****
ذهبت في اليوم التالي الى المشفى بلهفة على غير عادتي.. و ذلك بسبب مازن الذي رافقني.. أقنعني بأن الدكتور أسامة سيسمح بوجوده معنا لو طلبت ذلك منه.. لا أعرف كيف سيقبل.. لكن مازن بدا واثقاً من موافقته و أنا أثق به.. كيوم أمس ألقيت تحية مختصرة على الممرضة دنيا و جلست في غرفة الانتظار أنتظر قدوم الدكتور أسامة.. كان شيء بداخلي يرفرف.. سعيد.. فقط لأن ذلك الكائن الجميل يجلس بجانبي.. يوم عن يوم أزداد تعلقاً به.. أصبح قربه يشعرني بالطمأنينه و الأمان.. و بعده يشعرني بالغربة و الضياع.. إلتفتُ لأختلس نظرة من وجهه الجميل فوجدته شاردٌ في وجهي و إبتسامة دافئة جعلت تلك الرفرفة بداخلي تتضاعف بشكل جنوني.. تنسيني كيفية التنفس لبرهة..
قال بصوت منخفض: الدكتور أسامة
سألته بهمس و قد أضعت صوتي: شبيه؟
ـ واكف وراج
إلتفت بهلع لأجد الدكتور أسامة يقف على بعد أمتار قصيرة و عيناه عليّ.. نهضت من مكاني بسرعة و قد ضاق تنفسي بسبب جنون قلبي المرتبك..
قلت بتلعثم: صباح الخير.. أأ.. إذا ممكن.. زميلي مازن يكون وياي اليوم؟
نظر الدكتور الى مازن بنظرة غريبة ثم عاد بعينيه إليّ: ماكو مشكلة, تعالوا
إستدار متجهاً الى غرفته فنظرت الى مازن سريعاً و الإبتسامة تشق وجهي.. لقد كان محقاً..
تبعناه الى غرفته و جلسنا عند طاولته الى أن خلع هو سترته و رافقنا على الطاولة.. تفحصني بعينيه لثواني ثم إستدار لمازن ينظر إليه..
ليعود بعدها إليّ: ممكن تعرفيني على زميلج؟
أشبكت أصابعي بتوتر و أنا أرمق مازن بنظرة سريعة: ممم.. مازن.. يدرس طب سنه أخيرة.. عراقي من بغداد و.. بصراحة صداقتنه ما صارلها هواي
اومأ الدكتور أسامة برأسه: شكد يعني؟
ـ ممم.. اسبوعين تقريباً.. أو أكثر
ـ ماشي, ندخل بمراجعة حالات اليوم؟
اومأت برأسي بحماس: أكيد
أخذ دفتر ملاحظاته الذي كان بحجم كفه من على الطاولة و صار يتصفح بين أوراقه بحثاً عن شيء..
خطفت نظرة من مازن فرأيته يبتسم برضا..
قال الدكتور أسامة: أول مراجعة ما تشكو من شي غير حاجة للفضفضة, بصراحة ما جان ودي انطيها موعد لأن موضوعها مو مال طبيب نفسي, بس كلت احتمال يكون وضعها جدي لذلك وافقت للإحتياط, راح تلاحظين انها راح تشكي من طليقها و مرته هواي, و..
رفع رأسه ينظر إليّ و طيف إبتسامة لاح على شفتيه: مظهرها شويه ملفت للنظر, بس الافضل ما تدققين
اومأت برأسي بتوتر..
عاد ليطلع على ملاحظاته و قال: أما مريضنه الثاني فطفلة عمرها 8 سنين و تعاني من مرض التوحد, جلستنه وياها راح تكون من نوع آخر لأنها قليلة الكلام
