البارت السادس
فى الصعيد
علي لفريدة / الم ترد ليلى على رسالتى بحاجتنا لافراد عمل
فريدة / لا انها لم تشاهد الرسالة من الاساس
علي / ولكنى حاولت الاتصال بها وهاتفها مغلق وكنت اود ان اطمان عليها ايضا
فريدة / لا داعى للقلق فهى مستقرة مع طارق
علي بلهفة / هل حادثتيها ؟
فريدة / لا فلم يحالفنى الحظ فقد هاتفت طارق اخى وقال لى انه توا ما عاد الى منزله ووجدها نائمة وقال ان كنت اريدها كان سيوقظها ولكنى رفضت وقلت له لا فربما ارهقت نفسها فى تنظيف المنزل ولكنى استشعرت سعادته وعلمت انهم فى احسن حال فلم ارد ان اكون عزول
تنفس علي الصعداء وقال / الحمد لله لقد اطمان قلبى عليها الان
.......
مر الوقت طويلا على ليلى وهى حبيسة الغرفة ولم يعود ايوب بعد فبدات تتحرك ببطء وارتدت ملابسها وخرجت واخذت تتمشى وهى تتامل الركاب تارة وتتامل البحر تارة حتى لمحت من بعيد السيدة ايزابيل وهى بصحبة السيد البيرت ويبدوا انهم قد انسجموا معا فتوجهت ناحيتهم وهى فى طريقها التقت بحمزة فاستقبلها بابتسامته الجذابة
ابتسمت هى ايضا له مما شجعه ان يسالها عن حالها ؟
ليلى / الحمد لله فى احسن حال
حمزة وهو يشير لها على الجلوس بجوار سور السفينه / ما رايك فى ان ناخذ قسطا من اشعة الشمس الدافئة فى هذا الركن الهادىء
اومات براسها موافقة ومشت معه
حمزة / مالى اراكى دوما حزينة ؟
ليلى بتلعثم / لما اخذت هذا الطابع عنى كل ما فى الموضوع اننى لا أأتلف على الاخرين بسرعة
حمزة / انا ايضا مثلك ولكنى أأتلف الوجوه الصافية
توترت من كلمته ونظرت امامها للمياة
حمزة محاولا التغلغل بداخلها / ما رايك ان نعقد معا جلسة صراحة
انتبهت لكلمته ونظرت له وقالت / ماذا تعنى بكلمة جلسة الصراحة ؟
حمزة / معظمنا هنا على سطح تلك السفينة وبداخلنا سبب للجوء لتلك الرحلة عكس ما نعترف به كما ان الكثير منا ايضا يصعد على تلك السفينه باسم مستعار وبشخصية مستعارة مخالفة لتلك المدونه فى بطاقة جواز سفره
ليلى / وهل انت ممن تخبىء سبب وجودك الحقيقى وشخصيتك فى مثل تلك الرحلة ؟
حمزة / نعم
تعجبت ليلى من صراحته مما جعلها تعاود سؤاله / ولما اذن تخبئه فكل فرد هنا لا يعرف الاخر ولا داعى لكى تخفى سرا او تخفى حقيقتك
حمزة / هذا حقا ولكنى لم اود ن اتحدث عما بداخلى لاننى اردت ان انساه ولكنى عندما رايتك ورايت فيكى ملامح البنت العربية حتى قبل ان تعرفى لنا نفسك شعرت بحنين لان اتكلم معكى لافضفض عما بداخلى
ليلى / كلى اذان صاغية لك
حمزة / ليس قبل ان نتفق على جلسة الصراحة حتى تكون الصراحة متبادلة بيننا والا فما داعى لها من الاساس
صمتت ليلى للحظة وترددت واخيرا استجمعت قواها واعلنت الموافقة
اتسعت ابتسامة حمزة ثم قال / اذن فسابدا انا
حمزة / اسمى حمزة الالفى سورى الجنسية ودكتور جامعى فى كلية الاداب قسم التاريخ الاسلامى وكاتب سياسى ومناضل ومجاهد بقلمى وصوتى ضد اى انسان يحاول ان يسلب منا حريتنا او يطمس ابتسامتنا ولى مؤلفاتى الكثيرة فى هذا الصدد مما جعلنى مطلوب سياسيا من الحكومة السورية وكذلك من الجيش السورى المضاد
ليلى بتعجب / مطلوب من كلاهما ؟ كيف هذا ؟ ولماذا ؟
حمزة / لانى هاجمت جيش بلادى وكذلك الجيش المضاد لهم لانى رايت ان كلاهما شعب واحد وعرق واحد وكان لزاما عليهم قبل ان يحاولوا تقسيم السلطة بينهم كان من الاولى التكاتف لمواجه من حاول تفتيتنا من الداخل
ليلى / اذنانت لم يعجبك نهج ايا منهم
حمزة باسف / بالطبع فكيف يعجبنى صراع شقيقين فى منزل واحد على تقسيم غرفهم مثلا اليس من الواجب ان نتكاتف لنحارب من اوقعوا بيننا اولا ؟
ليلى /عندك الف حق
حمزة / وكان نتيجة هذا الصراع موت من احببتها طيلة حياتى ثمنا لغدرهم فهى كانت تسير فى الشارع ولا تعرف من هو من افراد جيش بلادها او من هو من افراد الجيش المقابل ولا تعرف علام يقتتلان فاصيبت برصاصة قاتلة اودت بحياتها وانا من دفعت ثمن حرمانى منها بان هاجمتهم هجوما عنيفا فى كل مؤلفاتى حتى صار بى الامر ان لجات الى البلاد الاجنبية لجوءا سياسيا
ليلى / الى هذا الحد ضاقت بك الدنيا
حمزة / واكثر مما تتخيلين فهل جربتى ان تعيشين بدون اهلك اوصدقاءك واخوتك وتلامذتك وتجبرى ان تعيشى بين غرباء وكانك قد انخلعتى من جلدك لتعيشى بجلد مزيف بين اناس مزيفين لا ينتمون اليك فى شىء لا فى دين اولغة اوعرق وتجدى نفسك مجبرة على التعامل معهم وقد تشعرين انهم السبب فما الت اليه بلادك ولكنك مضطرة حتى تجدين نفسك فى النهاية مضطرة على كل شىء وفى كل شىء
هل جربتى ان ياتيك حنين لرؤيا اشقاءك وان ترتمى فى احضانهم لتشعرى بين ايديهم بالامان هلى شعرتى قبل ذلك بالحنين لان تشتمى رائحتهم حتى تستكين انفاسك ومع ذلك تجبرى على تخيلك لهم وعما يفعلون وكانهم كانوا اناس فى الماضى وانتهوا
تذكرت هى حنينها الى احضان شقيقها علي فان كان موجود معه الان لما شعرت بتلك الغربة الموحشة فدمعت عيناها مما جعل حمزة يشعر انه لمس عندها وتر الحزن الدفين بداخلها فاشفق عليها فقد شعر بالذنب لانه هو من فجر هذا الحنين
فحاول ان يغير من مسحة الحزن التى تركها على ملامحها وليساعد هو نفسه ايضا على النسيان فقال مناغشا لها / ومع ذلك ترينى اضحك والعب واعزف على العود واغنى ايضا واكتب شعرا
نظرت له وابتسمت وقالت / هل حقا انك تعزف على العود ؟
حمزة / لا امزح هههه بالطبع انا ماهر فى العزف عليه وساسمعك معزوفة من الحان فريد ملك العود
كادت ان تكمل كلامها ولكنها شعرت بدوار البحر اول ما ركزت على حركت المياة وانتابها الشعور بالدوخة مما جعل ملامح وجهها يكسوها الشحوب
حمزة / ماذا اصابك
ليلى / اصبت بدوار البحر واشعر بحاجتى للتقيوء
حمزة / لا تنظرى الى المياه بتركيز وحاولى ان تشغلى عقلك باى شىء
ليلى اخذت تقاوم وتمسك بطنها ولما اخذ التعب منها مداه قررت ان تعود لغرفتها وما ان بدات تقوم من مكانها حتى قال لها حمزة / هل لى ان اساعدك
ليلى / اشكرك
حمزة / اذن سانتظرك لنكمل جلسة صراحتنا
ليلى / بالطبع ولكن فيما بعد فانا اشعر بانى بحاجة الى الاسترخاء على السرير وهمت ان تتحرك فوجدت ايوب يمد يده اليها يسندها
نظرت له وقد انتابها شعور بالراحة انه اصبح جوارها
ايوب وهو يسندها / لقد اخذ الاعتذار منى مداه
ليلى / لا تعتذر فيكفينى انى اجدك جوارى وقت احتياجى لك
ايوب باستغراب / اكنتى فى حاجة الى ؟
ليلى وهى تتحرك جواره بتثاقل / نعم فقد اصبحت افتقد الشعور باى امان مادمت ليس بجوارى
كان قد وصلا الى الغرة ففتحها وهو يقول / هذا ما اشعر به انا ايضا فقد اصبحت اشعر انى لى بنتا اخاف عليها ومسئول عنها
لم يكمل عبارته اذ تركته على عجل واندفعت نحو الحمام ولكنه اندفع خلفها ووقف معها ولم يتركها واخذ يرفعها حتى لا تزيد من تقيؤها واخذ ينهاها وكان صوته حقا مملوء بالقلق والخوف عليها
ما ان انتهت الا اخذ يمسح على وجهها بالماء ولكن وجهها ازداد شحوبا وقالت له بصوت ضعيف ارجوك اوصلنى الى السرير بسرعة
لم ينتظرها لتكمل عبارتها فحملها للسرير ودثرها فلاحظت هى توتره عليها فحاولت تهداته فقالت / لا تقلق ساهدا حالا
اخذ يتحسس جبينها ونظر الى يدها فوجدها ترتجف فبسرعة نادى عبر اللاسلكى الذى يحمله على طبيب السفينة الذى لم يغيب سوى دقيقتين
انتهى الطبيب من الكشف عليها وقال لايوب / انها فى حاجة كما قلت لك الى غذاء ولكن عليك ان تعطيها وجباتها متقطعة على شكل وجبات صغيرة حتى تستوعبها معدتها
ايوب / سانفذ كل ما تقول واظن ان اليوم هو ميعاد نقل الدم اليها اليس كذلك ؟
اوما الطبيب بنعم بينما قالت هى باستحياء / لا ارجوك فقد ارهق بسببى المرة السابقة ثم انه يغمس نفسع فى عمله غمسا واظنه لا يعوض ما يعطينى اياه فهو ايضا لا يتغذى
لاحظ الطبيب انها هى ايضا خائفة عليه فابتسم لهما وقال انتم وشانكما ولكن ان لم يتبرع هو لكى فلا بد ان يتبرع لكى غيره فانتى فى حاجة ضروريه اله
ايوب لم يستمع الى الحوار الدائر بينهم وكان الموضوع لا يخصه وبدا برفع اكمام حلته الرسمية واعطى ذراعه للطبيب واعلن انه جاهز
ابتسم الطبيب لليلى وقال / لا احد يجروء ان يجادل الفهد فى رايه والا لا استبعد ان يلقينى فى مياة المحيط للقرش دون اى شعور بالذنب
مرت الوقت سريعا وانتهى من التبرع لها ولكنها وجدته طيلة الوقت شاردا فترددت ان تساله ولكنها شجعت من نفسها وسالته / ما لى اراك شاردا هكذا
انتبه اليها ولاحظ انها بدات تعتدل فى جلستها فاعانها وهو لا يزال صامتا لا يجيبها
وجدته تحرك مبتعدا بدا يصنع له فنجانا من القهوة ثم تركها وخرج الى الشرفة ومعه فنجانه ووقف ساكنا
تركته قليلا يقف مع نفسه ثم تحركت نحوه ووقفت خلفه فوجدته لازال شاردا فتنحنحت فوجدته انتبه اليها على الفور وقال لها بلهفة / لما قمتى من فراشك انتى لازلتى مرهقة
لهفته وخوفه عليها كانوا واضحين فى نبرات صوتهوهذا اسعدها كثيرا ولكنها لم تبين ذلك واقتربت منه فوجدته يسحب كرسى لها واجلسها برفق وابتسم لها وقال / كيف حال ابنى ؟
ارتعدت اوصالها وتوترت فور سماعها لتلك الكلمة ولم تعرف بما تجيبه
اتسعت هو ابتسامته وقال لها / هل تدرين اننى اشتركت معك فى تغذيته فصار منى انا ايضا فان كنتى انتى تغذينه بطعامك وانفاسك فانا اغذيه بدمى
ابتسمت له وقد فهمت معنى كلمته وقالت بهدوء / عندك حق ولهذا اعجز انا وابنك عن شكرك فقد عوضتنى عن حنان اخى علي فانا اراه فيك
نظر لها وابتسم ولم يعلق ولكنه اخذ نفس عميق وهو ينظر الى السماء واقترب من سر الشرفة واسند عليه بمرفقيه حتى اصبح موليا لها ظهره وعاد لشروده مرة اخرى
