في قاع جلوسِها، جلست كايتا بسكون لا يشي بمدى توتّرها، ألقت نظرة على السّاعة القائمة في ركن القاعة و قد كانت تشير إلى الثّامنة مساءً، كانت تنتظر السيّدة آنار وحدها و قد حضّرَت بعض الأسئلة سلفاً.
نيغولاس لم يكن موجوداً بعد أن انصرَف عنها فجأة في منتصف طريقها لجناحها قائلا أن لديه بعض الأمور لإنجازِها ليتركها وحدها، لا تعلم حتّى كيف ستبدأ حديثها و كيف ستكون وحدها في مواجهة السيّدة آنار، طُرِق الباب ثلاثاً لتدخُل منه السيّدة آنار و تقف باستِقامة مُخاطِبة إيّاها:
" مساء الخير، سموّكِ، طلبتِني؟"
نهضَت كايتا عن مجلِسها دون أن تزيح عينيها عن السيّدة آنار، ابتعدَت بضع خطوات عن الكرسيّ و هي تقول:" أجل سيّدة آنار لقد طلبتكِ، تفضّلي بالجلوس!" أشارت إلى الكراسي حول المنضدة التي ابتعدَت عنها.
" أشكركِ سموّكِ، لكن أفضّل الوقوف.."
" تفضّلي بالجلوس، سيّدة آنار!" قالت بنبرة شِبه آمِرة هذه المرّة، بعد فترة من الصّمت انصاعَت السيّدة آنار لتجلِس بظهر مستقيم على أحد الكراسي، سارت كايتا بعيداً عنها أكثر فهي تريد الحِفاظ على المسافة الآمِنة بينهما، و كي تعطي نفسها فرصة لترتيب أفكارها.
" لديّ ما أريد معرفته منكِ لذا أعتقد أن جلستنا ستطول و من الأفضل أن تجلسي" كانت تحاوِل المماطلة إلى حين ظهور نيغولاس لدعمها قليلا، لكن عندما بدا أنه لن يظهر قريباً و عندما بدأ الصّمت يصبح ثقيلا قرّرَت كايتا أن تبتدئ الحديث أخيراً:
" سيّدة آنار، أريد معرفة ماذا يجري" بحزم أخبرتها و هي تقابلها من على بعد أربعة أمتار، لقد وضعت في اعتِبارها أن السيّدة آنار تعرف سلفاً بعلمها ببعض الأشياء بما أنها لمّحَت لذلك سلفاً، لذا لا داعي للتّظاهر و التّمثيل بعد الآن.
" معرفة ما يجري، سموّكِ؟"
تريد ادّعاء الغباء، هتفَت كايتا بنفاد صبر:
" تعلمين عن ماذا أتحدّث، لا داعي للتّغابي سيّدة آنار!، ما موضوع مجلِس الوصاية ذاك و ما أمر نقلي إلى وصاية الحاكِم جوزيف و لماذا؟!"
بعد فترة من الصّمت تحدّثَت السيّدة آنار بنبرة يغشاها الحماس و الحزم معاً:
" صاحبةالسموّ، لا داعي للقلق و التوجُّس فأنتِ في رعاية المجلِس الأعظم حتّى من قبل أن تولدي، و سوف تنتقلين إلى الرّعاية الرّشيدة للحاكم جوزيف ماكنمارا بعد احتِفال المرور الذي ستصلين فيه للكمال، و ستعاد تنشئتكِ من جديد و تهيأتك للحكم و لتصيري الأداة المقدّسة للحكماء للوصول للكمال المنشود"
إحتدّت عينا كايتا للحظة لتُعلِمها:
" سيّدة آنار، أنتِ لم تجيبي على أسئلتي"
أنت تقرأ
الرباط الدامي
Mystery / Thriller- ما هو الذي يجعلُنا بَشَراً بِرأيك؟ - لا أدرِي... رُبَّما تِلك التَّناقُضات و الصِّراعات التي نخُوضُها مع أنفسِنا و التي تُحدِّد ما نحن عليه، ففِي نفسِ الشَّخص تجِد الخير و الشَّر، الكُره و الحُب، اليأس و الأمل، السَّعادة و التَّعاسة، الحنِين و ال...