البارت الثالث

15.9K 357 10
                                    

 البارت الثالث

ليلى / اتمنى نجاح مشروعى فقد يدعوا هذا لان يسمح لى ابى فى الذهاب لزياراتك وقد يرانى وقتها
 فريدة / وما رايك ان حدثته انا عنكى لاقرب لكى المسافات ؟
 ليلى / لا. لا اود هذا ابدا بل اتمنى ان يرانى هو اولا ويحدد ان كان يرغب فى ام لا ولكنى لن اكون ابدا انا البادية ولا اتحمل ان اكون موضع البضاعة الراكدة التى تباع بابخس الاسعار
 نظرت فريدة الى ساعتها وقالت / لقد تاخرت فقد اقترب موعد وصول اخى ايوب من السفر ويجب ان اكون فى استقباله
 رحلت فريدة وتركت ليلى تسرح فيمن عشقته فى صمت

 فى منزل الحاج صالح الغمراوى الكل فى حالة تاهب لوصول الابن الاكبر من سفره ( ايوب )
 الحاجة امينه تعد بيدها اجمل واشهى الاطعمة لفلذه كبدها العائد من سفره
 معتز الاخ الاصغر بفرحه / ترى يا طارق امثال اخيك ايوب سعداء فى حياتهم ؟
 طارق / بالطبع وهل يخيل لك ان شخص يعمل ربان سفينة يبحر فى كافة انحاء العالم شرقا وغربا ويتعرف على كل الجنسيات هل من الممكن الا يكون سعيدا بل انت الشقى فى حياتك لانك حصرت عملك هنا فى تلك القرية العقيمة بافكارها وعاداتها
 معتز / كنت اتمنى ان اكون مثله
 طارق / اكنت تريد ان تصبح ربانا
 معتز / لا فانا لا احب حياة الترحال ولكنى اقصد اننى كنت اتمنى ان اكون فى مثل شخصيته فله طله رهيبة ويحمل فى شخصيته قوة وراى سديد وفى ذات الوقت لا اراه الا حنونا لين الملامح كما لو كان ابى حقا
 قبل ان يرد عليه طارق جاءت فريدة وهى تركض نحوهم بكل فرحة وقالت / اما انا ان لم اكن اخته لاقسمت اننى كنت ساصبح من مجنونى ايوب
 طارق وهو يضربها على مقدمة راسها بخفة / ومن قال انك لستى بمجنونة ايوب
 فريدة بابتسامة / وانا افتخر بهذا فهو اقرب الناس واحبهم لقلبى
 رد طارق عليهم / افضل شىء تحمدان الله عليه انكما لم ترا وجه اخيكما الصارم فانا اكثر الناس احتكاكا به واكثرهم معاقبة منه
 معتز / بالطبع لانك تدير شركته وانت ذراعه الايمن وانا اكاد اجزم انك مهمل كثيرا على الاقل فى مواعيدك بسبب نزواتك مع النساء يا طاووس النساء وانت تعرف ايوب لا يحب الاستهتار فى اى شىء
 طارق وهو يضحك / وما ذنبى يا اخى فانا ضعيف امام الجمال وكل من حولى جميلات
 فريدة / وهل من حولك هؤلاء يمثلن شىء مما هن حول ايوب ولكنه ابدا ما يتصرف مثلك ولا يتبع نزوات عابرة
 معتز / ايوب مثل ابى يحب الاستقرار الاسرى
 طارق / اى استقرار اسرى مع ربان سفينة لا يتواجد فى منزله الا ايام قليلة وقد تنكمش لتصبح ساعات
 الحاج صالح يدخل عليهم وقد اعتلت وجهه اشراقة البهجة بقدوم ولده
 ما ان لمحته فريدة الا وركضت نحوه وارتمت بصدرة تقبله معبرة عن فرحة بقدوم اخيها
 الحاج صالح / اراكى انتى غريمة امك فى ولدها فما دمتى موجودة لن تتركيه ابدا لها
