البارت السابع

11.3K 295 4
                                    

  البارت السابع

 ليلى لم تستوعب ما سمعته اذنيها وجحظت عيناها وبدات تتوتر وبتلقائية وضعت يدها على بطنها وبدات دموعها تنزل فى صمت فلاحظ هو ذلك فصمت للحظة ولكنه وجد ان ارتعادة جسدها فى ازدياد فاقترب منها وقد تاثر بحالتها وندم انه قص عليها اسرار مهنته فتلك الحالات لا يجب ان يعرف بها الركاب حتى لا يتاثرون فجثى امامها وامسك كفها المرتعش واخذ يفرك فيه لعله يبعث فيها الدفء والاطمئنان ولكنه وجدها على نفس حالها صامته لا تتحرك فهزها لتستجيب له فنظرت له وهى لا تزال شاردة وقالت بدموع / هل تعتقد ان مصيرى سيكون طعام للقروش
 قال لها بحنان / لا ..هذه حالات نادرة وانا لم احكى لكى لتخافى ولم ادرى بنفسى وانا احكى فقد وجدت نفسى فى حالة من اللاوعى لانك حثتينى على الحديث بصراحة وهذه اول مرة اتحدث مع احد هكذا وهذا لانه وجدتك قريبة منى لا اعرف متى او كيف
 بدات تتنبه لحالتها ومدت يدها ومسحت دموعها وقالت له / انا ايضا لا اعرف لما شعرت بالامان وانت معى فلم اشعر الا وكان اخى هو الذى معى
 ايوب / اعتذر لما اخفتك منه
 مدت يدها على فمه لتمنعه من الاعتذار وقالت/ لا تعتذر وعليك ان تكمل لى ما بداته ولا تتاثر بتاثرى وعليك ان تعذرنى فانا اول مرة اسمع بهذا ولكنى شغوفة بمعرفة دواخلك لانى شغوفة ان اقترب منك اكثر
 نظر لها مليا وقال بهمس لماذا؟
 ليلى / لا اعرف ولكن بداخلى شعور يجعلنى شغوفة لان اتجول داخلك واعرف ما يجول بصدرك وما يهمك ما يسعدك
 ايوب / انا ايضا اريد ان اتوغل داخلك
 ليلى / اذن اكمل ما بدات
 عاد ايوب لمكانه وبداخله طاقة لان يفرغ ما بداخله لها ولكنه لا زال لا يفهم ما حقيقة شعوره تجاهها الذى جعله يريد ان يحكى لها عن كل شىء يخصه
 اما ليلى فكانت على الرغم مما تعانيه من قلق وتوتر مما ينتظرها فى الايام القادمة وعلى الرغم من انها لازالت فى حالة جرح من علاقتها السابقة بطارق والتى قد خلفت لها الشعور بعدم الثقة فى اى رجل الا انها لا تعرف لما شعرت نحوه بالارتياح هل حقا لانه يعاملها بنفس حنان اخيها على
 ام لانها لاول مرة تشعر ان هناك شخص غير اخيها علي يعاملها كانثى ويهتم بها دون ان تكون هى البادئة وهى الخادمة
 بدا ايوب يسترسل فى حديثه / عندما تحرك هذا الربان من مكانه اخذت الرسالة التى كانت مرسلة اليه وقراتها ولكنى صعقت عندما وجدت انها مرسلة من اخر ميناء كنا قد رسينا فيه ووقتها علمت انه يبعث الرسائل الى نفسه فحطمت داخليا لاننى تاكدت من صحة كلامه فهو لم يعد له حتى اى اصدقاء لطول بعده عن الارض
 وماهى الا ايام قليلة الا واذا بنا ننتظر خروجه من غرفته ليوزع علينا الورادى الليلية ولكن غيابه طال فشعرت بارتياب من داخلى وانا الوحيد من بين اصدقائى الذى قررت ان اقتحم عليه غرفته ولا انتظر فى حين ان اصدقائى وجدوا ان الوضع عادى فمن الجائز ان يكون غفله النوم ولكنى كنت اشعر غيرهم بشىء اخر وما ان قتحمت عليه غرفته الا وكانت فجيعتى فقد وجدته فارق الحياة وما هى الا لحظات وكان طعما للقروش
 دمعت عينه ودمعت عينيها فدفن وجهه بين كفيه ولم يعد قادرا على التكمله فكان عليها الدور ان تقترب هى منه وتجثوا امامه ومدت يدها ورفعت وجهه ومسحت دموعه وقالت / لاول مرة اشعر مثلك ان دموع الرجل تؤلمنى اكثر من دموع المراة فهى دموع حارة حقا
 نظر لها وظل صامتا لبرهة ثم مد يده ورفعها من على الارض واجلسها مكانها وقال ان جثيت انا امامك فلا تفعليها انتى فانتى اعلى من ان تجثى امامى
 لم تعرف ما مقدار السعادة التى خالجتها وهى تشعر بدفء حنانه يحيطها وكيف فى كل يوم يرفع من شانها فهذا شعور جديد عليها
 كانت عينيها هى سيدة الموقف وقالت له كل مايشعر به قلبها
 هو ايضا وان كان اقدرمنها على التعبير عن مشاعره الا ان عينيه ايضا قالت لها كل شىء فشعوره نحوها هو ايضا اول مرة يشعر به فبدا ان كلاهما تعامل مع الاخر بتلقائية لان كلاهما كان يحمل قلبا اخضر
 عاود استرساله فى الحديث / من هذا اليوم و بدات اراقب جميع الربابنة والربابنه المساعدين فوجدت ان كلامه كان حقا فى كل حرف فوجدتهم ما بين مصاب بمرض الارق او الاكتئاب نتيجة العزلة التى يعانيها وبين مصاب بالعصب البصرى نتيجة التحديق ببصره فى اجهزة التحكم والرادار وبين مصاب بالتبلد الشعورى حتى وان كان متزوجا وهذا قد اكتشفته عندما كنا سنرسو قريبا من ميناء فاتصل احد زملائى بزوجته ان تقضى معه تلك الاجازة على سطح السفينة هى راسية فرفضت وطلببت ان يقضيهامعها على الارض ليتجولا معا فى الشوارع ويعيشا حياتهما كباقى الازواج فرفض لانه كان على علم تام انه لا يستصيغ حياة التجول بين البشر والزحام وان اذنه لم تعد تتحمل ى ضجيج فقد تعودت على الهدوء حتى انه مجرد اى ضجيج بسيط قد يصيبه بالصمم فرفضت فوجدته لم يشعر باى حزن انها رفضت كما لم يشعر باى فرحه من انها ستقبل ففيما يبدوا ان البعد حقا يولد الجفا
اكتم جراجك لا تخبر بها احدا
ما كان بالبوح تطيب الجراحات
الناس فى الهم غرقى بين مكتئب
وبين مبتسم بزيف ابتسامات
وانت تشكو اليهم ما تكابده
وكلكم فى الاسى ابناء علات

قلب اخضر....للكاتبة رباب عبد الصمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن