الشعاع الخامس

220 27 10
                                    

إنه يوم عمل آخر ممل .. لفترة لم أكن أشعر بذلك الملل إلا أنني كنت انتظر الدقائق لتمر .. لأذهب إلي ذلك الكافييه ... نوع من أنواع الشغف لرؤية دكتورة مي
وصلت في معادي قبلها و جلست من بعيد أراقبها هل ستأتي هنا كالأمس .. عندما جاءت و قطعت علي مشقة التفكير جلست وحيدة مكتئبة مثقلة بالهموم عندما رفعت رأسها التقطتني عيناها و أنا قادم نحوها فابتسمت
" دكتورة مي .. إيه الصدفة الجميلة دي "
- " صدفة جميلة و غريبة "
" أكيد طبعاً مش تتبع .. دا أنا باجي هنا كتير في أوقات فراغي "
- " أنا آسفة علي اللي حصل إمبارح .. بس أنا كبنت مينفعش أقعد مع شخص غريب في كافييه .."
" خلاص يا ستي أخطبك و ساعتها مبقاش غريب "
تبتسم تلك الإبتسامة الساحرة .. كم هي جميلة ابتسامتها و كم هي أجمل ضحكتها ... لكن فجأة إرتسمت الصدمة علي وجهي و الفزع من مكاني عندما رأيت ذلك الرجل في الفيديو .. ذلك الرجل الأمريكي سام ليان هو الجرسون .. فزعت و قمت من مكاني و أمسكته من فكه و جذبته إلي فوجدته شخص مختلف .. فأعتذرت للرجل و للدكتورة مي و سقطت مكاني ليصيبني ذلك الصداع العريض
- " مالك في إيه ؟! استاذ زياد .. انت تعبان ..."
كانت صورتها تهتز و بدأت تغيب عني الرؤية .. ففركت عيني و فتحت و كأن شيئاً لم يكن عادت رؤيتي من جديد كما هي ... لأرد بعد صمت
" مفيش حاجة .. كنت حاسس إني مش شايف ............ أنا همشي بقى بعد إذنك "
- " تقدر تستنى لحد ما تفوق و تبقى كويس .. متمشيش دلوقتي و انت تعبان كدا "
رددت بضحة " خايفة عليا "
لترد و هي تبتسم و تكتم ضحكتها - " لا طبعاً ... خلاص غور "
" لا بجد أنا تعبان هستني شوية .. انتي متأكدة إن عنيا سليمة .. أنا فجأة كدا الصورة بتغيم و مبشوفش "
- " وريني عنيك كدا .. عنيك محمرة بس دا بسبب إنك لسة فاركها دلوقتي .. خلاص ممكن تيجي بكرا المركز أفحصهالك تاني "
" أوك .. انتي بقي حكايتك إيه ؟ "
- " حكايتي "
" آه حكايتك .. باين عليكي الإكتئاب و شايلة طاجن ستك زي ما بيقولو .. عندك جيش ولا إيه "
- " مشكلة عندي كدا ... تقدر تعتبرها حاجة خاصة "
" لا مقدرش "
ابتسمت ثانية -" عموماً يا عم خفيف الدم أنا كدا كدا هقوم أمشي عشان المعاد بتاعي "
" خلاص أحاول بكرة بقي "
...
كان دماغي يعج بالأفكار .. كيف أتركها ترحل هكذا .. كان علي أن أتتبعها
أيعقل .. أيعقل أن أكون قد وقعت في غرامها بهذه السرعة
إذا كان كذلك فما أجمله من حب .. قد يكون مثل حب الروايات .. و ما أجمل الحب في الروايات .. حيث يكون اللقاء سهلاً و موفقاً دائماً حيث تكون الحياة وردية بدون تعقيدات .. لا فرق السن أو العمل أو العائلة يمكنه أن يمنع الحب .. إنها متعة الأحداث الخيالية حيث كل شيء لا يمكنه أن يحدث في الواقع يتحقق بسهولة و عندما يقع القلبين في الغرام تزهر السماء وروداً و تتحقق أحلامهما .. ما أجمله حب الروايات
حيث يظل العشق مشتعلاً بدون الفتور أو الملل
ما أجمله العشق في الروايات حيث لا يوجد ذلك الحب من جانب واحد
ولاحت أمام عيني ذكريات الحب في الكلية .. لم أتعرف يوماً علي حب سوي ذلك الحب العزري لفتاة علقت في قلبي ابتسامتها .. و تمنيت أن تأتي اللحظة المناسبة لأتقرب منها و تحدث تلك الشرارة لكن اللحظة المناسبة لا تأتي أبداً .، كنني كنت متواضعاً .. أردت فقط لحظة مثل تلك مع مي
و عندما قررت أن أذهب إليها و أعترف لها ما في قلبي وجدت ليلتها أنا قد خُطِبت ... و ظللت أخبر نفسي دائماً أنها لم تكن أبداً المنشودة
لكنني أشعر بأنني قد إلتقيت بتلك المنشودة .. إنها دكتورة مي
لكنني سألت نفسي إذا كانت مي هي المنشودة لماذا لم أتبعها لماذا لم ألحق بها
وقفت من مكاني و خرجت مسرعاً من الكافيه لكنني لم أجدها.. فعدت إلي مكاني مخبراً نفسي أن الغد ليس ببعيد و أخرجت اللابتوب .. فقد كنت قد أخذته معي للعمل ... و بدأت أشاهد سام ليان و تلك الفيديوهات الصامتة

آخر شعاع من الضوءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن