" هل ذاك نيغولاس؟"
" إنّه هو"
دار الحِوار بين فردين من فِرقة الحرس الملكيّ الخاصّة بالملِك كانا مارّين لمُشاهدة التّدريب عن طرِيق شُرفة داخِليّة هي ممرّ بين بابين أعلى القاعة، لم يُلاحِظهُما أحد بعدُ بسبب ما يجري.
" لقد مرّ وقتٌ طويل، أسبُوعان و بضعة أيّام لم أره فيها، لقد بدأت أفتقِده حقّاً!" قال أحدُهما بنبرة مُتأثّرة و هو يقوّس حاجبيه و يضع قبضته على فمِه مُضيّقاً عينيه كأنّه يمنَع نفسه مِن البُكاء، رفِيقه فقط ابتسَم ابتِسامة جانبيّة صغِيرة على تعلِيقه.
" يبدُو أنّهُم يتدرّبون أو ما شابه" قال الأوّل بعد أن انتهَت نوبة تأثُّره و قد اتّكأ على السّياج الخشبيّ بمرفقيه و هو يُتابِع الموقِف باستِمتاع يبرُق من عيونِه الخضراء، لطالما امتلَك ملامِح مرِحة، عكس رفِيقه الذي وقف باستِقامة و هو يُثبّت أنظاره على نيغولاس. امتلَك شعراً بُنّيّاً كرفيقه و عيون بنيّة داكِنة، ملامحُه كانَت أكثر جدّيّة و رزانة.
" معكَ حقّ، فالملِك حاضِر أيضاً" في تلك اللّحظة انتبَه إليهما الملِك ليرفَع رأسه و يبتسِم لهُما، قاما بتحِيّته بذات الابتِسامة ليُومِئ برأسِه.
ازداد حماس بعض المُتدرّبين الأقوياء مِمّن كانوا يجلِسون أرضا يُراقِبون المعركة القصِيرة، وقف عدّة منهم ليتقدّم شابّ آخر فارِع الطّول أشقر الشّعر أعزَل من أيّ سلاح رغم أن مُعظم المُتدرّبين يحمِلون أسلِحة.
" لا بأس أنا أُعطيك أفضلِيّة الهُجوم" قال الشّاب الأشقر بثبات و ابتِسامة صغِيرة فيما يُجهّز قبضتيه للقِتال، لم يُحبّ نيغولاس الأمر، فقبل كُلّ شيء هو ليس شخصاً عدوانِيّاً و لا يُحبّ البدء بالمعارِك، عدا عن هذِه التي أقحمه فيها الملِك، لكِنّه تجاهَل الأمر بتنهِيدة صغِيرة و أنزَل يديه إلى جانبيه ليمشِي بهدوء إلى خصمِه وسط القاعة، لم يبدُ ذلك هجُوماً على أيّ حال، إلّا أنّ مشيه الهادِئ كأن لا شيء أمامه قد استفزّ خصمه بعض الشّيء لكِنّه بقِي ثابِتاً، أخِيراً عِندما وصل نيغولاس إليه رفع يده ليُسدّد لكمة استهدفَت وجهه، كان الشّاب الأشقر مُتحفّزاً لأي حركة مِنه لذا بسُرعة خاطِفة استعمَل يده اليُسرى لصدّ هذه اللّكمة و أخفَض جِذعه ليستدِير بسُرعة مُسدّداً ركلة بعقِب قدمِه إلى رأس نيغولاس استطاع تفاديها بأن أحنى جِذعه للخلف بمُرونة حتّى مرّت تِلك الرّكلة من فوقِه، و دون ذِكر الكثِير من التّفاصِيل قد انتهى المُتدرّب مثل زمِيله.
انكمشَت كايتا على نفسِها في غيظ أكثر و ازدادَت ابتِسامة الملِك اتّساعاً.
" أحسَنت يا صغيري، لم أنتظِر مِنك أداءاً دُون هذا" قال فرد فِرقة الحرس الملكِيّ و قد عادَت نبرتُه شِبه باكِية، تنهّد زميلُه ليقول و قد أعاد عينيه إلى نيغولاس و على وجهه ابتِسامة صغِيرة:
أنت تقرأ
الرباط الدامي
Mystery / Thriller- ما هو الذي يجعلُنا بَشَراً بِرأيك؟ - لا أدرِي... رُبَّما تِلك التَّناقُضات و الصِّراعات التي نخُوضُها مع أنفسِنا و التي تُحدِّد ما نحن عليه، ففِي نفسِ الشَّخص تجِد الخير و الشَّر، الكُره و الحُب، اليأس و الأمل، السَّعادة و التَّعاسة، الحنِين و ال...