 ضحك الجميع عليها فهى بالفعل ما ان يجىء ايوب الا والتصقت به لا تتركه ابدا
 الحاج صالح / اريدك يا معتز ان تخرج للمزرعة وتتابعها حتى اذا ما وصل اخيك وجلست معه لا يكون هناك شىء معطل
 اوما معتز بنعم وهم بالخروج ثم توقف للحظة وقال لابيه / لقد اتصلت بى الفتاه المجهولة التى تحاول خلط ابناء القرية ببعضهم بهدف فكرتها المزعومة الا وهى القضاء على العادات السيئة وطلبت منى انها تود ان ساعدناها بتوظيف عدد من شبان عائلة المنشاوى لدينا فى المزرعة ليختلطوا بشباب عائلتنا وارجأت الرد عليها لحين الاخذ برايك
 ابتسمت فريدة لوالدها بخبث فهى فرد من ذلك الفريق وقد افصحت لابيها فى السر عن طبيعة عملها هى وليلى فابتسم لها هو ايضا فى خبث لا يعلم احد الا هو وقال لمعتز / العمل عندنا متاح للجميع يا بنى فالرزق رزق الله لن نحجبه عن احد فما داموا سيجتهدون ويبتكرون فاهلا بهم
 قبلته فريده قبلة امتنان لابيها بينما لم يفطن كلا من معتز او طارق لسبب سعادتها
 مرت ساعات قليلة واذا بفريدة تصرخ صرخة فرحة اول ما رات سيارة اخيها تقترب من فيلتهم فنزلت لاسفل وهى تركض وتردد لقد وصل الفهد الثائر
 قام الجميع لاستقبال ايوب وكان فريدة اول المستقبلين وقد ارتمت فى صدره حاضنه له فهى بالكاد تصل لنصف صدره فهو يتسم بضخامة جسده مثل ابيه
 الحاجة امينه اخذت تقبله بلهفة ممزوجة بالبكاء
 بينما حضنه والده بحب وهدوء فمشاعر الرجال مهما كانت جياشة فلا تتماثل مع مشاعر النساء الفياضة فالرجل الحق هو من يتسم بكتم مشاعره الا على انثاه ورفيقته التى لا يختار سواها
 سلم ايوب على عائلته بالاحضان والفرحة ويده ممسكة بصغيرته فريدة التى لم تترك يده ابدا وكانها حقا ابنته الصغيره
 الحاجة امينه بدموع لابنها الجالس امامها فى حجرة الجلوس / مالك كل يوم تمزق قلبى شوقا عليك يا بنى واحترق من لهفة شوقى لرؤياك وانت رحال بين الدول لا استقرار لك
 ابتسم لها ايوب وقام اليها وحضن وجهها الباكى بين كفيه ومسح دموعها وقال / فى كل مرة تبكين هكذا وانا اقسم لكى اننى بخير فانا اعيش على دعواتك
 الحاجة امينة / كيف تكون بكل خير وانت كل دقيقة فى خطر وتعيش بعيد عنى وليس لديك بيت ولا اسرة حتى الان وتعيش رحالة بين البلدان
 قام الحاج صالح من مكانه واقترب من زوجته فهو اقدر واحد يعلم بشعورها نحو ولدها وقال لها بهدوء / لا ترهقيه بكثرة كلامك واحضرى له الطعام ولا تقلقى بشانه فلن يتركنا الان
 ضحك الكل عليه بينما قال طارق لفريدة / وانتى ايها الطفلة الن تذهبى لمساعدة امك
 معتز بسخرية / وهل جننت انت لتعتقد انها ستترك حضن ابيها الاصغر
 الحاج صالح بحنان / اتركوها وشانها فهى تعشق اخاها فاتركاها لتشبع منه
 ايوت وهو ياخذ اخته تحت كتفيه وقبل جبينها وغمز لها قائلا / هيا بنا نحن لغرفتى لابدل ملابسى وتحكين انتى لى عما فاتنى منذ اخر مرة كنت هنا
 ......
 بينم كانت ليلى تجلس امام الحاسوب وقد طارت فرحا من الموافقة على طلبها الذى ارسلته لمزرعة الحاج صالح واخذت تراسل شباب العائلة الاخرى الباحثين عن عمل وحثتهم انه جاء الوقت لكى نزيل عن عقولنا العصبية التى لاداعى لها وعلينا ان ننظر لبناء حياتنا والتقدم بدلا من الركون فى اماكننا
 فى حين راسلت ادارة شركة اباها باسمها المستعار وطلبت منه تعيين افراد من فتيات عائلة الحاج الغمراوى فى محلج القطن ومقشرة الارز التابعين له واشتدت فرحتها حين جاءها الرد بالموافقة
 دخلت عليها صفاء وقالت / الا تركتى ما انتى تفعلينه وجلستى معى نتابع المسلسل سويا
 ليلى / معذرة يا صفاء فلدى عمل لابد انجزة وبعدها ساكون معكى
 دخل عليها علي فجاة وهو يتحدث وقد اعتقد انها بمفردها وما ان وجد صفاء الا وغير الكلام فلاحظت صفاء ذلك فبضيق قالت / اراكما ترتبطان ببعضكما البعض وكلما رايتمانى غيرتما كلامكما
 ليلى بانكار / ابدا يا صفاء فانتى صغيرتنا المدللة ولن نخفى عنكى اى شىء البته
 صفاء بغرور / نعم انا المدللة لانى استحق ذلك ثم تركتهم وخرجت
 قامت ليلى من امام حاسوبها واقتربت من علي وقالت / لا تفعل ذلك مرة ثانية حتى لا تجرح شعورها
 علي / انا لم اتعمد ذلك ابدا ومع ذلك انتى من تقولين لى هذا وانتى ترينها تتعالى عليكى ؟
 ليلى / انا لن اهتم بما تفعله فما فيه ليست هى سببه بل والديك وانت تعلم بالاضافة الى انها كبرت بدون ان يكون عندها اى طموح او هدف فى الحياة فاصبح عقلها فارغ ليس لديها ما تفكر فيه او يشغل وقتها سوى المسلسلات والموضة
 علي مقاطعا / المهم الان لقد خاطبت فريدة كثيرا على الفيس ولكنها لم ترد ابدا على وانا قلق بشانها
 ليلى / لا داعى للقلق فقد قالت لى ان شقيقها الاكبر سيصل اليوم وهى متعلقة به جدا وتظل معه اينما وجد
 علي بقلق / نعم اعلم ذلك وهذا ما يقلقنى اكثر
 ليلى بعدم فهم / لماذا
 علي / انا اخشى من اخيها هذا اكثر مما اخشى من والدها نفسه فهى شديدة التعلق به وتحب دوما ان ترانى مثله هذا اولا
 وثانيا اخاف الا يوافق على زواجى منها فمادام هو يعتبر كبير العائلة بعد والده والكل يشيد بصرامته فاخاف ان يكون اشد تمسكا بعاداتنا ويرفض زواجى منها
 ليلى وقد ابتسمت ابتسامة فرحة وسحبت اخاها من يده قائلة / لا تخف ففكرتى فى طريقها للتمام فكلا من اباها وابى وافقا على الخلط بين العائلتين فى العمل وهذه بداية طيبة جدا
 علي / ولكنى اخشى ان يتبدل كل هذا الايام القادمة
 ليلى بقلق / ولماذا تقول هذا اجد جديد؟
 علي بضيق / نعم فقد قرر ابن عمك على الخوض فى الانتخابات وكذلك قرر الحاج صالح ان يخوضها بنفسه وهناك توترات داخليه فابيكى هو كبير العائلة وهو الداعم الاول لابن عمك فهل سيقف فى وجه الحاج صالح ؟ ام ماذا ؟
 ضربت ليلى بكلتا يديها على صدغيها من الخوف وشهقت وظلت محدقة فى وجه اخيها وقد ثبتت احداقها من الصدمة اذ ان بكلماته هذه قد انهارت امالها وتكاد تنبا بفشل خطتها ولم تستطيع التفوه بحرف
