الشعاع السابع

185 27 16
                                    

- " عينيك سليمة برضو .. أنا حاسة انك بتشتغلني "
"أنا الصبح مكنتش قادر أشوف بعنيا ، الدنيا زغللت قدامي و مكنتش قادر أميز حاجة .. أنا جيت كدا بالشبه .... دا غير الصداع الرهيب "
- " زياد .. أنا شاكة في حاجة كدا .. عشان أكون صريحة معاك .. الصداع المستمر ده هو المشكلة مش مشكلة النظر عنيك سليمة "
إبتلعت ريقي بصعوبة و بدأ أسألها " و الصداع ده إيه ممكن يكون سببه "
- " أسباب كتير لكن الصداع المستمر ده احتمال يكون سببه ورم في الدماغ .. أنا مش عايزة أخضك .. "
ابيض وجهي فجأة " سرطان في المخ "
- " مجرد شك يا زياد .. الأفضل إننا نطمن و نتأكد .. "
الخوف
الخوف من الموت فجأة أصبحت كأنني لا أستطيع أن أقوم من مكاني أردد لنفسي " هي دي نهايتي .. نهاية حياتي المملة .. هموت "
- " زياد دا مجرد شك يا زياد .. إحتمال بسيط و إنشاء الله هنتأكد انه مفيش حاجة ... "
كأنني لا أسمعها .. قامت من مكانها و جلست علي الكرسي أمامي ".. مجرد شك .. مجرد شك .. احتمال و هيطلع غلط إن شاء الله ..
وحتي لو كان مثلاً في حاجة .. مش معناها موت .. دا من أسهل الحاجات دلوقتي .. و انت عارف ، ده أحسن من سرطان العين اللي علاجه الوحيد خلع جراحي للعين .. لكن هنا مش هنخلعلك مخك "
استطاعت أن تجعلني ابتسم .. الأطباء .. يستطيعون إقناعك بأي شيء ، بمعلوملتهم و رغبتك في تصديقهم .. نريد أحياناً أن يخبرنا الناس بأشياء غير الحقيقة .. كنت أريدها أن تخبرني أن الأمر بسيط من النظرة الطبية
" إيه الفحوصات الطبية .. هنعمل إيه يعني "
- " آشعة بس .. صورة بالرنين المغناطيسي للدماغ mri .. دي هنعملها بكرا إن شاء الله النهاردة كفايا كدا .. أنا هستأذن و أروح بدري "
" خلاص أنا هستأذن بقي "
- " هتروَح "
" هقعد شوية في الكافيه اللي جنب المركز الطبي و أروح "
..........................
جلست في ذلك الكافييه .. جالس مكاني في صمت بدون حركة لا أميز الناس من حولي أفكر في ما الذي يحمله المستقبل لي .. ماذا يمكن أن تكون أسوأ الإحتمالات حتي .. هل كما يحدث في الأفلام و يفقدون ذاكرتهم .. أم تكون العملية مصحوبة بشلل أو أسوأ من هذا كالجنون مثلاً .. أم أموت و أنا في العملية .. أم يكون كل هذا إختبار لي من الله و يكون كل هذا مجرد إحتمال فقط
و فجأة جاءت دكتورة مي .. لتجلس بجواري علي نفس الترابيزة
- " أنا نسيت موضوع الحساب دا إمبارح " فلم تجد مني استجابة فأكملت
- " انت كنت عايز تسألني علي حاجة إمبارح ليها علاقة بالعنين ؟ "
التفت إليها " آه .. كنت عايز أسألك عن سرطانات العين .. لما بتيجي في عين واحدة ممكن بعد الإستئصال الكامل للعين دي .. تتصاب العين التانية .. السليمة "
- " في معظم الحالات بتتصاب العين السليمة "
" انتي متجوزتيش لحد دلوقتي ليه يا مي .. انتي عندك ٣٠ سنة صح "
بدأت تعدل من جلستها .. - " ٢٩ سنة ......." سكتت برهة ثم أكملت
- " ملقتش الإنسان المناسب ......."
أومأت برأسي موافقاً .. فأكملت
- " لأ مش صح .. أنا مفيش أي حد اتقدملي .. ساعات بقف قدام المراية و أفكر ، هو أنا وحشة ... أنا شايفة إني مش وحشة للدرجادي ، كان نفسي أعيش قصة حب .. أحب و أتحب ، فجأة لقيت القطر فااتني ، و وصلت ٢٩ سنة و أنا لسة زي ما أنا " و اندلعت عينيها تدمع مما جعلني لأول مرة أشعر بالندم لأنني أذيت أحدهم ... كانت تبكي و أنا لم أكن أتوقع ذلك
لكن مشاعر الفتيات مرهفة .. يتأثرن بأشياء لا نبالي بها كرجال
" انتي جميلة يا مي ... أوعي تفقدي ثقتك بنفسك " كنت أعني ما أقول ، فأنا وقعت في غرامها منذ أن رأيتها .. رغم أنني في ال ٢٥ و هيا في ال ٢٩ من العمر إلا أن ذلك لا يشكل أي فارق
إنها أجمل فتاة رأيتها .. لا ترتدي تلك الثياب الضيقة فلا تظهر مفاتنها
لا تضع المكياجات مثل البعض .. هي فتاة عادية بالنسبة للكثير
لكنها بالنسبة لي هي ملكة جمال

- " أنا آسفة .. أنا معرفش أنا حكيت معاك كدا إزاي ... "
" مي تتجوزيني ؟! "
- " بتهزر تاني "
" علي فكرة ممكن بعد الآشعة ميطلعش في حاجة و يطلع الصداع شوية أنيميا .. أنا بجد بطلب إيدك للجواز .. "
- " مبتهزرش ... زياد الجواز ده مش مجرد كلمة "
" موافقة ولا مش موافقة "
- " أنا مش عارفة أفكر .. انت إزاي تاخد قرار من غير ما تفكر .. إذاي تسأل كدا .. "
" دكتورة مي ... مترديش عليا دلوقتي ، فكري براحتك و ردي عليا .. مفيهاش حاجة نتخطب و نتعرف علي بعض ........ عشان أعرف حتي أتكلم معاكي براحتنا علي الكافيه "
نظرت لها بإبتسامة هي أجمل إبتساماتي و غادرت .. لأول مرة أغادر أنا الأول

آخر شعاع من الضوءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن