البارت الثامن والعشرون
كانت فريدة قد اتت على اثر صوت اخيها العالى وما ان وجدته هكذا مصوب فتحة بندقية والد ليلى فى صدره الا وشهقت بصرخة ضعيفة فقد خافت ان يتهور الحاج نعمان
ساد الصمت لبرهه فمد ايوب يده وسحب البندقيه وفتح خزانتها والقى ما بها من رصاص حى على الارض وقال : عليك ان تعبا قلبك بالحنان قبل ان تعبا بندقيتك بالرصاص
جلس الحاج نعمان بوهن على اقرب كرسى وقد اغرورقت عيونه بالدموع وقال : اعرف ان ابنتى طاهرة ولكنى اردت ان اخمد نار تلك الاشاعة حتى ولو بقتلها قبل ان تنتشر فى البلدة فتشتعل نار الثار من جديد فكنت افكر فى ان اضحى بابنتى بدلا من ان اضحى بقرية كاملة
اقترب علي بهدوء وقال بنبرات تحمل الرجاء : اهدا يا والدى فلن تشيع الشائعة ولن تشتعل نار الثار فها هى عائلة الحاج صالح فى دارنا وكبيرها بين يديك يؤكد لك ان مايدور فى عقلم مجرد اوهام
الحاج نعمان بكسرة اب موجوع فى عرضه : ليتك تشعر بالخناجر التى تمزق نياط قلبى وانا اسمع على ابتى هكذا والادهى انها هربت واختفت
ايوب وقد عاد لهدوءه : ابنتك بكل خير يا رجل وستعود قريبا ومعها براءتها وان كانت من الاساس ليست فى حاجة لاثباتها ولكنها خلقت عنيدة مثلك
تعجب الحاج نعمان من ثقة ايوب ولكنه كتم وشعر ان
الخيط الذى سيوصله لابنته يبدا من عنده
كل هذا وليلى ترقد فى سريرها شاردة الذهن تداعب شعر ريحانة التى بدورها تلعب بدميتها الصغيرة جوارها
كانت تتذكر وكلها اشتياق إليه يحرق صدرها وتذكرت لحظة الفراق وقارنتها بلحظة اول لقاء فتعجبت لاقدارها ودمعت عيناها وهى تتذكر عينيه التى كادت تبكى وهو يودعهاقالوا حبيبك خلف البحر منفاه
قلت الحبيب هنا فى الصدر سكناه
عيناى تبصره فى دار غربته
كذاك تبصرنى فى البعد عيناه
يوم الوداع بكى جمرا على كتفى
وقد تمكن من كفى كفاه
نادر الدمع والانفاس ساخنة
ورشة العشق تغشانى وتغشاه
ذكراه تسكن فى روحى وفى كبدى
ولن تغيب اذا ما غاب ذكراه علي وهو ينظر لايوب نظرة ذات معنى فهمها ايوب
بسرعة : كم افرحنى عودة زوجتى الى بيتها يا ايوب ولكن ليست من شيمتى ان اخذها لتنام بين احضانى وانعم بدفاها ووالدتها تتجرع المرض وانا الان الذى اطلب منك ان تاخذها معك حتى تطيب والدتك
تعجبت فريدة وكادت ان تنطق بانها لا تود الرجوع لبيت ابيها ثم ان والدتها فى احسن حال ولكنها صمتت اذا انها تعجبت من رد اخيها الذى قال بكل ود وترحاب : هذا كرم زائد منك يا على وانا نفسى كنت اود ان اطلب هذا ولكنك سبقتنى بكرمك
كانت فريدة تشتعل غيظا فهى لا تفهم شىء ولا تود الرجوع ولكن ان تكلم اخاها لا يجوز لها ان ترد كلامه
علي بابتسامة عذبة ليطمئن زوجته قال : اذهبى لغرفتك جهزى حقيبة ابنتك وخذيها معكى
استاذن الحاج نعمان الذى شعر ان هناك فى الامر شىء وقال مودعا لايوب : لبيت بيتك يا ابن العزيز والغالى واستاذنك فقد ضعف جسدى وارهقنى
رد ايوب التحية بوقار فتركهم وما ان اصبح ايوب وعلي بمفردهم حتى شعر علي بلهفته فى السؤال عليها فاقترب منه وقال : هى فى احسن حال
ايوب بلهفه عاشق : هل رايتها ؟ وكيف عرفت مكانها ؟ وكيف حالها بالله عليك طمنى
ابتسم ايوب وقال : لا يهم كيف عرفت مكانها الان والاهم انها اكثر منك اشتياقا لك وقد عرفت منها كل شىء حدث
خفق قلب ايوب وقال : صدقنى يا على ما كنت اعرف انها كانت زوجى لاخى اقسم لك
ابتسم علي وقال : لا عليك من القسم فانا علمت كل شىء
ايوب بلهفة : كيف حالها
علي : اشتاقت لقطرات دمك التى تحيها والان هى قد فقد الحياة
ايوب بالم : انا كلى لها فهيا بنا
فى تلك اللحظة اتت فريدة ومعها ابنتها وحقيبتها ولكنها لم تنظر لعلي واقتربت من اخيها وركنت جامنبة ونظرت ارضا وهى تمسح دموعها مما جعل ايوب يطلق ضحكة عالية من اعذب ضحكاته وقال : اه من لوعه الغرام ايتها الشقية وضربها بخفة على راسها ثم نظر لعلى الذى كان واقفا امامهم مبيتسما على حالها واستاذن وقال : سانتظركم فى الخارج ثم نظر لاخته بنصف عين وقال مشاكسا لها . لا تتاخران على كثيرا واعلموا ان الاب يغار على ابنته حتى من زوجها وانا لا اضمن نفسى ان غبتما على ماذا سافعل ثم مد يده واخذ منها ابنتها وقال مناغشا . اريدها ان تلهينى عن غيابكما حتى لا اتهور واعود بسرعه
ضحك علي وخرج ايوب وظلت فريدة تنقل ببصرها بين اخيها وزوجها ولا تفهم شيئا
ما ان خرج ايوب الا واقترب على من فريده بهدوء ضمها الى صدره وقبل جبينها فبكت هى بشهقة وتشبثت فى صدره فكنها اخيرا وجدت ضالتها
شد عليا واسند براسه على راسها واخذ يتنهد الما لهذا الفراق فقال لها هامسا : الان فقط ردت الى روحى
تشبثت فيه اكثر وبكت اكثر فضمها اكثر حتى كاد يعتصرها من كثرة شوقه
أنت تقرأ
قلب اخضر....للكاتبة رباب عبد الصمد
Romanceقلب اخضر....للكاتبة رباب عبد الصمد جميع الحقوق محفوظة للكاتبة.... كثيرا ما نفتتن بشخص ونتوهم ان الحياة والسعادة كلها بين يديه وان اسعفنا الحظ واقتربنا منه لوجدنا ان الجحيم كل الجحيم هو ما كان بين يديه وان ما ظنناه سعادة كان وهما مغلفا بشكل جميل ول...