البارت العشرون
فقدت ليلى حبها له ولم تعد شغوفة به ولا متلهفة على وجوده جوارها وعلمت انها عشقت وهما وجمالا زائف وقد اعترفت امام نفسها انها لم تحبه من قبل ولكنها كانت مفتونه به فان كان حبها حقيقى له لما كرهت تضحيتها هذه ولما شعرت بالاستياء من نفسها بل على العكس لشعرت بالفرحة وهى تعيش بقربه ايا كانت صفتها فهذا هو الحب الحقيقى لا يعرف الا التضحية ويرضى بالقليل ولا يرى من الحبيب الا كل جميل اما الافتتان التى عاشت فيه تحت مسمى الحب فسرعان ما انكشف ورات بعينها فرق مشاعرها وهى تتغير
ورات ان الشك ما ان تسلل اليها الا وتاكدت انها لم تعد تحبه لانها ان كانت لازالت تحبه ما تسلل لها الشك ابدا ولكن ان تملك الشك من الحبيب فانه يوقعه بين شقى الرحى فلا هو قادر ان يستمر فى حب ليس فيه وافر النصيب ولا هو قادر على الفراق وتزداد النار اشتعالا ويحرق الفؤاد
اخذت تتذكر علي شقيقها ومعاملته لفريدة فقد كان الحب واضح بينهم دون الحاجة الى تكلف او مجاهدة
وتذكرت ايضا معتز وكيف كان يعامل صفاء بحب وتودد مع ان زواجهم كان بنفس طريقتها مع طارق ولكن العيب هنا فى الشخصية فمعتز عشق صفاء فلم يرى انه مجبور عليها ولم يطلب منها ان تتكلف فوق طاقتها لترضيه بل كان يعطيها اكثر مما تعطى هى
اما طارق فكان على النقيض تماما من على ومعتز ومن حتى ابيه بل من اى رجل يحب فكان يبحث عن ماديات وليست مشاعر وهى نجحت ان تعطيه الماديات فى شخصية والمشاعر فى شخصية اخرى وان كان هواها لراى انها تجمع الاثنين ولكنه كان اعمى عنها فالرجل حين يحب المراة فانما يريدها هى ولا يريد ما هو اجمل منها لانها هى هي بذاتها لا لانها امراة لا فارق بينها وبين سائر النساء
فالخزانه التى نراها فارغة هى بعينها التى نراها مملؤة بالجواهر الثمينه ولكننا نخشى على متانتها وهى حاملة عامرة ولا نخشى على متانتها وهى فارغة منسية
وليلى كانت بالنسبة لطارق كالخزانه ولكنه راها خاليه ولذلك لم يهتم بها ولكن عندما راها فى صورة اخرى ظن انها مملؤة بالجواهر فخاف عليها وود ان يحتفظ بها للابد ويتزوجها فى حين ان ليلى هى ليلى فى الحالتين ولكن نظرته هى التى اختلفت فرات فى ليلى السكرتيرة اشياء عميت عيناه ان تراها فى ليلى الزوجة
ولهذا قررت بعد فترة تفكير ان تبتعد عنه للنهاية وعليها ان تحافظ على كرامتها فاما ان يرضى بها هكذا واما فلا داعى للتكلف وقررت ان تكون هى سيدة قرارها مهما كانت نتائجة فالاهم هى ذاتها التى لا تستحق منها ان تهدرها بهذا الشكلكنت قلبى وبروحى شاريك
بعد ما كانت روحى فيك
معقول اضيع بايديك
لو قادر بصلى بعينيك
رفضت حبى وشوقى اليك
وكانى ذكرى وماضى ليك
كنت املى وخفت عليه
واهو قلبى مات والبركة فيك
............
فى اثناء ذلك كان ايوب قد عاد الى البيت فى اجازة قصيرة لا تتجاوز الثلاث ايام وحتى فى تلك الاجازة لم يسعفه القدر ان يرى ليلى فقد علم ما فعله والده وانها ذهبت لزوجها فامل ان تنجح فى تجربتها
الحاج صالح لابنه / اتمنى ان تنجح زوجة اخيك فى مهمتها فانا خائف ان فشلت فانها سترفض ان تكمل معه وما اخشاه ليس تجديد الحرب بين العائلتين ولكن لان ذلك سيتبعه خراب بيت اخيك معتز وبيت اختك فريده وكلاهما مستقرين فى عيشتهما
كما ان اهم ما يحزننى ان اخاك ان فقدها فقد فقد اكبر نعمة فى حياته فهى نعم الزوجة الصبورة التى تسعى لان تحافظ على بيتها وزوجها ولا تضنى اى جهد فى سبيل نجاحها فى ذلك
ايوب وهو يركز فى ما يقوله اباه / ان كانت كما تقول فاتمنى من الله ان يكملها لهم بالذرية الصالحة فهذا انسب ما يجعله يتمسك بها فانا اعرف طارق لن يتحمل ان يتربى ابنه فى كنف غيره واعلم ايضا انه حنون جدا ووجود طفل صغير سغير من افعاله
الحاج صالح اتمنى ذلك
ايوب ركز ببصره على اخاه معتز ولاحظ خدمته لزوجته ولاحظ دلالها الزائد عليه فانتابه الضيق منه وسال ابيه / منذ متى ومعتز يقوم على خدمة زوجته هكذا ؟
الحاج صالح بضيق / انها مدللة جدا من قبل حملها ومن بعده فمن قبله كانت اختها هى من تخدمهاومن بعده اخيك هو من يخدمها
ايوب بضيق وعصبية / وكيف لا تنهاه عن ذلك
الحاج صالح / لا دخل لنا يا بنى فى شئونهم
ايوب بعصبية اكبر / ما معنى لا دخل لنا فى شئونهم هذا اخى ورجولته منى ورجولتى منه فكيف اسمح لرجولتى ان تصبح مداسا لامراة لا تحب الا الدلال وباعلى صوته نادى على اخيه
معتز من الداخل ارتجف وهو يسمع صوت اخيه وقد ثارفقال لصفاء / ما الذى اثار الفهد فوالله ما يثار الا على الحق ويا ويلتى ان كنت انا سبب ثورته
صفاء بضيق / وما شاننا نحن به
كرر ايوب النداء فخرج معتز بسرعة
اقترب ايوب منه وقد راى ان زوجته تخرج خلفه فقال/ منذ متى وانت تقوم بعمل النساء
فهم معتز ما الذى اثار اخيه فقال بتلعثم / منذ ان حملت
ايوب / وهل قبل ان تحمل كانت تقوم بخدمتك
صفاء تقف خلف معتز وقد سرت بجسدها قشعريرة رهبه من ثورته
معتز / كانت اختها هى من تقوم بخدمتها اولا ولكنى رفضت ذلك وتناقشت معها فى انها تخدمنى بنفسها
ايوب / اين رجولتك لتجعل زوجة اخيك هى من تخدمك واين قوامتك على زوجتك فكيف تقول انك تناقشت معها فهل الامر يحتاج الى مناقشة ؟
صمت قليلا وكانه يهدا من ثورة نفسه بينما تمنى معتز ان يصمت لانه قد استصغر نفسه امام اخيه فهو عنده كل الحق فيما يقول
بينما اكمل ايوب قائلا / اسمع يا معتز ليس من العيب ان يخدم الرجل امراته بل ويساعدها يدا بيدا فى كل شىء وليس من العجب ان رايتنى امدح هذا الرجل فهنا تكمن قوامته اذ انه قادر على القيام بعمله ومساعدتها فى اعمالها ولكن ليس معنى هذا ان تنسى امراته واجباتها الحقيقية حتى تعتقد ان الزوج هو المسئول عن خدمتها وليس العكس
وما كنت ساحادثك فى هذا بل وجدت انه من التطفل ان اتدخل فى شئونك الداخليه ولكن ما حركنى هى رجولتى والتى انت جزء منها فانا لا اعتبرك الا ابنى قبل ان تكون شقيقى الاصغر وقد وجد صدرى وضاق وانا ارى اخى الذى لم اربيه الا لان يكون رجل قوادا يتنازل عنها بكل سهولة بل واراه ممتنا بهذا
ونظرت الى زوجتك فلم اجد فيها عيب او علة تمنعها من القيام بخدمة زوجها وانا لم اطلب منك ان تجهدها بل اقول الاعمال البسيطة الخاصة بل واقلها طعاملك وغسل ملابسك وصدقنى ان رايت ان حملها يعجزها عن ذلك ما كنت تكلمت بل وكنت انا قبل من يعينها ولكنى رايتها تهتم بنفسها كامل الاهتمام ووجدتها تتدلل باكثر مما ينبغى
وكان من الاولى ان تنظر لاختك فهى فى نفس المراحل التى تمر بها زوجتك ومع ذلك تقوم كل ما يخص امور زوجها وقد كنت فى زيارتها ووجدت علي يساعدها ولكنها كانت قبله وكانت لا تقبل مساعدته الا فيما تعجز هى عنه وانا ايضا ايدتها وقلت له ما قالته هى قبلى
ظل معتز ناظرا ارضا لا يقوى على رفع عيناه فى مقابلة اخيه بينما شعرت صفاء بان زيادتها فى الدلال قد انقلبت عليها واصبحت مصدر للسخط فظهر على ملامحها الضيق ودخلت غرفتها دون ان تعلق على شىء
اقتربايوب من اخيه وامسكه من كتفيه وصمت للحظه فقد شعر بخذلان اخيه وهو لم يرد هذا فحزن على حاله ةقال بحنان اخ اكبر ارفع راسك ايها الرجل الصغير فانا لم اقصد خذلانك ولا احب هذا ولكنى دوما اريد ان اراك رجل قوى الشكيمة . اريد ان اشعر ان هناك كتف قوى جوارى يسندنى قبل ان اقع وهذا ما كنت اربيك عليه ولما وجدت العكس اردت ان ارجعك لصوابك وليس لخذلانك هكذا . ارجوك ارفع راسك
نظر له معتز وابتسم بخجل منه فاحتضنه ايوب وقال وهو يشد عليه / سابقى لك الاب الثانى مهما طال بى العمر والاب يظل يعطى نصائحه لولده مهما طال به الزمن لانه ببساطة لا يراه الا طفله الصغير وعليك انت ان تتحمل قسوتى عليك ففى قسوتى يكمن حنانى
ابتسم له معتز وقال / انا ليس فى حاجة لتبرر لى هذا ولكنى خجلت من نفسى فقد جردتنى وجعلتنى ارى نفسى امام عينى فاستصغرتها واعدك الا يتكرر هذا
..........
فى القاهرة ذهبت فى اليوم التالى الى الشركة وما ان وصل الا ودخلت خلفه ومعها ورقة استقالتها وما ان راها الا وصدم وتوتر فقام على الفور من خلف مكتبه ووقف امامها وقال / لما تريدين الابتعاد عنى وقد سرت اسيرك ؟ لما تودين قتل قلبى فانا ميت بدونك
كانت كلماته تجرحها لا تفرحها فاين كانت كلماته تلك من ليلى الحقيقة فهى لم ترى مثل لهفته تلك من قبل وهى الاحق بها الان هو يعترف انه اسيرها وان دقق النظر لعلم انها هى من كانت اسيرته ولكنه كان اعمى
لم تقوى على كلامه وجادهدت الا تسقط دموعها من جرح كلماته وقالت بكذب / انا ايضا هويتك ولكن ما العمل فانت لك زوجتك وانا لابد لى ان ابحث عن احد يحبنى ويتزوجنى ولن اظل تحت ظل رجل يعشقنى فى الخفاء فقط
طارق بكل قوة فى الكلام / ومن قال انى اعشقك فى الظلام فقط او انى وددت هذا بل انا انتظرت لاتحقق من شعورى نحوك وها انا عندما تاكدت فانا الان اعترف بانى اريد الزواج منكى
لم تستطع كبح دموعها اكثر من ذلك فاى عذاب هذا فزوجها يطلب يدها للزواج وكيف وهو من الاساس مالكها
اعتقد هو ان دموعها دموع فرحة ولكنه كان اعمى فان دقق النظر فيها لراى انها دموع قهر وذل فما يصعب على المراة الا ان ترى العشق فى عين زوجها لاخرى حتى وان كانت هى ذاتها فهى تقبل ان يكون بينها وبين حبيبها مئات الاميال مادامت هى الوحيدة فى قلبه ولا تقبل ان يكون بينه وبينها انثى حتى وان بات فى حضنها
اخذت تتخيل شريط حياتها منذ ان عشقته فى صمت حتى الان يمر امام عينيها فقد رات انها كانت تعيش فى وهم اسمه احلام وامنيات ولكنها الان لا تريد تلك الاحلام حيث عاشت ما كانت تريده واقع واكتشفت ان الانسان لا يستطيع ان يعيش فى الاحلام كثيرا فقد يسامها ان طالت ولم تتحول لحقيقة وقد يسامها ايضا ان تحولت لحقيقة ولكن مريرة اذن فالاحلام لا تصح الا لبضعة ايام وان طالت تحولت لكوابيس ويرى الانسان نفسه بعد ان كان يود ان يعيش فيها طوال حياته يهرب منها ومن تنغيصاتها لانه ببساطة يكتشف ان احلامه تلك ان تحققت لواقع لاصبح واقع اليم كما عاشته هى وهنا اكتشفت انها قد نضجت ولم تعد تريد ان تعيش فى الاحلام او حتى فى ذكراها
قالت بصوت متحشرج وماذا عن زوجتك
أنت تقرأ
قلب اخضر....للكاتبة رباب عبد الصمد
Romanceقلب اخضر....للكاتبة رباب عبد الصمد جميع الحقوق محفوظة للكاتبة.... كثيرا ما نفتتن بشخص ونتوهم ان الحياة والسعادة كلها بين يديه وان اسعفنا الحظ واقتربنا منه لوجدنا ان الجحيم كل الجحيم هو ما كان بين يديه وان ما ظنناه سعادة كان وهما مغلفا بشكل جميل ول...