 علي وهو يعلم بما الم بشقيقته قال مواسيا لها / لا تقلقى فاظن ان خطتك ستساعدهم كثيرا فى حل تلك المعضلة فقد لمسنا جميعا الهدوء الذى ساد فى العلاقات بين شباب العائلتين وقد صار بينهم ود كبير
 ليلى بنفس خوفها / وما ادراك فقد ينقلب الوضع كلية فانا لازلت اتعامل معهم بكل حرص فنحن فى جمعيتنا تلك لازلنا فى طور البداية واشعر بان احساس الغل والكره لازال مكنون بداخلهم رغم انهم يظهرون العكس
 على / لا انهم بالفعل اصبحو اكثر تفاعلا وارتباطا فقد اتت خطتك ثمارها فى وقت قصير عكس ما كنتى تتوقعين وهذا ان دل فيدل على ان لديهم الرغبة فى التخلص من تلك العادات ولا تنسين ان معظم من اثرتى بهم من نفس جيلنا وهو المراد من خطتك
 ليلى جلست على طرف سريرها وهى محطمة لان فكرتها اوشكت على التلاشى
 على باصرار / انا لم اقل لكى هذا لاحطمك بل عليكى ان تستمرى وتجاهدى
 ليلى / لقد اصبحت مشتتة التفكير والتخطيط
 على بعصبيه لينبه عقلها لان يثق فى نفسه امسكها من كتفها وقال / لقد بداتى تجربة فريدة وتعلقت الناس بكى ولا يجوز لكى التراجع او الياس والا ستكونين انتى السبب فيما قد يحدث
 ليلى بدموع / لقد بدات فى خطتى فى البداية لاثبات ذاتى واثبات انى لى كيان وانى من البشر الطبيعين فقد افقدنى كلا من حولى شعورى بنفسى فلم اجدنى الا انسانه جاهلة وخادمة وحرم على الشعور حتى باحساس انى فتاه لها احلامها
 على / لما هذا الياس ان كان والداكى فعلوا هذا فاثبتى انتى العكس
 ليلى بصريخ / كيف وكل شىء ضدى وفكرتى فى البداية لم تكن لدرء العادات السيئة بقدر ما كانت تنصب على شيئين اولهم ان اجعل لنفسى مكانه وشان وكرامة
 والثانى اردت التقريب بين العالتين لكى يشعر بى شخص بعينه
 على ضيق عينيه بعدم فهم وسالها / وماذا تعنى بقولك يشعر بك شخص معين
 ليلى وهى على نفس وضعها من الانهيار وتكاد لا تدرى بما تتفوه به ومع ذلك استطردت كلامها / نعم اردت ان يرانى من عشقته وانا انسانه وان يتقدم لى مثل باقى الفتيات اى اردت ان امهد له الطريق حتى لا ينعدم امل الارتباط بيننا
 على وهو عير مصدق ما يسمعه من اخته فهو اول مرة يشعر انها تحب وان قلنا ان علي ارأف اهلها بها الا انه فى ذات الوقت لم يشعر بانوثة اخته او انها لها قلب يعشق مثل قلبه فهو دوما ما كان يراها بملابس مهلهلة وليس لها اى رغبة سوى خبز العيش وكنس البيت وتنظيفه حتى وهى تعمل على حاسوبها كانت دوما ما تعمل سرا بعيدا عن الاعين فمتى حانت لها الفرصة لتعشق ؟ ومن هذا الذى عشقته ؟ ولما هى التى بدات بتمهيد الطريق للتقدم اليها ولم يكم هو البادىء ؟
 ساورته عدة اسئلة فى لحظة واحدة وبرفق اقترب منها ومد يده وامسكها من كتفيها وابتسم لها بحنان وسالها / احقا تعشقين ؟ ومن هذا صاحب الحظ الكبير ؟

قلب اخضر....للكاتبة رباب عبد الصمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن