البارت الرابع عشر
اخيرا وصل الى القاهرة وما وصل الا ووجد نفسه يتلقى مكالمة من فتاه عش ظلها كثيرا فحقا كانت تشع منها الانوثة الطاغية وقالت له مرضية غروره / اين انت يا طاووس النساء لقد اشتقت لاحضانك وللمساتك التى تجعلنى اتململ على جمر
طارق وقد اتسعت ابتسامته وقال مرضيا لنفسه / اين تلك التى تسمى زوجتى من تلك الكلمات العاشقة التى تذيبنى
بينما عادت ليلى لحزنها ولما قل عليها عبء العمل فى البيت والذى كان يشغلها كثيرا عن تذكر طارق فاصبحت تتذكره دوما ويتلهف قلبها للقاءه
اخيرا استطاع الحاج صالح ان يتواصل مع ابنه ايوب وبعد ان تحدث معه عن حاله واطمان عليه ساله فى لهفة / الم يحن الوقت لتعود يا بنى لوطنك وتستقر فيه
ايوب / ولانه لا يقل عن ابيه ذكاءاً فقد علم ان هناك شىء عجز والده عن علاجه فساله بتركيز / ماذا حدث يا حاج صالح ؟
الحاج صالح مبتسما على حال ابنه فقد استشعر ما به رغم انه لم يراه امامه فقال / لم اخطىء يوما ان رايت فيك نفسى ورايت انك تفوقنى ذكاءً وكثيرا ما اشعر انى اتكلم مع مرآتى او انك توامى وليس ابنى
ضحك ايوب مناغشا له وقال / اتود ان تتصابى ايها العجوز لتتصور نفسك توام لى ام انت ترانى صرت كهلا أي الوصفين يروق لك
ابتسم الحاج صالح وقال / بل انا من صرت شابا يا ايها الكهل
ثم اخذ نفس عميق قبل ان يسرد له ما حدث وما هى الا دقائق وقد انتهى من قص كل شىء على ابنه ولكنه لم يرى منه اى رد سريع فصمت هو الاخر ولم يطالبه بالرد لانه يعرف انه الان يقلب الامور براسه ليخرج براى موافق او مخالف لراى ابيه ولكنه سرعان ما ارتاح صدره اذ سمع من ابنه ما اراح صدره فقد وافقه على كلامه
ايوب مكملا كلامه / اما من حيث ان ياتى طارق لعندك فلا فهو لن يستسيغ ابدا العيش هناك ثم انه متمردا ولا يحب ان يجبر على شىء وان استجاب لك فسرعان ما يهرب منك مرة اخرى فما نتيجة الاجبارالا الفرار وان هرب لن نستطيع اجباره على قبوله اياها ولا تنسى انه من البداية مكره على تللك الزيجة والاكراه دوما ما كان مكروه
صمت لبرهه وقال بضيق / وجب علينا ايضا ان نؤكد لانفسنا ان طارق رجل خبير بالنساء يشبع منهن فيزهد فيهن ولا يتهالك عليهن هذا كله فى حالة انه مخير فما بالك ان اجبر وبالنسبة لزوجته تلك فقد اخذ منها رونقها لانها كانت بمثابة شىء جديد غريب وما ان لمسه الا وانطفا بين يديه ولكن يسظل لامع بين الحين والاخر ولهذا هو مذبذب الراى فى قبوله اياها فى حيرة لا تدع للذهن ان يتجه خطوة الى اليمين حتى يرجع فيتجه خطوة الى اليسار ثم يتبلد حائرا فى موقفه لا الى هنا ولا الى هناك
اخذ نفس عميق اتبعه بتنهيدة حارة واستطرد قائلا / وكما فهمت منك فى انها تحاول ان تسترضيه ولكن بصمت وعدم مغالاه فهذا لانها على علم وثقه بخبرته فى امثالها ولهذا هى لم تبذل اى حيل مصطنعه لاسترضاءه لانها على علم ان مثل هذه الحيل لا يخيل عليه فقد راى مثل تلك الحيل ممن قبلها ولان المراة عموما ان شعرت بفتور من رجلها خاصه ذلك الذى مثل طارق لامت نفسها فى جمالها ولن تلومه ابدا فى ذوقه هو وانا على يقين الان انها حزينه من نفسها وقد قلت ثقتها بنفسها
وقد ولد هذا الفتور منه فتور ايضا منها فاصبح كلاهما متوتران فلا هما هانئان بوئام ولا هما قادران على خصام ولكن كلاهما يصرخ من حيرته
هو حائر لانه لا يعرف هل يرضى بها ام يرفضها وهى حائرة هل العيب فيها فتسترضيه ام ان العيب فيه فيجب عليها صون كرامتها
رد الحاج صالح بقلق من تحليل ايوب فقد وجد فعلا انها معضلة ليست بالحل السهل فقال / وما الحل اذاً ؟
ايوب / الحل الامثل لطارق ترويضه عن طريق محاربته بنفس السلاح
الحاج صالح / كيف يا بنى
ايوب سافكر فى ذلك ولكن الاهم الان ان تراعى تلك المسكينه لانك انت الان المسئول عنها ولا تترك لتلك المغرورة اختها ان تنال منها اكثر من ذلك وانا من رايى ان تتركها تذهب لبيت اهلها لتراهم لعلها تغير من جو الحزن التى تعيش فيه وتعود لبيتك باشراقة جديدة ففريدة كما نعلم صديقتها وقد يتسليان معا فتنسى جفاء طارق معها
اما عن معتز فلا تخف عليه فهو رجل جسور وسيستطيع ان يروض تلك المتعجرفه
الحاج صالح / اعلم ذلك ولكنى وددت ان اشد عليه حتى اشعل فيه رجولته التى قد ينساها وسط عشقه لها فهى حقا ذكية وتعلم كيف تسلب لبه ونحن اولاد ادم نصير اطفال مهما كبرنا وبالاخص امام زوجاتنا وشهواتنا
.......
ما ان انهى الحاج صالح كلامه مع ابنه الا ودعى ليلى وطرح عليها فكرة ان تزور عائلتها وتمكث عندهم فترة بسيطة لعلها تجدد نشاطها وتشتغل فرصة عدم وجود زوجها لتاخذ راحتها
استساغت ليلى الفكرة فقد كانت فى اشد الحاجة للحديث مع اخاها فهو الوحيد الذى ينصت لها كثيرا ويشعر بما تشعر به حتى وان لم تتكلم
باتت ليلتها حزينه تفكر فى زوجها الذى لم يتصل بها حتى الان وان اتصلت هى لا يجيبها
أنت تقرأ
قلب اخضر....للكاتبة رباب عبد الصمد
Romanceقلب اخضر....للكاتبة رباب عبد الصمد جميع الحقوق محفوظة للكاتبة.... كثيرا ما نفتتن بشخص ونتوهم ان الحياة والسعادة كلها بين يديه وان اسعفنا الحظ واقتربنا منه لوجدنا ان الجحيم كل الجحيم هو ما كان بين يديه وان ما ظنناه سعادة كان وهما مغلفا بشكل جميل ول...