقطت عصاه تقول بصوتها الذي جعله يتنهد براحه ، فقد كان قلقاً من ان يراه احد يبكي وبهذا سيضعف جانبه .

" خذ بيدي .. سأضع عصاك براحة يدك .. "


رفع يده المرتعشه لتمسك بها وتضع العصا براحة يده .. ما إن نهض متكئاً على عصاه لتنهض تنوي الرحيل وهي تحمل في ملامح وجهها اشمئزازاً من لمسته قبل قليل ليدها . انها ما ان تشفق عليه تتذكر انه ليس مجرد رجل اعمى بل رجل ألماني سفك دماء شعبها .

استوقفها تشبثه بذراعها من الخلف تاركا عصاه تسقط بجانبه وهو يضع جبينه على كتفها يهمس بصوتٍ مكسور

" أتعرفين شعور جندي أعمى لا يستطيع فعل شيء يذكر لحماية رفاقه والمرأه التي احبها ؟ رغم انها بريطانيه .. لم ارى الشخص الذي أرادها قتيلة ولكنني سأنتقم على سفكه لدمائها الطاهرة ، لن تفهمي مشاعري مطلقاً يا هيلدا ولكن تفهمي انانيتي بالتشبث بكِ .. "

إبتسمي لعلَّ الحربَ تخجل      حيث تعيش القصص. اكتشف الآن