البارت الثلاثون
.......
استاذن ايوب من ليلى حتى لا تغار مرة اخرى وسافر بسهيلة للقاهرة وبالفعل سجل الطفل باسم اخيه بعد عمل التحليل باخذ عينه منه لاثبات درجة قرابته ثم ساعدها بان تحصل على وظيفة واجر لها سكن يليقى بها واشترى لها كثير من الملابس وارسلها لاخصائى تنمية لتعلم مهارات التعامل مع الاخرين وكيفية الثقة بالنفس
وكان ايوب دائم الاتصال بليلى للاطمئنان على صحتها
مر اسبوع واصبحت سهيلة فى قمة الاناقة والجدية والقوة ثم اتفق معها على موعد المقابلة لجعل طارق يراها
اتصل ايوب بطارق وقال له انه فى حاجة الية فى الشركة فى القاهرة وبالفعل اتى طارق اليه وقضوا معا يومهم بشكل طبيعى تابع خلالها ايوب كل ما هو جديد بالشركة ثم قال بطريقة جدية وهو يجلس خلف مكتبه يوقع بعض الاوراق : نحن فى حاجة الى سكرتيرة جادة مجتهدة غير تلك المستهترة
تذكر طارق ليلى وكيف كانت جادة فى عملها وشرد فيها وكذلك تذكر سهيلة فكلاهما شعر معها شعور لم يألفه مع غيرهن
ايوب فهم ما فكر فيه فهو يعلم الحكاية كلها ولا ينكر على نفسه انه شعر بالغيرة من اخيه ولكن فى نفسه كان على علم يقين ان طارق بمجرد ان يرى سهيلة سينسى ما يفكر فيه
ايوب بصوت مسموع : لقد تحدثت مع احد اصدقائى فرشح لى سكرتيرته الخاصة وشكر فيها جدا حتى انه قال لى انه ينوى الزواج منها ولكن شركته الان قد تعسرت وفى طريقه لاشهار افلاسه فقرر ان يرشحها لى حتى يقف على اقدامه مرة ثانية ويتقدم لها
طارق ببرود : تمام بالتوفيق
كان ايوب لا يزال ينظر للاوراق التى يوقعها ومع ذلك اختلس نظرة على اخيه الشارد ثم قال : ما رايك لنذهب لناخذ غداءنا فى اى مطعم قريب
لم تمر ساعة وكان ايوب وطارق فى مطعم يتناولون غدائهم ودخلت عليهم سهيلة فى خطى ثابتة ومعها طفلة وجلست بالقرب منهم وطلبت طعامها واخذت تاكل وتطعم طفلها
كانت فى غاية الاناقة والشياكة والاغراء
لمحها ايوب وابتسم عليها اذ انها تنفذ تعليماته حرفيا بينما طارق لم يلمحها فى البداية وفجاة هو يرفع شوكته لفمه لمحها فانتفض وشهق وسقطت عنه شوكته
ايوب من داخلة كاد ان ينفجر ضاحكا على اخيه ولكنه التزم الثبات ونظرله فوجده قد تيبس وجهه وظلت عينيه ثابته عليها واخذ راقبها
ايوب بلؤم : ماذا حل بك
طارق بتلعثم : لا شىء وفجاة لمح سهيلة تغادر المطعم فاستاذن ايوب وخرج خلفها بسرعة
ابتسم ايوب واخذ يراقبهم عن بعد
ما ان خرجت سهيلة وخرج طارق خلفها الا ونادى عليها بسرعه
التفتت له وتصنعت الدهشة والاستياء من رؤيته وهمت ان تمشى تاركه اياه دون ان ترد عليه فاسرع نحوها اكثر واستوقفها فلم تقف فاضطر ان يشدها من يدها
وقفت مستنكرة فعلته ونهرته فاخذ يتاسف ويستحلفها لتنتظر ولو لدقيقة لتسمعه
وقفت سهيلة وهى لاتزال تتصنع النفور منه وانها منتظرة اجبارا
طارق بلهفة اشتياق: كيف حالك
سهيلة بكبرياء : وما الذى يخصك فى حالى
طارق بالم عليها : ارجوكى اسمعينى لقد ندمت على ما فعلته وبحثت عنكى كثيرا
سهيلة : لا داعى للاسف فقد جعلتنى انتبه بحالى اثر ما فعلته وها انا الان فى احسن حال كما ترى
نظر الى الطفل الذى فى يدها وقد وجده نسخة من اخيه ايوب ولكنه لم يستطيع الكهن فسالها بقلق من سماع اجابة لا يريدها : هل تزوجتى ؟
سهيلة بكبرياء : هذا لا يخصك بعد اذنك وهمت ان تغادره فشدها من يدها مرة اخرى واستوقفها لكى تسمعه ثم ترجاها ان تنتظر وتسمعه
كان طارق يرتجف حقا وهذا ما شعرت به سهيلة ولاول مرة ترى فى عينيه نظرة الضعف والانكسار تلك ورات ايضا فى عينيه نظرة الملهوف والمشتاق فابتسمت ساخرة وقالت : ما بك يا طاووس النساء هل تريد ان تكذب على مرة اخرى وتقول اننى الحب الاول والوحيد فى حياتك وانا ارى فى يدك محبس امراة اخرى
طارق باسف : ارجوكى دعينا نجلس فى اى مكان وساشرح لكى كل شىء
اتصل بها ايوب الذى كان يراقبهم من زجاج المطعم وامرها ان تذهب معه حيث اراد لتستمع له كما امرها ان تسجل له حوارهما معا كاملا وبالفعل نفذت ما قاله لها
كان هدف ايوب ان يسمع كلام طارق وهو بعيدا عنه وكيف سيذكر ليلى وما شعوره نحوها حتى يطيب صدره
جلس طارق مع سهيلة ولاوال مرة يعترف بحبه لها بهذا القدر واعترف ان لم يكن عاشقا لليلى بل عشق فيها الجديد الذى لم يراه الا فى سهيلة وهو العفة والقلب النقى الاخضر وانه كان يحاول ان يتناسى بها سهيلة ومن ضمن اعترافاته انه اعترف بما فعله معها وان ما باحشاءها هو ابنه حقا وانه يشعر بالندم لانه ظلمها وقسى عليها
فى نهاية اليوم عاد طارق لايوب الذى نهره على تركه اياه فى المطعم دون سبب
كان طارق فى قمة سعادته فمجرد انه وجد سهيلة وانها ارتضت ان تجلس معه وتستمع اليه كان فى حد ذاته قمة السعادة له
قص طارق لايوب ما حدث بينه وبين سهيلة
ايوب : وماذا ستفعل ؟
طارق : ساتزوجها بالطبع ولن اتركها تضيع من يدى مرة اخرى اوليس هذا ماكنت تتمناه ؟
ايوب وقلبه يرتجف من سماع اجابة تنهى حياته : وماذا عن ليلى ؟ هل ستجمع بينهما فى عصمتك ؟
طارق : قلبى لا يتحمل اى شريك مع سهيلة ثم انى قدطلقت ليلى بالفعل
ايوب : انت تتكلم عن الزواج والطلاق بكل سهولة وكانك تملك زمام الحياة فى يدك الم تتعلم من اخطاءك
طارق : بل تعلمت وانا الان اصحح اخطائى
ايوب : لكنك لم تطلق ليلى طلاقا بائنا
طارق : ساذهب من الغد لاستخراج وثيقة طلاقها
ايوب : وماذا عن طفلك ؟
طارق ساعترف به فانا كما قلت اصحح اخطائى واريد ان اعيش حياتى من جديد وانسى لقب طاووس النساء نهائيا
تنفس ايوب الصعداء ثم عاد وساله فى خبث : انك بفعلتك هذه ستشعل نار الثار من جديد بين العائلتين فكيف تطلق ابنتهم وهى بالطبع ستحكى كل ما فعلته بها وستحكى سر اختفاءها ان ظهرت
طارق بتوتر : لا اعلم ماذا افعل ولكن ما يهمنى الان الا اترك سهيلة وان ارادوا سارد ليلى ولكنى ساكون صادقا معها من البداية ان قلبى ليس معها
ايوب بفرحة : لا عليك من كل هذا الان سافكر فى حل له ولكن اهتم انت بشئون سهيلة لترضى عنك
طارق بقلق : انها رافضة الحديث معى مرة ثانية ولكنى سرت خلفها وعرفت مكان سكنها ولن اتركها حتى اردها الى
ايوب : ولكنك تقول انها تزوجت وانجبت
طارق : هى لم تقل هذا صراحة ولكنها فى ذات الوقت قالت انها غير متزوجة فمن الجائز انها ارملة او مطلقة هذا ما ساعرفه فيما بعد
قطع حديثهم رن هاتف ايوب فوجد ان المتصل ابيه الحاج صالح
مرت دقائق انهى ايوب الحديث مع والده وتمنى له سفرا سالما فقد اخبره الحاجصالح انه سيسافر لقضاء عمرة خلال يومين
مر اسبوع اخر ولازال ايوب فى القاهرة يتابع عمله ويراقب طارق الذى لم يترك دقيقة او فرصة الا وذهب لتحدث مع سهيلة حتى ترضى عنه وسهيلة تتمنع وتتعد ولكنها تجده يقطع عليها الطريق فى كل مشوار تذهب اليه
سهيلة ايضا شعرت بسعادة غامرة لم تكن تشعر بها من قبل فقد شعرت بذاتها وطارق يتحايل لان يستمع منها لمجرد حتى السلام
ايوب لطارق بغرض اثارة غيرته : ما رايك هذه صورة سكرتيرتنا الجديدة مع زميلى صاحب الشركة وسبق ان قلت لك ان ينوى الزواج منها بعد استقرار امور شركته فما ريك فى مظهرها هل تليق بنا فانت اكثر منى خبرة فى ذوق النساء
ما ان وقعت عين طارق على سهيلة الا ودبت فيه الغيرة وتعصب مما جعل ايوب يساله عن هذا فرد بعصبية اكبر : هذه هى سهيلة فكيف تجروء ان تتصور بجواره هكذا وكيف ستتزوجه من الاساس
ايوب متصنع الجدية : مالى اراك لاول مرة تخذل فى جذب امراة افقدت جاذبيتك ايها الطاووس
طارق بعصبية : لانى احبها حقا فقد فشلت فى التعبير عن حقيقة ما بداخلى وفيما يبدوا انى اعتدت على عيشة الزيف حتى انى لم اعد املك كيفية التعبير عن الحقيقة الوحيدة فى حياتى
ايوب : ان كنت تعشقها حقا لا تجعل غيرك يفوز بها فاذهب اليها ولا تتركها الا وانت شارحا لها مافى صدرك ثم اترك لها حرية الاختيار
طارق باستنكار : الان تقول لى اختيار الم تقل لى من قبل ان على ان اتزوجها ؟
ايوب ببرود : نعم قلت هذا ولكن هل نجبرها ان هى رفضت الزواج منك
طارق ضرب المكتب بقبضتيه وقال : انا لا تنكرنى اى امراة على وجه الارض ولن اترك سهيلة لغيرى وتركه وغادر المكتب ذاهبا اليها وهو فى قمه عصبيته
......
اتصل ايوب بليلى وما ان ردت الا وتنفس الصعداء : كيف حالة مهجة الفؤاد ؟
ليلى : لا ينقصها الا رؤياك
ايوب بحنان لقد اشتقت لقوتى التى افقدها كلما بعدت عنكى
ليلى : دوما ما تخجلنى بجمال كلامك
ايوب : انا لا اقول كلمات جميلة يا ليلتى انا اترجم كلمات قلبى فهل تشعرين به
ليلى : وكيف لقلبى الا يشعر بك ودمك هو الذى يغذيه ويجعله ينبض وان نبض نطق باسمك
ايوب : ولكنى اشتقت لدفء كفيكى
ليلى : لا اعلم من منا يشتاق لدفء الاخر فانا اكثر منك برودة وانت بعيد
.......
ما ان انهى ايوب كلامه مع ليلى الا ورن هاتفه فرد وما ان سمع صوت طارق الا وصدم فقد اخبره طارق انه ذهب لسهيلة ترجاها حتى ارتضت ان تتزوجه وانه علم ان هذا الطفل ابنه وقد اخذها وهو فى طريقه الان الى القرية ليعيش معها هناك امام الجميع ولم يكن حتى الان يعرف ان ايوب بالفعل قد سجل ابنه باسمه ولم تحكى له سهيلة عن سابق معرفتها بايوب
ايوب بعصبية : ايها المتهور الم تحسب لتصرفاتك اى شىء انتظر حتى اهيا الامور فانت ستشعل النار بين العائلتين
طارق : لا يهمنى ما تقوله المهم عندى الا تضيع سهيلة منى مرة اخرى والا اترك ابنى يعيش بعيد عنى ثم انى الان قد وصلت للقريه وانا على مدخلها لم يكد يكمل كلامه حتى صرخ وصرخت سهيلة
أنت تقرأ
قلب اخضر....للكاتبة رباب عبد الصمد
Romantikقلب اخضر....للكاتبة رباب عبد الصمد جميع الحقوق محفوظة للكاتبة.... كثيرا ما نفتتن بشخص ونتوهم ان الحياة والسعادة كلها بين يديه وان اسعفنا الحظ واقتربنا منه لوجدنا ان الجحيم كل الجحيم هو ما كان بين يديه وان ما ظنناه سعادة كان وهما مغلفا بشكل جميل ول...