" و ماذا يعنِي ذلك؟!"سأل الملِك واضِعاً قدماً على أخرى و مُريحاً ظهره إلى الأريكة ليأخُذ رشفة مِن فنجانِه، واصلَت آشلي:
" إسألها هي! حتّى أنا لم أفهَم عليها، بقِيَت تقُول أشياء مِثل أنّ هذا ليس مكانها و أنّها لا تنتمِي إلى هُنا، أتُصدِّق؟!!".
ختمَت حدِيثها بنبرة غير مُصدِّقة.
لم يستجِب الملِك في البداية و ظلّ ينظُر إلى كايتا بثبات ما وتّرها، سألها فقط ليتأكّد مِن الأمر:" هل هذا صحِيح، كاي؟".
لم ترفَع كايتا نظرها عن الأرض و بقيَت تلعَب بأصابِع كفّيها بتوتُّر ظاهِر، ماذا ستكُون ردّة فِعل الملِك إن أكّدَت له كلام آشلي؟ هل سيعتبِر هذا تمرُّداً أم أنّه سغضَب أو يحزَن؟ و لِمَ اختارَت آشلي قول هذا الكلام أمام الغرِيب؟!!
في النّهاية تنهّدَت باستِسلام لتقُول مُستعِدّة لأي ردّة فِعل:" حسناً..نعم، أعني أحياناً، الأمر هو..لا أدري حقّاً ما أقُول".
لحظة مِن الصّمتِ بين نظرات آشلي المُنزعِجة و سكُوت الملِك و عدم إتيان نيغولاس بأي حركة تُوحِي بأنّه حي حتى، نظر إليها ملِيّاً حتّى طال انتِظار آشلي له كي يقُوم بتأنيبِها، لكِنّه فقط ابتسم، ابتسامته المعهُودة حتّى برقَت عيناه، و لوهلة نسِي نِقاشه في فترة ما بعد الظُّهر، لم تُصدِّق كايتا عينيها، تعلَم جيّداً أن ابتِسامته هذه لا تعنِي أنّه مُستاء أو غاضِب، آشلي لم يُعجِبها الأمر.
" ماذا يجعلُكِ تشعُرِين هكذا؟" سأل الملِك بنبرة هادئة لا تحمِل أيّ لوم، هدأَت كايتا قلِيلا و استرخَت لتقُول بنبرة خافِتة:
" لا أدرِي حقّاً ما أقُول، إنّه فقط شُعُور مُبهم يعترِيني أنّي لا أنتمِي إلى هُنا".
لم تزُل ابتِسامة الملِك بل تحوّلت لأخرى مُتعاطِفة، و لقد كان سيتحدّث لولا أن قاطعه صوت آخِر شخص توقّعوه أن يتحدّث تِلك الليلة:
" الانتِماء لا يكُون للأماكِن بل للأشخاص" قال بهُدُوء و نظره موجّه إلى كايتا، كانَت تِلك أوّل مرّة تسمع فيها صوته، صوت هادِئ مع بحّة خفِيفة، احتدّت نظرات كايتا لتقُول و قد بدا أن توتُّرها قد زال تماماً:
" مُثِير سماع هذا مِن قومٍ لا يكادُون يُغادِرون أراضِيهم!" قالت بسُخرية لاذِعة، لم يُظهر نيغولاس أي تعبِير و ردّ عليها بآليّة تامّة:
" المكان لا يُشكِّل مُعضِلة كبِيرة بالنِّسبة للعشِيرة، فانتِماء أفراد العشِيرة يكُون لِبعضِهِم و ليس للمكان حيث يعِيشون، و إن كُنتِ تشعُرين بالغُربة فذلِك يعُود للأشخاص مِن حولِكِ و ليس المكان".
لم تُعجِبها نبرة حدِيثه، كيف له أن يتحدّث بهذه الطّريقة إلى شخص لم يُقابِله إلّا صباح اليوم؟!
أنت تقرأ
الرباط الدامي
Mystery / Thriller- ما هو الذي يجعلُنا بَشَراً بِرأيك؟ - لا أدرِي... رُبَّما تِلك التَّناقُضات و الصِّراعات التي نخُوضُها مع أنفسِنا و التي تُحدِّد ما نحن عليه، ففِي نفسِ الشَّخص تجِد الخير و الشَّر، الكُره و الحُب، اليأس و الأمل، السَّعادة و التَّعاسة، الحنِين و ال...