(قمر)
رغم سعادتي المفرطة بأحداث ليلة أمس إلا أن حقيقة أنني لن ألتقي بأسامة طوال عطلة نهاية الأسبوع عكرت مزاجي.. إنه يوم الجمعة و سيأخذ إبنه من والدته بعد عمله ليختفي بذلك عني الى يوم الإثنين.. ثلاثة أيام من دون رؤية و جهه.. أي عذابٍ هذا؟.. كيف سأكتفي بإتصالات قصيرة منه؟.. لن يغني ذلك عن رؤيته.. لن يغني عن قربه..
حاولت إشغال نفسي مع والدتي و خرجنا نتناول العشاء قرب البحر.. هذه المرة تمشينا إليه إذ تبيّن أنه أقرب من ما ظننت.. و مع شرح والدتي للطرق أظنني حفظته.. قمنا بتجربة الأطباق اللبنانية و التي كانت لذيذة بالفعل.. لكني رغم ذلك لم أهنئ.. لا أستطيع الإستمتاع بشيء بغيابه.. أشعر بالنقص.. و كأن جزءاً مني مفقود..قالت و الدتي و هي تمسح يديها بالمنديل المرطب: يعجبج نتمشه عالبحر؟
اومأت برأسي متأملة أن يخفف منظر البحر من ضيقي.. غادرنا المطعم لنتوجه نحو البحر الذي لا يبعد عنا سوى مسافة قصيرة.. لكني توقف بجفلة عندما لمحته.. يقف عند السياج الحديدي.. وقفته المعتادة حيث يخفي يديه في جيبَيّ بنطاله.. و عيناه مرتكزتان عليّ.. تنتظراني..
إلتفتت والدتي إليّ مستغربة: خير حبيبتي؟
بلعت ريقي و أنا أبعد نظري عنه لأضعه على والدتي: أأ.. لو نرجع للبيت.. يكون أفضل
عقدت جبينها بقلق: ليش غيرتي رأيج؟
ـ بس.. شويه تعبانه
إقتربت مني و علمت أنها لم تصدق كذبتي..
وضعت يدها على ذراعي تسألني: قمر احجيلي شكو؟
و لأنني لم أرَ سبيلاً للتهرب من إخبارها بالحقيقة قلت بصوت منخفض: مازن.. موجود يم البحر
شعرت بيدها تتصلب على ذراعي.. تماماً كما تصلبت معالمها و قد فاجئها جوابي.. إنها المرة الأولى التي اذكره أمامها منذ معرفتي بمرضي.. لذا لا عجب من ردة فعلها..
سألتني بتردد: شيريد؟
قلت بتلبك: ممم.. دا يحاول يخليني أرجعله.. بس طبعا ما دا اسمعله
إرتخت قبضتها على ذراعي جزئياً و أومأت برأسها: عفيه حبيبتي,. خليج هيج.. تعالي نرجع للبيت
أنزلت يدها عن ذراعي و فاجأتي بأخذها بيدي و البدأ بالسير بالإتجاه الآخر.. لم أسحب كفي من كفها رغم غرابة الأمر.. فأنا لم أمسك بيدها منذ سنين طويلة.. لكن الأمر لم يشعرني بالخجل كما توقعته قد يفعل.. بل أشعرني بشيء لم أشعر به في الآونة الأخيرة إلا مع أسامة.. الأمان.. و مع ذلك الشعور إنتشر دفء في صدري.. يفيض حباً تجاه هذا الإمرأة التي ما زالت تقاوم من أجلي.. التي تنازلت عن الكثير من أجل رؤيتي سعيدة.. و قدمت راحتي و على راحتها..
شددت من قبضتي على يدها و همست: شكراً
نظرت إليّ مستغربة: على شنو؟