ليلى بكل هدوء / اراك مشغول البال هذا المساء فهل حدث شىء ؟
نظر لها وظل صامتا لبرهه وهو على نفس وضعه ثم قال / كيف يكون حالك ان كنتى تعملين بكل طاقتك حتى انكى تحاملتى على نفسك وقمتى بعمل من حولك لتريحيه واكتشفتى فى النهاية انك اخطاتى اكبر خطا اذ انكى جعلتيهم يعتمدون عليكى فى كل شىء ولكنكى فجاة صدمتى بانهم لم يعودوا قادرين على القيام بعملهم لانهم نسوه او لانهم لا يقومون به بنفس الكفاءة كما كنتى انتى تقومين بها فماذا سيكون رد فعلك اتلومينهم ام تلومين نفسك ؟
لم ترد عليه بسرعة ولكنها اجابت باجابة اخرى فقالت له نفس الاقتراح الذى اقتره عليها حمزة فقالت / ما رايك فى جلسة صراحة ؟
نظر لها من جانبى كتفه وقال / ماذا ؟ جلسة صراحة ؟ اعتقد انى حكيت لكى عن نفسى قبل ان تطلبى منى تلك الصراحة
قالت هى بتصميم / انت حكيت ما اردت ان تحكيه لانسانه غريبة ولكن ما اريده الان منك ان تحكى لى عما كان خلف ما حكيته واعتقد انى اصبحت قريبة لتستطيع ان تميز ان كنت على قدر من الثقة ام لا
اعتدل فى وقفته فاصبح مقابلا لها وابتسم وقال بالطبع اصبحت اميز ثقتى فيكى فدمى اصبح يختلط بدمك واصبح ما فى احشاءك ابنى وانتى ايضا ابنتى فهل لى بعد ذلك الا اثق فيكى ؟
ابتسمت خجلا منه وقالت / اذن اخرج ما يؤرقك واشركنى معك فيه
اقترب منها وجلس الى جوارها واتشف من فنجانه وصمت لبرهة ثم بدا يسترسل فى الكلام قائلا / اتعرفين ماذا تعنى حياة البحر ؟ هى حياة جميلة ولكن هذا ما يكون فى بدايتها فتجدين نفسك تنجذبين اليها والى هدؤها حتى تجدين نفسك قد ادمنتيها
اندهشت وقالت / ادمنتها ؟
نظر لها وقال / نعم ادمنتيها ولا تستصيغين الحياة على اليابسة فقد اصبح كامل جسدك متاقلم مع تلك الحياة فاصبحت حواسك منسجمه معها فعينك مثلا لا تطيق ان تنظر الى اليابسة والى زحامها بعدما تاقلمت على اللون الازرق والهدوء الصاخب واصبحت اذنيكى لا تستصيغ الاصوات الا صوت الامواج حتى جلد جسدك اصبح مدمنا ملوحة المياة فتجدى نفسك اصبحتى كما الاسماك لا تالفى الا البحر
حتى عقلك لا يستصيغ الا فى التفكير فى المخاطر التى قد تواجهينها بين اللحظة والاخرى ولا يستصيغ حياة السكينة والرتابة التى يجدها على اليابسة
ولهذا معظم البحارة لا يتزوجون فقد عشقوا الوحدة ولا ينجحون فى الزواج اذ انهم لم يستصيغوا ان هناك من تشاركهم الحياه كما ان احساسهم بالخطر دوما لا يشجعهم على الاقبال على الزواج حتى لا يتركون خلفهم زوجة مترملة واطفال يتشردون وحتى ان لم يمت فهو لا يستطيع ان يعطيهم الحنان والدفء الذين يحتاجون اليه لانه هو نفسه يصبح فى حاجة اليه كما ان زوجاتهم انفسهن قد لايحتملن تلك الحياة التى لا يرين فيها شريك حياتهن الا بضعة ايام كل عدة شهور ولهن عذرهن فى ذلك فالانثى بطبعها انسان ضعيف وتحتاج الى الرجل لتستند عليه ولكنها فى تلك الحالة تجد نفسها مجبرة على ان تقوم بواجباتها وواجباته معا فتجد فى النهاية انها اثقلت نفسها بما لا تطيقه ثم انها فى حاجة الى العطف والحنان فمن اين ستاخذهم ان لم تاخذهم من شريك حياتها
وهنا تفقد الحياة الزوجية معناها وهو المشاركة فاين الزوج البحار من تلك المشاركة اذن
