أيقنت بك 3

1.2K 56 16
                                    


(قمر)

أقامت والدتي الدنيا و أقعدتها بقراري أن أترك الجامعة.. كنت اراقبها و هي تصرخ و تتذمر و تشكو لربها أنها تعاني بما يكفي.. كان وجهها محمر و هي تجادلني دون أن تحصل على ردة فعل كافية لتجعلها تضربني و تخرج غضبها بي.. لا أنكر أني حزنت للوضع الذي وضعتها فيه.. لكني حزنت أكثر لأنها لم تقدر ما أعانيه.. رغم أني شرحت لها ما تفعله الفتيات هناك.. و عندما أخبرتها عن السبب الحقيقي.. انني ضربت إحداهن على وجهها فقدت والدتي السيطرة على غضبها و ضربت صدرها بيديها بحرقة قلب..

ـ ولج ليش هيج؟؟ اني علمود منو اجيت لهنا؟ مو علمودج؟ ليش تجازين تعبي وياج بهالشكل؟ ليش تحركين كلبي؟
إزداد إختناقي و أنا أرى دموعها المتجمعة في عينيها.. أنا لم أرغب بذلك يا أمي.. لم ارغب بأيٍ من كل هذا.. لا الإنتقال الى هنا.. لا إكمال دراستي.. و لا العيش حتى.. إني أتألم يا أمي.. ألا تشعرين؟..

قالت بصوت هزته عبرتها المخنوقة و هي ترفع سبابتها بتهديد: بس اليوم تبقين, باجر ترجعين للدوام, اذا ما تريدين تجلطيني و تخليني ألحك ابوج و اخوج

و مع كلماتها القاسية تلك غادرت غرفتي.. و غادرت المنزل الى عملها.. بقيت أنا على سريري و كلماتها الأخيرة تتردد في رأسي.. هل تريد تركي هي أيضاً؟.. هل الجامعة أهم مني؟.. ألهذه الدرجة اصبحتُ بلا أهمية؟.. بدل أن أنهار في بكاء و نحيب شعرت بتحجر أعماقي فوق تحجرها.. تموت فوق موتها.. تجردني من المشاعر و الاحساس..
مددت يدي تحت الوسادة و سحبت هاتفي و السماعات.. قمت بتشغيل الموسيقى بأعلى صوت و جعلتها تخمد كل أفكاري و كياني.. لأنسى وجودي للحظات طويلة..



****

شعرت بوجوده قبل أن أنظر من النافذة حتى.. و رغم أني توقعت أن مشاعري ذهبت بلا عودة إلا أنها حيت من جديد عندما تلاقت أعيننا.. هذه المرة لا يجلس عند الشجرة.. بل يقف أمام مدخل بنايتي.. و كأنه جاء من أجلي.. ينتظرني.. و من دون ادنى تردد إستدرت و غادرت منزلي أقصد ذاك المنتظر.. إبتسم حالما خرجت من البوابة فوجدت نفسي أرغب برد الإبتسامة.. لكني لم أستطع.. ربما فقدتُ عضلات الإبتسام بسبب عدم إستعمالها طوال الأشهر الماضية..

قال بصوت هادئ: ما اجيتي للجامعة

ـ ما اريد اروح بعد الي صار

مال برأسه: و تتركين مستقبلج علمود ناس ما تستاهل؟

هززت برأسي: ما اكدر, خصوصاً إني ضربتها كدام الكل, تخيل شلون راح يكون استقبالهم إلي

وضع يديه في جيبَيّ بنطاله الجينز و لاحظت مجدداً أنه يرتدي ذات الثياب.. بدأ أمرهم يثير فضولي.. ما سبب عدم تغييره ثيابه؟..

ـ ترديني أجي وياج للمحاضرات؟

رفعت حاجبَيّ متفاجئة من إقتراحه: شنو؟

أيقنت بكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن