البارت العاشر
فى صباح اليوم التالى وقد استعدت القرية كلها لذلك الفرح الكبير والاندماج بين العائلتين وشاع الخبر ان ابن الحاج صالح البكر سيتزوج من ابنه الحاج نعمان الكبرى اى ان الناس وصل اليهم ان ايوب هو من ستزوج ليلى
ذبح كلا البيتين كثير من الذبائح واندمجت افراد العائلتين مساعدين كلاهما
بينما كانت فريدة فى حجرتها تبكى لان ايوب اخيها لن يحضر عرسها وسيسافر لعمله فقد استدعوه لمهمة مستعجلة
الام ايضا كانت تبكى فكيف لابنها كبير العائلة من بعد ابيه لا يحضر زواج اشقاءه
قبل ايوب راس امه وقال بحنان / سامحينى ولكنها امور مستعجلة
قبلته هى ايضا وقبلته وقالت اذهب لاختك فكم هى منهارة وودت ان اجلت زفافها لحين عودتك فابتسم قائلا لا عليكى ساطيب خاطرها
وقف امام باب غرفتها وقبل ان يطرقه وقف قليلا وتنهد بعمق فهو حقا بين نارين فكم يود ان يحضر زفافها ويكون اول من يسلمها لزوجها وبين حزنه على ابنته فهو من اليوم لن يستمتع بمشاغبتها له حين وصوله للبيت وسيفقد طلتها التى كانت تملا الدار حيوية فهى الوحيدة التى كانت قادرة ان تقطع عليه عزلته ومن اليوم سينظر الى غرفتها فيجدها ساكنه لا روح فيها
لا يختلف شعور الاب عن شعور الاخ الكبير فكلاهما يحمل قلب رجل يغار على صغيرته وهذا ما شعر به ايوب ولن نكون متغالين فى الوصف ان قلنا انه اكثر غيرة وحزنا عليها من ابيه حيث انها كانت اقرب اليه من ابيه وكانت تحكى له كل ما يخصها حتى عندما دق قلبها الصغير ولكن من اليوم سيفقد كل هذا
اخيرا استجمع قواه وطرق باب غرفتها ودخل وما ان دخل الا وخرجت صديقاتها وتركوهم سويا
وقفت امامه تنظر اليه حزنا وخجلا وقد اغرورقت عيناها دون ان تتكلم
انقبض قلبه لاجلها ووقف هو ايضا امامها لا يستطيع الخروج من حيث دخل ولا يجروء على الخطى خطوة واحدة منها فقد اقشعر بدنه فور رؤيتها بفستان زفاقها فاخذ يجز على اسنانه وقد اختنقت انفاسه فهو غير مصدق انه من الان هو فاقدها
اخذ ينظر لها واخذت تنظر له
اغرورقت عيناه واغرورقت عيناها
تكلم صمته وتكلم صمتها وفجاة ركضت نحوه وركض نحوها فاحتضنها بشدة وشد عليها وقد غاصت بين احضانه من شده ضمه اياها فانهارت فى بكاءها فكتم هو بكاءه ومسح دموعه قبل ان ترى هى انهمارها ثم ابتسم باعجوبة ورفع راسها من صدره وامسك وجهها بين كفيه وقال / الان وقد كبرت ابنتى المشاكسة وستتركنى بعد ساعات قليلة وساجبر ان انظر على غرفتها اشتياقا لرؤياها وسينعم بابتساماتها غيرى
دفنت راسها مرة اخرى فى صدرة وقالت / لا اريد ان اتركك وكم كنت اتمنى ان تتزوج قبلى ليطمان قلبى عليك
ضحك بحزن ومد يده وسحبها من يدها واجلسها على طرف سريرها وجلس قبالتها واطال النظر اليها وصمت للحظات ثم بدا الكلام بصعوبة وقال لها بحنان / اليوم ستغادرين بيتى الذى ترعرعتى فيه وضمك هو بحنان جدرانه الى بيت جديد لم تالفيه ولم تعتاد جدرانه على انفاسك وستتعاملين مع رجل كان امس غريب واليوم اصبح اقرب الاقربين اليكى فاجعليه قرة عينك واجعلى من نفسك مرآتى هناك فاخلاقك وطباعك معه هى مرآة لى فاحسنى من مظهرى فى مراة بيتك ولا تجعلين زوجك واهله يرونى بمظهر لا يليق بى واحفظى هيبتى امام زوجك حتى يحفظ هو مجبرا هيبتك فقد ربيتك على العفة والشموخ فاريهم انى احسنت التربية وكونى له ام واخت وزوجه وكونى له دوما الصدر الحنون حتى يصبح لا ملجا له الا اليكى واجعلى قلبك مخزن اسراره واحفظى غيبته وراعيه فى ماله واعتنى باولادك فهم مرآتك ومرآة زوجك
واجعلى والديه هم والديكى وراعيه فيهم حتى تكسبين قلبه ورضا الله من قبله
ولا تهابى ان تجبر عليكى واعلمى انى خلفك حائط سد منيع
قالت بدموع / كم وددت ان تسلمنى بيدك له فانت موضع هيبتى امامه
مد يده ومسح دموعها وابتسم لها قائلا / لا تخافى فقد حفظت هيبتك نحوه واعطينى عذرى فقد اجد ان ظروف عملى جاءت نجاه لى فانا لا استطيع رؤيا خروجك من بيتى ولا اطيقها فيضيق صدرى
............
اخيرا خرج من غرفتها باعجوبة فكم ود الا يتركها والا يزوجها من الاساس لولا انها سنة الكون اجمع وخرج بسرعه متوجها لاستلام عمله دون ان ينظر خلفه حتى لا يضعف ويبدر منه ما لا يحمد عقباه
.....
تم الزفاف وكانت العرائس وجميع النساء فى مكان والعرسان مع الرجال فى مكان اخر والشائع بين الناس ان ليلى قد عقد قرانها ايوب الابن الاكبر للحاج صالح ولا يعلم الحقيقة الا اقرب الاقربين جدا
انتهى الزفاف واخذ على فريدة على منزله بينما رحلت اختاه مع ازواجهن الى بيت الحاج صالح وسكنت نار الغل بين العائلتين
.......
فى منزل الحاج نعمان وبالاخص فى حجرة الزوجين الحديثين على وفريدته
فريدة جلست على طرف السرير وهى خجلة على الرغم ان علي ليس بغريب عنها فعشقهما كان قد سبق زواجهما
اقترب منها علي وجلس قبالتها واخذ ينظر لها مليا وهو مبتسما وكانه يراها لاول مرة مما وترها واخجلها فقالت بتلعثم / مالك تحدق فى هكذا كانك ترانى لاول مرة فهل صدقت ان زواجنا اجباريا فنحن الوحيدين الفائزين بهذا الصلح
علي بهدؤ/ وكيف لا اطيل النظر اليكى وانتى جنتى ونارى
تنهد تنهيدة حنونة واستطرد قائلا لها / اريد ان تزداد رجولتى هيبة بزواجى منكى فان رايتى منى مكروه فتحملى منى ما كرهتى وتاكدى انك فوق اى مكروه ولكنها طوراق تطرا على حياتنا فساعدينى ان تمرريها بسلام واطلبى منى ما شئتى وقت ما شئتى وتدللى على بما يطيب لك بشرط الا تكسرى هيبتى بل اجعلى دلالك فى الاعتزاز بزواجك منى وستجدينى دوما سد منيع خلفك واياكى ان تحاولى كسرى فان كسرت منكى ساكسر عليكى فتنكسرى انتى قبلى ولكن ان وجدتك تجاهدين فى اعلائى فستجدينى خير ظلا لكى
فريدة ابتسامة عذبة / لا تقلق منى فى شىء فما دمت انا جنتك ونارك فاعلم انك انتى جنتى فقط دون نارى فانا لا ارى فيك الا كل جميل وانا جاريتك فاحسن العطف على
........
بينما فى بيت الحاج صالح
فى غرفة طارق وليلى كان الوضع مختلفا فقد امطر طارق ليلى بكلمات معسوله مما اخجلها اكثر ولكنه لم يعطى لها فرصة فاخذها على حين غرة جراء شهوانيته المشتعلة والمعتاد هو عليها
.....
اما عند معتز فموقفه قريبا من موقف على الا ان الخجل كان سيد الموقف بينهما اذ انهما مختلفين عن علي وفريدة فهم لازالوا غرباء كما انهم كانوا مختلفين ايضا عن طارق وليلى اذ ان معتز لم يكن له تجارب مثل طارق
........
أنت تقرأ
قلب اخضر....للكاتبة رباب عبد الصمد
Roman d'amourقلب اخضر....للكاتبة رباب عبد الصمد جميع الحقوق محفوظة للكاتبة.... كثيرا ما نفتتن بشخص ونتوهم ان الحياة والسعادة كلها بين يديه وان اسعفنا الحظ واقتربنا منه لوجدنا ان الجحيم كل الجحيم هو ما كان بين يديه وان ما ظنناه سعادة كان وهما مغلفا بشكل جميل ول...