نتائج الرواية المثلية

8K 181 2.5K
                                    

لطالما كان الإنسان مخلوقا فريدا لكثرة اختلافاته، إذ يستحيل أن يكون للفرد شبيه مطابق له، وهذا التنوع الكبير كان سبب هذا الثراء الثقافي الذي نشهده اليوم على سطح الكوكب.

وبقدر ما في الإنسان من اختلاف، تتقاطع بعض صفاته مع الآخر فتجعله وحسب هذه المعايير الدقيقة يشعر نحوه بالانتماء. فإن قلنا السود مثلا سيهتز ذوي البشرة السوداء كأنهم قوم واحد، وإن قلنا المسلمين فسيصطف كل معتنقي الإسلام في صف واحد لتسقط عندها فوارق العرق المميز وإن قلنا المثليين فسينقسم سكان الكوكب فجأة وبكل تشعباتهم وخلافاتهم إلى صفين متناقضين: مثليون ومغايرون، مناصرون ومعادون!

في قلب عالمنا العربي ذي الأغلبية المسلمة وباسم  الدين الكريم والمعروف الاجتماعي أحيانا نحن نغلق كل أبواب الحياة أمام هذه الفئة من البشر بل ونعتقد وبتشدد أن هؤلاء المثليون أناس خارجون عن الفطرة.. ولكن هل سبق وطرحنا ذاك السؤال المقلق وبشكل جدي، مالذي يجعل الإنسان يكون مثليا حقا؟ إن كان اختيارا كما يظن البعض فما السبب الذي قد يدفع إنسانا طبيعيا لاختيار هكذا حياة؟ وإن لم يكن اختيارا وهو الجواب الأصح من الناحية العلمية إذا فإن سؤالا آخر يطرح نفسه بنفسه، كيف يرى هذا الإنسان المثلي العالم؟ بل كيف يفكر وكيف ينظر وكيف يحس تجاه الأشياء وتجاه الحياة التي نسميها طبيعية.. وما نحن في نظره؟ خارجون عن الفطرة؟ تلك الفطرة المغايرة التي لا يتقبلها من الزاوية التي يطل منها على العالم؟ والأصعب من كل هذا، كيف يتحمل وحيدا كل هذه المشقة وهو يشعر يوميا وبشكل مستمر أنه يتنفس هواء لم يخلق لرئتيه لأنه ومن دون أن يدرك الأسباب التي جعلته يقف هناك حتى.. يجد أنه منبوذ.

لقد وجد الدين كي ينظم الحياة ووجدت الكتب السماوية كي تمثل وحدها صوت الله على الأرض ولكن الأدب والكتابة وجدوا لغرض مغاير تماما، لم يوجد الأدب ليضع قواعد جديدة للحياة إطلاقا إنما كي يكون صوت الإنسان بكل ما يتعلق به من أفكار على هذه الأرض!

وبما أن المثلية الجنسية قضية إنسانية بحتة بغض النظر عن وجهة نظر الدين وداعميها ورافضيها، قضية متعددة الأوجه ونقطة جدلية عميقة دسمة، لابد للأدب من احتواءها كي نرى الإنسان كاملا في كل تجلياته، لكي نرى من وجهة نظرنا ولكي نرى في آن وجهة نظر الآخر المختلفة، لكي نطلق أحكاما أكثر دقة ولكي لا نجادل بدون قاعدة ثابتة من المعرفة.

إن هدفنا كربيع عربي اليوم أن نسمح لكل القضايا المسكوت عنها بالتنفس، ولكن أن تتنفس ضمن إطار لا يخلو من الأدب، لا يسيء للقضية نفسها ولا يخرج من قبضة الإبداع والفن والأهم أن لا يتم حصر قضية إنسانية متشعبة بهذا القدر في زاوية الكتابات الشهوانية الرديئة وأن يؤدي هذا الأدب وظيفته السامية الأساسية في أن ينقل الإنسان نحو مستويات فكرية أشد تفتحا ورفعة.

هنا وخلال مسابقة أسوة التي قررنا أن تكون شاملة لكل الأفكار الإبداعية، لكي نضع من خلالها ضوابط تنفخ روحا في الكتابات المميزة  ولكي نقاتل في سبيل صناعة أدب عربي ينافس من أجل العالمية كان لابد من تقبل جميع منحنيات الأفكار فلا يتم نبذ فكر مراعاة لقناعات شخصية خاصة أو تقبل أخرى لذات الأسباب، فالأدب هو الكل ونحن هنا نفتح أبوابنا أمام هذا الكل المثير للدهشة!

مسابقة «أسوة» - ٢٠١٨حيث تعيش القصص. اكتشف الآن