اخذت تنظر اليه وتركز فى كل حرف يقوله ووجدت نفسها تنظر له بعين الشفقة فهى كانت تعتقد انه سعيد كل السعادة بمرتبته تلك ولكنها صدمت عندما راته وامثاله من اتعس الناس فحقا ما اتعس من يعيش وحيدا
بينما تابع هو وقال / كنت فى بداية حياتى فخورا جدا بكونى مساعد ربان وكنت اتدرب على يد ربان كبير مخضرم من المكسيك وجلست معه ذات مرة انا وجميع المساعدين ووجدته يقرا بعض الرسائل التى تم ارسالها له وقد تجهم وجهه وعندها انفتح باب المناقشة فى حياة الربان الخاصة وهو كان غير متزوج وكان قد مر على حياته البحرية كربان اكثر من 35 عاما فكان يحثنا على عدم الانجراف فى تلك الحياة وان نستقيل منها مبكرا ولما لانى كنت شاب انفعل بحماس الشباب ناقشته وجادلتله فى ان حياتنا البحرية لا تتعارض ابدا مع حياتنا على اليابسة ومن ثم من السهل علينا ان نتزوج ونعيش حياة طبيعية ولكنه نظر لى مليا نظرة حفرت فى عقلى ولا انساها ابدا وقال لى انت بالاخص تشبهنى تماما ولهذا انت اولى الناس بنصيحتى
يومها تعجبت وسالته لماذا فاجابنى اجابة افجعتنى
ليلى بتركيز / ماذا قال لك ؟
ايوب / قال لى انه يشعر بان حياته قد اوشكت على الانتهاء واننا قريبا سنلقيه فى البحر فيصير طعاما للقروش ولا يدرى به احدا فحتى فى موته لن يشعر به احد
ليلى وقد اقشعر بدنها سالت فى خوف واضطراب / وهل كل من يموت على ظهر السفينه تلقون به فى قاع البحر
نظر لها ايوب وقد استشعر انه اخافها فقال مهدئا لها / هذه اتفاقات دولية للدول الغير مسلمة وحتى فى شريعتنا ففيها اراء
ليلى وقد بدات تنهار من الخوف / وهل فى شريعتنا ما يقر اننا نلقى فى البحر
ايوب / نعم فى اراء جميع الائمة انه ينظر للميت ان كان اقرب منه لليابسة ولن يضار جسده من البقاء لبضعة ايام فعلينا تكفينه والانتظار لدفنه فى ارضه اما ان كان بعيدا عن اليابسة وقد يضار جسده فلابد من الاقدام على ذلك
مع التطور اوجدوا ثلاجات الموتى ولكن حتى هذه لها مواعيد لا يجب علينا ان نتعداها اى اننا اذا وجدنا ان وضع الميت فى الثلاجة قد يطول حتى نصل الى بلده فاما ان ندفنه فى اى ارض يابسة قريبة او يكون مصيره كالسابق
ليلى لم تستوعب ما سمعته اذنيها وجحظت عيناها وبدات تتوتر وبتلقائية وضعت يدها على بطنها وبدات دموعها تنزل فى صمت فلاحظ هو ذلك فصمت للحظة ولكنه وجد ان ارتعادة جسدها فى ازدياد فاقترب منها وقد تاثر بحالتها وندم انه قص عليها اسرار مهنته فتلك الحالات لا يجب ان يعرف بها الركاب حتى لا يتاثرون فجثى امامها وامسك كفها المرتعش واخذ يفرك فيه لعله يبعث فيها الدفء والاطمئنان ولكنه وجدها على نفس حالها صامته لا تتحرك فهزها لتستجيب له فنظرت له وهى لا تزال شاردة وقالت بدموع / هل تعتقد ان مصيرى سيكون طعام للقروش
أنت تقرأ
قلب اخضر....للكاتبة رباب عبد الصمد
Romantikقلب اخضر....للكاتبة رباب عبد الصمد جميع الحقوق محفوظة للكاتبة.... كثيرا ما نفتتن بشخص ونتوهم ان الحياة والسعادة كلها بين يديه وان اسعفنا الحظ واقتربنا منه لوجدنا ان الجحيم كل الجحيم هو ما كان بين يديه وان ما ظنناه سعادة كان وهما مغلفا بشكل جميل ول...