'بالتّأكيد ستنقلِب حياتك رأساً على عقِب، كيف تتأكّد أنك على قيد الحياة إذاً؟!'
" مُذهِل!..إنّه من إليغانس!" همسَت آشلي بذهول ليظهر الاستِغراب على وجه كايتا فلا مُبرّر لهذا الانبهار الغريب.وقف الملِك أمامهما براحة و ابتِسامة واسِعة، نظر إليهما ليروِي عينيه بتِلك العيون المُتلهّفة التي تُشبه عينيه.
" كيف حالكُما صغيرتي الجميلتين؟". قطع الملك منافسة التّحديق بنبرة رسمِيّة، أحنَت كل من الفتاتين رأسها في تحِيّة لائِقة، أمرٌ جعل الملِك يهز رأسه مع ابتِسامة جانبيّة ساخرة ليُردِف بعدها بنبرة مُتذمّرة أقرب لأن تكُون طفوليّة:
" هكذا تُقابلانني بعد كلّ هذه المُدّة؟!..دعكما من الرّسميّة رجاءاً!".
إنحنى إليهما مُبتسِماً بمرح ليقول و هو يحتضنُهُما معاً:"من هُما صغيرتي الجميلتان؟..أوه أنتما بالطّبع!". ضحكت آشلي و هي تُبادله العِناق في حين همسَت كايتا بانزِعاج مُصطنع: "أبي كفّ عن معاملتنا كالأطفال!".
ضحِك الملِك بشدّة متمتّعاً بهذا الشعور، لقاء من تُحب بعد غياب طويل و الرّغبة في التّشبُّث به لمدة الله وحده أعلم بها. كان ضيف الملِك يُشاهد الموقف دون أن يُبدي أي تعابير، هذه أول يرى الملِك بين أفراد عائلتِه، لم يره يوماً متحمِّساً بهذا القدر لمُقابلة أحدهِم. لمحَت كايتا تِلك النظرات المصوّبة تجاههم و أشاحَت بعينيها بعيداً.
وخزة ألم أصابَت الملِك ليشرُد قليلا و هو لا يزال متمسِكاً بالفتاتين، سحب نفساً عميقاً ليزفر مُبتعِداً عنهُما و قد استعاد ابتِسامته المعهودة واضِعاً يده على كتف كل منهُما، أجلى حلقه ليقول لهما: " كما تريان لديّ ضيف أقدّمه لكُم، لكن دعونا نرتَح أوّلا".
أمر الملِك باصطحاب الضّيف إلى قاعة الاستِقبال و اتّجه هو برفقة الفتاتين إلى جناحه الخاص. بقيتا في قاعة الجلوس في حين دخل الملك ليُسلّم على الملِكة بعد غياب أكثر من شهر.
كانت كايتا تجلِس مُريحة ظهرها على الأريكة ممدّدة رجليها باستِرخاء، عكس آشلي التي جلسَت باستِقامة و لباقة و قد أزعجتها طريقة كايتا في الجُلُوس. ما زال اليوم هادِءاً و الجوّ باعِث على الاستِرخاء، عاد إليها الملِك بعد أن كادَت كايتا تغفُو للمرّة الثانية ذاك اليوم بانتِظارِه.
" أليس عليك أن ترتاح؟" سألت كايتا الملك الذي اتّجه ليجلِس على طرف إحدى الأرائِك القرمزيّة مريحاً ظهره و مُغمِضاً عينيه باستِرخاء.
" أُفضّل قضاء قليل من الوقت معكُما" قال الملِك.
امتلَك عيوناً شديدة الزُّرقة كأفراد عائلتِه، دائِماً يُمكن للمرء ملاحظة ذلك البريق في عينيه حين يبتسِم فرغم الهيبة التي تبدو عليه إلا أنه يمتلِك بعض المرح، يزيّن ذقنه لحية خفيفة لا يُزعج نفسه بترتيبها، حاجبان بنيّان كثيفان و شعر بنّي فاتح متموّج قليلا يصل لمُنتصف عُنقه، رغم أنها ابنه أخيه إلا أنه يمكن ملاحظة الشّبه العائليّ بينه و بين آشلي، كذلك الأمر بالنّسبة لكايتا.
أنت تقرأ
الرباط الدامي
Mystery / Thriller- ما هو الذي يجعلُنا بَشَراً بِرأيك؟ - لا أدرِي... رُبَّما تِلك التَّناقُضات و الصِّراعات التي نخُوضُها مع أنفسِنا و التي تُحدِّد ما نحن عليه، ففِي نفسِ الشَّخص تجِد الخير و الشَّر، الكُره و الحُب، اليأس و الأمل، السَّعادة و التَّعاسة، الحنِين و ال...