أيقنت بك 7

1K 55 7
                                    


(أسامة)                 

للمرة الثانية تكور نفسها على كرسي المراجعين و كأنها طفلة صغيرة.. ما زالت الرعشة تلازمها.. و ما زال الرعب يفيض في عينيها.. يعبر عن ما يحدث بداخلها من فوضى.. بطلب منها أن لا أكون بعيداً قمت بتقريب كرسيي من مقعدها و لم تفصلنا سوى مسافة قصيرة جداً.. حتى أنني لا أحتاج لمد يدي لأمسك بها.. لقد تناولت دوائها مع جرعة من المهدأ و ما زلت أنتظر وضعها ليستقر.. أنتظرها لتنطق علني أفهم بأي طريقة تمادى معها وهمها.. تزداد هذه الحالة غرابة يوم بعد يوم.. أمور لم أكن لأصدقها لو حدثني عنها أحد أصبحت تحدث أمامي.. مع مريضتي.. لا بد أن أناقش زملائي عن هذه الحالة.. قد تحتاج الى علاج مختلف عن الحالات السابقة.. و لا بد أن يكون علاج سريع المفعول.. فلا يمكن أن تبقى في هذا الرعب لوقت طويل.. قد يدفعها ذلك الى إيذاء نفسها للتخلص من الوهم.. قد تلجأ الى الإنتحار..

ـ ما اريد.. ارجع للبيت

و اخيراً..

إنحنيت الى الأمام و قلت: اذا يناسبج, تكدرين تبقين بقسم الرعاية النفسية الى أن يتحسن وضعج

حركت عينيها لتنظر إليّ بقلق: وحدي؟

ـ اكو ممرضين يتواجدون اربعه و عشرين ساعه, و اذا تحتاجين أكدر أوصيهم عليج

كورت نفسها أكثر و هي تقول بصوت منخفض: بس اني.. ما أكدر أأمن بأحد غريب

فهمت شعورها و تمنيت لو كان هناك حل أفضل يرضيها..

قلت بمحاولة لإقناعها: بالنهار امج تكدر تتواجد يمج, و اني هم ازورج باوقات دوامي

ـ و بالليل؟

ـ الممرضين يمج

هزت برأسها نفياً: لا

ـ قمر, القسم أأمنلج من البيت, عالاقل الممرضين يساعدوج تاخذين علاجج اذا حاول الوهم يمنعج

قالت بصوت مرتجف و كأنها ستدخل في نوبة بكاء أخرى: راح يرجع.. راح يتقرب

قلت بهدوء خافياً إنفعالي: شلون يتقربلج؟ قمر شنو سوالج البارحه؟

يبدو أن الوقت لم يكن مناسباً لهذا السؤال.. لأن إرتعاشها تضاعف.. و أنفاسها تسارعت.. رفعت يدها المرتجفة نحو شفتيها.. ثم أغمضت عينيها فنزلت دموعها التي لم أنتبه لوجودها.. هل.. قبلها؟.. أيعقل ذلك؟.. ما هذا الوهم الذي يكاد يفقدني عقلي بتصرفاته؟..

ـ سمعيني قمر, التغييرات الصارت وي الوهم احتمال تكون مقاومة من المرض لأن بديتي تاخذين الأدوية, بس خلال أيام راح يتقبل جسمج العلاج و راح يضعف هالوهم تدريجياً, ضروري تصيرين قوية و ما تضعفين كدامه, و الأهم أنج ما تؤمنين بوجوده, مهما كان شكله حقيقي

فتحت عينيها و أزعجني لمعانهما و إحمرارهما: توعدني الممرضين راح يساعدوني

اومأت برأسي: طبعاً, راح اخلي ممرضة تبقى بغرفتج طول الليل, يناسبج هيج؟

أيقنت بكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن